ثلاثة أعوام أمضاها الأسير المحرر صلاح الطيطي، من الخليل المحتلة، في "عيادة الرملة" حفرت في ذاكرته عشرات القصص عن جرائم الاحتلال بحق الأسرى المرضى.
في العام 2008 وخلال العدوان على قطاع غزة أصيب صلاح بثلاث رصاصات اخترقت كليتيه وأمعائه، وتركته بكلية واحدة وأمراض مزمنة سترافقه إلى الأبد.
يقول صلاح: "اعتقلني الاحتلال بعد توجهي للمقابلة في مقر المخابرات بمعسكر "غوش عتصيون"، حيث داهمت قوة كبيرة المنزل في شباط 2013 وحطموا محتوياته وكسروا الأبواب ولم أكن متواجدًا بداخله في تلك اللحظة فتركوا لي بلاغًا لمراجعتهم".
ويضيف "بين زنازين عسقلان وعوفر وعتصيون كانت رحلتي مع محققي الاحتلال، الذين لم يعبئوا بوضعي الصحي الصعب، إذ بقيت لساعات طويلة مكبلًا وسط التهديدات والصراخ والشتائم".
"عيادة الرملة" أو "مسلخ الرملة" كما يصر صلاح على وصفها، هي عبارة عن أربع غرف محاطة بالاسلاك الشائكة والجدران العالية، و"المسكنات أو المخدرات" هي العلاج الوحيد لساكنيها من الأسرى المرضى.
ويؤكد "الأوضاع مأساوية في العيادة بشكل لا يوصف ولا يتسع للحديث عنه، وأكبر دليل على ذلك أن عددًا كبيرًا من الأسرى يرفضون الخضوع للعمليات ويختارون البقاء بآلامهم حتى لا يأتوا إلى هناك".
وأضاف الطيطي "من الحالات الصعبة في العيادة ناهض الأقرع من غزة وهو مبتور القدمين، ومعتصم رداد المصاب بالسرطان، وسامي أبو دياك أحد ضحايا الإهمال الطبي حيث تعطلت الكلى عنده وأصيب بالسرطان في الأمعاء، ومنصور موقدي من الأسرى القدامى حيث يحمل أمعائه في كيس جانبي".
الاحتلال لم يكتفِ بسياسة الإهمال الطبي، ولكنه يتبع أسلوبًا جديدًا في التعامل مع الأسرى الجرحى الذين اعتقلوا خلال الانتفاضة الحالية، فقد تعرض العديد منهم للضرب المبرح خلال نقله للمشفى على يد قوات القمع "النحشون" وبدون سبب سوى معاقبتهم على عملياتهم.
وبين أن "الأسرى المرضى يتعرضون لإهمال مزودج ومتعدد، من جانب المؤسسات الحقوقية وبخاصة الصليب الأحمر الذي يكتفي بالزيارة كل ستة شهور وفي بعض الأحيان كل عام، ومن التنظيمات داخل المعتقلات التي لم تستطع تحسين وضعهم رغم كل الاضرابات التي خاضتها".
ومن القصص التي تدل على عمق وحشية إدارة المعتقلات في التعامل مع المرضى، يقول "في أحد المرات أراد الاحتلال نقل الأسير ناهض الأقرع إلى معتقل "إيشل" من أجل الزيارة فأراد السجانون تكبيل قدميه رغم أنهما مبتورتان ولكنه رفض ذلك وبشدة حتى رضخوا له".
وأفرج عن صلاح قبل أسبوع تقريبًا، حيث حمّله الأسرى بالآمهم وآمالهم في حرية قريبة، في ظل الأخبار الواسعة التي تتحدث عن صفقة تبادل بين الاحتلال والمقاومة..