أكثر ما يشغل بال المواطنين في محافظة ومدينة نابلس في الوقت الراهن هي أزمة السير التي باتت تحدث يوميا ولم تعد تقتصر على أيام بعينها.
في الوقت ذاته، لا تجد معظم الحلول التي تطرحها الجهات المختصة قبولا لدى الشارع بشكل عام، وشريحة السائقين على وجه الخصوص.
ليس هذا وحسب، بل أن أزمة السير تكشف عن ضعف بل سوء تنسيق بين المؤسسات الحكومية والأهلية.. وتحديدا بين لجنة السير التي تشرف عليها المحافظة وشرطة المرور من جهة، وبلدية نابلس من جهة أخرى.
غير أن الغضب الأكبر مصبوب على أداء جهاز الشرطة برمته، وشرطة المرور بشكل خاص، وكذلك على أداء دائرة الهندسة والطرق في بلدية نابلس، فضعف بل انعدام تواجد أفراد شرطة المرور على الطرقات، بات أمر يلحظه الصغير قبل الكبير.. كذلك عدم فتح شوارع جديدة، أو الاهتمام بتطوير الطرق الموجودة يوضح عدم قدرة البلدية -التي تعد المؤسسة الخدماتية الأولى- على حل تلك المشكلة والوقوع في فخها.
فمجرد جولة في شوارع المدينة خاصة خلال وقت الذروة صباحا خلال توجه الموظفين والعمال والطلبة لأماكن عملهم ودراستهم، أو ذلك الذي يعقب انتهاء الدوام للطلبة والموظفين بشكل عام.. تلك الجولة تكشف ازدياد رقعة الأزمة المرورية وتكدس السيارات وبطء حركتها.. في معظم الشوارع الرئيسية والفرعية، التي يحاول السائقون سلوكها تجاوزا للازدحام، فيتفاجئون أنهم علقوا في أزمة جديدة.
التخطيط الفاشل
متابعون للأزمة وسلبياتها، أكدوا أن إقدام بلدية نابلس في الحقبة الأولى لغسان الشكعة وتحديدا بين عامي 1999-2004، على إنشاء مجمع تجاري ضخم وسط ميدان الشهداء وتخصيص 6 طوابق للسيارات يعد كارثة بكل ما تحمله الكلمة من معنى.. فبدلا من توزيع السيارات على بقية أحياء المدينة تم جلبها وتجميعها في مكان واحد يشهد اكتظاظ كبيرا في حركة المواطنين والسيارات، ما ضاعف من الأزمة.
أكبر المتضررين
المواطن على اختلاف مكان سكنه وعمله هو أكثر المتضررين من الأزمة المرورية. إذ تقول الطالبة الجامعية هناء حسين من سكان بلدة تقع شرقي نابلس إنها لم تعد تختار محاضرات تبدأ باكرا خشية من عدم القدرة على الوصول في الوقت المحدد.
وتصف لـ"فلسطين الآن" خط سيرها فتقول "أتحرك من قريتي بواسطة مركبة تحمل 7 ركاب.. تسير بشكل طبيعي حتى تصل إلى مدخل مخيم بلاطة.. هناك عشرات السيارات تصطف على الجهتين، ودون أي اهتمام بالقوانين.. ما يتسبب بأزمة كبيرة.. نقطعها بشق الأنفس، فنصل إلى مدخل نابلس وتحديدا ما يعرف بـ"شارع فيصل"، الذي يشق المدينة من وسطها".
الشارع المذكور تمر به يوميا حسب أقل التقديرات نحو 50 ألف سيارة.. لكن لم يحدث عليه أية تطويرات منذ عقود طويلة.. إضافة إلى وجود مئات المحال التجارية وكراجات تصليح السيارات ومنشآت أخرى على جانبيه.. ما يعني أنك لن تستطيع سلوك الطريق بالسهولة المتوقعة.
وتتابع "نصل بشق الأنفس لمجمع البلدية، للركوب إلى الجامعة، لكنك تواجه أزمة ثانية، تتمثل المشكلة بوجود مئات الطلبة والمواطنين ينتظرون دورهم.. لكن أين سيارات السرفيس!! إنها عالقة في الأزمة المرورية بالخارج.. ما يتسبب في تأخري عن محاضراتي في أغلب الأيام".
نقاش "فيسبوكي"
الملف يحوز على غالبية المواضيع المطروحة على مواقع التواصل الاجتماعي، فقد طرح ناشط مجتمعي سؤالا حول أسباب أزمة السير وما الحلول المطروحة!!.
تقول منى -وهي موظفة- "ركبت بسيارة من المجمع الغربي في طريقي لعملي في رام الله، لكننا احتجنا نحو 33 دقيقة حتى نصل إلى شارع القدس شرقا.. وما زلنا طبعا داخل نابلس.. كانت أزمة خانقة جدا.. لم تكن السيارة تمشي تقريبا.. لكن لم أشاهد شرطي مرور واحد ... أين هم وماذا يفعلون".
مشاركة أثارت ردودا من معلقين آخرين.. حيث رد عليها محمد قائلا "أنا اليوم مررت من المنطقة ذاتها، لكن بوقت مختلف. رأيت ٤ من أفراد الشرطة واقفين، لكن للأسف كلهم يلهو بالجوال أو يتحدث به، غير مكترثين للأزمة".
وأضاف "هناك العديد من الخطوات التي تم طرحها، ولكن للأسف عند الجلوس مع الجهات المسؤولة يقفزون إلى حلول إستراتيجية.. أقلها خط سكة الحديد بين نابلس ورام الله، أو إلى عمان - القاهرة"..
خطوات عملية
شاركه الرأي المهندس وائل، قائلاً: "منذ سنوات ونحن نعمل بمساعدة جامعة النجاح على صعيد مدينة نابلس لإيجاد الحلول... كل هذه الاقتراحات لها كل الاحترام، لكن ليس في ظل ظروفنا الراهنة، نحن بحاجة إلى بضع خطوات عملية بسيطة تخفف أكثر من 60% من الأزمة المرورية .. وليس إلى مؤتمرات وجلسات وندوات لا تصمد لأكثر من وقت المؤتمر ذاته".
وأضاف "قدمنا أكثر من مقترح بسيط وعملي ويساهم في تخفيف الأزمة المرورية .. أبسطها تخطيط لشارع فيصل من المقبرة حتى مدرسة الكندي.. ومنع كل المركبات الخاصة من الوقوف على الجهة اليمنى، وزيادة "الدرابزينات" -الحواجز الحديدية- في النقاط الحساسة لمنع قطع المارة الشارع كما شاءوا، بل عليهم اللجوء للمكان المخصص.. وأيضا تفعيل الوعي المجتمعي في احترام الحق بالشارع، وقف تهريب المركبات العمومية والمكاتب إلى داخل مدينة نابلس".
وشارك ثالث برأيه، الذي جاء فيه "في معظم دول العالم تغلق الأماكن المكتظة لكل المركبات ويسمح فقط لوسائل النقل العام بالحركة، ضمن مسلك مخصص للخدمة العامة.. وهذا اقتراح عملي يخدم منطقة مركز المدينة .. الأمر بسيط بحاجة فقط لإرادة المسؤول وصاحب القرار، نحن لا نحتاج لخبراء من الخارج".
وأوضح "الحل أن تزيل البلدية "العداد" من الأرصفة الرئيسية، بالمقابل تمنع الشرطة السيارات من الوقوف في الأماكن المكتظة، ويتعاون الجميع لإيجاد مواقف خاصة بعيدة عن الأزمة.. ما المشكلة أن يسير المواطن 5 أو 7 دقائق ليصل لمكتبه أو محله التجاري وسط نابلس!.
في تعليق آخر يقول صاحبه "الحل بعدد السيارات.. وزارة النقل يجب تحديد حد أدنى لسنة إنتاج السيارات للعمل على الشارع، ويعيدوا التكسيات العمومي لمواقعها السابقة.. والشرطة تقوم بدورها بمخالفة المركبات التي تقف على الرصيف الأحمر والأبيض".
حلول مقترحة
الأستاذ علاء سلام كتب مشاركة، قال فيها "يوميا في نابلس أزمة مرورية خانقة وخصوصا أيام السبت والخميس ولا يوجد حلول غياب شبه كامل لرجال الشرطة من الشوارع، مواقف للسيارات تعمل على تعطيل حركة السير مقابل شواقل قليلة لبلدية نابلس تعمل على زيارة الأزمة الوقوف بشكل مزدوج عند بعض المحلات التجارية في الشوارع الرئيسية من اجل شراء، ولا وجود لرقيب".
وتابع "اقترح زيادة أفراد الشرطة بالشوارع مع العلم أن عدد أفراد الشرطة لا يتناسب مع حجم مدينة نابلس، وكذلك إلغاء الوقوف بالعداد خصوصا في شارع سفيان، وكذلك تطبيق القانون على الجميع وخصوصا الوقوف في الممنوع من الشوارع، ومحاسبة المشاة على قطع الطريق من غير مكانها".
أزمة مزدوجة
وللسائقين رأي حول القضية.. فالسائق أحمد على خط "مخيم العين" يقول "نواجه أزمة سير في شارع سفيان، وذلك بسبب دخول السيارات الخاصة إلى المجمع وكذلك الحال بالنسبة لسيارات المكاتب، وهذا يحتاج إلى عمل منظم من الشرطة والأطراف المعنية".
ومن جهته يقول السائق ناجي إن أزمة الركاب داخل المجمع سببها الأزمة التي تحصل في الشارع، فالسيارات ذات الحجم الكبير تدخل إلى البلد رغم أن هذا الأمر غير مسموح به، إذ لا يوجد رقيب ولا حسيب".
ويبين أن هذه الأزمة تدفع بالسائقين إلى عدم دخول المجمع وتحميل الركاب من الخارج، وهذا يتسبب في قلة عدد السيارات المتواجدة في الداخل وانتظار المواطنين مدة أطول.
أبو محمود يعمل على خط الجبل الجنوبي يقول "الازدحامات المرورية الخانقة وغياب القانون والنظام هما السبب الأساسي في ضعف تقديم الخدمة للركاب، مثلا الذهاب إلى الجبل الجنوبي من مركز المدينة يحتاج إلى 20 دقيقة في حين رحلة العودة تستغرق نصف ساعة وأكثر بسبب الأزمة".
نقيب السائقين في نابلس أمجد الباقة يشرح الأسباب وراء الأزمة الخانفة التي باتت تعاني منها نابلس. مشيرا إلى أنه تم وضع خطة لحل المشكلة بمشاركة المحافظ ورئيس البلدية والغرفة التجارية والشرطة، بهدف إعادة القانون والنظام، لكن الإجراءات والقرارات لم تنفذ..
ويضيف "على البلدية ترتيب الأرصفة لسير المواطنين عليها، بالإضافة إلى عمل ممرات آمنة للمشاة في ظل الأزمة الخانقة".
ويكشف عن عرض قدمته النقابة للجهات المسؤولة يتمثل باستعداد السائقين لارتداء لباس خاص والنزول للميدان لمساعدة أفراد الشرطة لحل المشكلة. كما توجهنا لشركات السيارات لتوفير الدعم والتسهيلات للحصول على سيارات تتسع لستة ركاب، وتلقت النقابة وعودات بتشغيل هذه السيارات.
ويرى الباقة أن الأزمة تعود أيضا لقلة عدد أفراد شرطة المرور وعدم تعاملها بحزم مع المخالفين، وتحديدا من يقفون بصورة مزدوجة في الطرق.