تلفت انتباهك تلك اللوحة التي تتحرك الفكرة داخلها ، وتجذبك وكأنك تسير في ذلك الشارع المرسوم بأبعاده الثلاثة بإبداع الرسمة وظلها ، وتنظر إلى حركة اليدين وهما تدفعان الجدار ، وهبوط الطائرة في مطارها ، هكذا بدت بعض اللوحات الفنية التي رسمها الفنان "العثامنة" داخل غرفته الصغيرة التي احتضنت إبداعه.
الفنان زكريا العثامنة بدأ يخطو خطواته الأولى في رسم لوحات فنية بطريقة الرسم الثلاثي الأبعاد الذي يعتمد على الخداع البصري وجعل الصورة متحركة من خلال الظل ، وهذا التقرير الذي أعده مراسل "فلسطين الآن" يسلط الضوء على هذه الموهبة.
بداية الموهبة
بدأ الفنان زكريا عيسى العثامنة (18 عامًا) من مدينة رفح جنوب قطاع غزة اكتشاف موهبته في الرسم في بداية مرحلته الإعدادية من خلال المدرسة التي لاحظت إبداعه وفتحت له الأبواب للمشاركة في العديد من المسابقات داخل المدرسة وخارجها على مستوى المحافظة.
وقال العثامنة خلال حديثه لمراسل "فلسطين الآن" :"بدأت موهبتي في المرحلة الإعدادية من خلال المدرسة التي حرصت على تنمية مواهبي وتختارني من بين الطلاب لأشارك في مختلف المسابقات" ، مضيفًا: "شاركت في تلك المرحلة في مسابقتين متميزتين على مستوى رفح وحصلت في الأولى على المركز الأول وفي الثانية على المركز الثاني".
وأوضح العثامنة أنه لم هناك اهتمام كبير في موهبة الرسم في مرحلته الثانوية ، إلا أنه شارك في الثانوية العامة في مسابقة على مستوى مدينة رفح تخص وضع الحصار والإغلاق والمعبر الذي يحياه سكان القطاع ، وقدّم لوحة تجسد معاناة المعبر وحصل فيها على المركز الثاني.
وبدأ الفنان العثامنة الذي يدرس هندسة الديكور رسوماته الفنية بأدوات بسيطة جدًا استخدم فيها قلمه ، وقال:"كنت أستخدم الأدوات البسيطة جدًا بقلمي الذي أكتب فيه ثم بقلم الفحم بسعر شيكل واحد ، وصرت أدخل على النت واليوتيوب وأشوف ماذا يفعل الناس وكيف يرسموا ، وأخذت منهم أفكار والأدوات التي يستخدموها وأشتري أدوات من مصروفي الشخصي ، ومرة على مرة صرت أتعرف على أدوات أكثر من خلال النت والأصدقاء".
وتابع بقوله:"رأيت هناك اهتمام من الناس حول موهبتي وبدأوا يلفتوا انتباهي أني بأعرف أرسم ، ويخبروني عندك موهبة ولازم تطور حالك وممكن تصل ، وهذا شجعني إني أبدأ أهتم في الرسم".
وأَضاف:"كل أفراد أسرتي كان يدعموني ماديا ومعنويا ، ويوفروا لي جو الراحة أني أرسم وغرفة خاصة للرسم ، والدي دائما يدعمني ويقول لي استمر وطور من حالك وإن شاء الله بتصل لهدفك الذي تريده".
إبداع رسم ثلاثي الأبعاد
وفيما يخص بداية رسمه بطريقة رسم الثلاثي الأبعاد قال:" كنت أراه على النت ولا أعرف كيف يقوموا فيه ، فحاولت بنفسي أكثر من مرة ونجحت ، وعندما كنت أقوم بتصوير الرسمة التي رسمتها أكتشف أن فيها خداع بصري كبير وتجذب الانتباه والناس ترغب هذا الرسم بشكل كبير أكثر من الرسم العادي".
وأوضح أن رسم الثلاثي الأبعاد شيء مميز وهو عبارة عن خداع بصري ، مشيرًا "أصبحت أستحضر أفكار من عندي وأتخيل الصورة وأحولها ثلاثية أبعاد بطريقتي". ، مؤكدًا:" طبعا الناس دائما يعجبهم الرسم للثلاثي الأبعاد أكثر من الرسم العادي ، لأن الرسم الثلاثي الأبعاد يعطي قيمة جمالية أكثر من الرسم العادي".
واعتبر أنه " نحن بهذا الفن نستخدم طريقة أخرى نتحدى فيها الاحتلال رغم كل الصعاب التي نواجهها ، ورغم كل الظروف التي نحياها وتحيط بنا نحن مستمرين ومن خلال الرسم إن شاء نوصل رسالتنا للعالم العربي والإسلامي والعالم الخارجي".
رسائل لوحات
آخر لوحة رسمها زكريا كانت في بداية عام 2016 وهي عبارة عن رجل كبير في السن بتجاعيد كثيرة تحكي هذه التجاعيد حكاية أعوامه التي قضاها ، وقال:" كانت أول رسمة لي في عام 2016 وهي أكثر رسمة بأعتبرها مميزة ووصلت فيها لمرحلة متقدمة".
في إحدى لوحاته رسم العثامنة صورة المجسم الذي وضعته كتائب القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية حماس للدبابة التي أسرت فيها الجندي شآوول آرون وفيها قلادتين لعلامات استفهام ، وقال:" رأيتها في غزة وحولتها من مجسم لرسمة ثلاثي أبعاد وبخداع التصوير ،
و هذه الرسمة رسالتها دعم للمقاومة وأن الأسرى سيتحررون قريبًا".
وفي لوحة أخرى ضمن لوحاته التي تحيط به في غرفته رسم فيها جهاز جوال يقيد يدًا بسلسلة ، عبّر العثامنة عنها بقوله:"أننا لو نمسك المصحف كما نمسك الجوال لامتلأت الجنة".
وشارك العثامنة في عدة مسابقات على مستوى مدينة وكذلك معرض أقيمت لفنانين ورسامين كان آخرها معرضًا أقيم في مدينة غزة نصرة لانتفاضة القدس والضفة ، وقال:" إن شاء الله أطمح أن أصل إلى مراحل متقدمة ومتطورة من هذا الفن ، وبدعم الأهل والأصدقاء والمؤسسات التي تهتم بهذا الفن ، أطمح أن أمثل بلدي".
وختم حديثه بقوله:"الناس هم أكبر حافز وداعم لرسوماتي ، ولولا الناس لكان نحن لا نصل لهذه المراحل خاصة الأصدقاء والمقربين ، وبدعهم إن شاء بأصل ، وطبعا الناس دايما يعجبهم الرسم الثلاثي الأبعاد أكثر من الرسم العادي".