في الوضع الطبيعي يحتاج الطالب أربع سنوات لإنهاء دراسته الجامعية والحصول على درجة البكالوريوس، لكن بما أنك تعيش في فلسطين فإنك بالتأكيد تعيش وضعاً استثنائياً؛ فمثلا ليس غريبا أن تجلس في مقعدك الدراسي وزميلك قد دخل عامه الدراسي الثامن.
الأمثلة على ذلك كثيرة في ظل استهداف الاحتلال لطلبة الجامعات الفلسطينية بالاعتقال، خاصة خلال الانتفاضة الحالية التي كان للجامعات الفلسطينية دور فيها تمثل في حشد الشبان للتوجه إلى نقاط التماس المنتشرة في أنحاء الضفة.
وكان لجامعة النجاح نصيبها من هذه الاعتقالات؛ التي كان آخرها اعتقال طالبين من قسم الإذاعة والتلفزيون في الجامعة وهما همام عتيلي (23 عاما) وحمزة الصافي (23 عاما) من طولكرم، حيث اعتقلهما الاحتلال بعد مداهمة منزلهما ليلاً.
الطالب همام تأخر عن تخرجه عاماً على الأقل بفعل اعتقال الاحتلال المتكرر له، فهذا الاعتقال هو الثالث في حياته، إذ اعتقل للمرة الأولى وأفرج عنه بعد فترة التحقيق، ثم اعتقل للمرة الثانية لثمانية أشهر.
ويقول شقيقه ليث إن "هم همام كان إنهاء دراسته لأنه تأخر كثيرا عن موعد تخرجه، لكن وقبل تخرجه بأيام تم اعتقاله ليتأخر تخرجه إلى أجل غير مسمى، حيث بقي له امتحانان عند اعتقاله".
أما حمزة فقد كان هذا الاعتقال هو الثاني له في سجون الاحتلال، ففي المرة الأولى حكم عليه بالسجن ثمانية أشهر حرمته من إكمال دراسته طيلة هذه الفترة، ما أدى لتأخره سنة كاملة عن موعد تخرجه المفترض.
آثار مدمرة
أستاذ الإعلام في جامعة النجاح فريد أبو ضهير -الذي درّس همام وحمزة-، علق على استهداف الطلاب قائلا، إن الاحتلال لا يميز بين طالب أو عامل أو موظف أو طبيب، فالشعب الفلسطيني كله مستهدف.
وأضاف أبو ضهير، "الشباب مستهدفون بشكل أكبر؛ لأنهم عنوان المواجهة والتصدي ولأن الشعوب والأوطان لا تقوم إلا بالشباب والاحتلال يعي خطورة الشباب على وجوده، ويزداد استهداف الشباب عندما يكونون متعلمين ومثقفين لما لديهم من وعي حول مخططات الاحتلال وأهدافه".
ويوضح أبو ضهير، أن الاعتقال يترك آثارا صعبة على نفسية الطالب الجامعي، ونتائج مدمرة على مستقبله وحياته، مضيفا، "الطالب يشعر أن الزمن يسير وهو معتقل ويرى زملاءه الذين رافقوه في الدراسة تخرجوا وعملوا وتزوجوا، في حين تأخر هو عن التخرج بسبب الاعتقال وبالتالي ينعكس ذلك على تحصيله العلمي".
لكن ليث شقيق همام يرى أن تأثير الاعتقال على شقيقه نفسيا سيكون إيجابيا وعكس ما سبق ذكره، ويقول، "أنا متأكد إن الاعتقال رح يزيد بمبادئه وأفكاره"، وهو ما أكده أمين حلبوني صديق الأسير حمزة قائلا، "حمزة سيكمل ما بدأه رغم كل العراقيل، أعرف حمزة جيداً وأعلم تحديه للمصاعب وقوته ودبلوماسيته في اتخاذ حلول لمشاكله".
مشروع التخرج
وجاء اعتقال همام بعد أيام من مناقشة مشروع تخرجه الذي كان فلما وثائقيا يروي قصة الأسير المقعد عدنان حمارشة وزوجته ريم مع الاعتقال، وقد حضرت ريم المناقشة فيما حال اعتقال حمارشة مجددا قبل أيام من المناقشة دون حضوره لهذا العرض.
ويقول ليث، إن معاناة شقيقه بسبب الاعتقالات المتكررة هي ما دفعته لصناعة فيلم يوثق إحدى قصص المعاناة في سجون الاحتلال.
ويعلق أبو ضهير على ذلك بقوله، "الاحتلال غالبا ما يربط أعمال الطلبة الإعلامية بالواقع الأمني والسياسي، ويدرك أن إنجاز الطلبة لمواد إعلامية من شأنها أن ترفع مستوى الوعي لدى المواطنين حول سياسات الاحتلال".
ولا يستغرب أبو ضهير استهداف الاحتلال للإعلاميين سواء كانوا عاملين أو طلبة، قائلا، إن "ديدن الاحتلال هو محاربة الرأي والكلمة والموقف".
همام وحمزة دخلا الجامعة سوياً ودرسا في قاعة دراسية واحدة والآن يقبعان معاً في مركز تحقيق الجلمة، وإن أفرج عنهما بأقل الأضرار فسيكون كل منهما قد تأخر عاماً واحداً على الأقل عن الموعد المحدد لحصوله على شهادة البكالوريوس.