على عكس المتوقع، لم يُصدم الشارع الفلسطيني من اعتقال أحد الموظفين بدائرة شؤون المفاوضات الفلسطينية التي يديرها صائب عريقات، بتهمة التخابر مع الاحتلال الإسرائيلي.
فرغم أن مواقع التواصل الاجتماعي اشتعلت بمئات التعليقات حول الموضوع، لكنها بغالبيتها العظمى أشارت إلى أن ذلك كان متوقعا، وأن الشبهة أصلا تدور حوله منذ سنوات حين كشفت الجزيرة قصصا مشابهة ووثائق مسربة.
كما أن تعليقات أخرى تناولت الموضوع بشيء من الفكاهة والتندر، خاصة في ظل التنسيق الأمني، وتبادل المعلومات العلني بين السلطة والاحتلال.
في حين حاول البعض إظهار الأمر، وكأنه إنجاز فلسطيني يحسب لجهاز المخابرات، الذي يديره ماجد فرج صاحب السمعة السيئة بعلاقاته الإسرائيلية والأمريكية أيضا.
المعتقل الذي اعترف بتسريبه المعلومات والأفكار التي كان المفاوضون الفلسطينيون يعدونها، قبل جلسات التفاوض مع الإسرائيليين، مرتبط مع الاحتلال منذ 20 عاما.
وتُشير التقديرات الأولية للمُحللين السياسيين أن الكشف عن "العميل" في هذا التوقيت الضيق بظروفه ما هو إلا جزءًا من الحرب الدائرة، خلف الكواليس، بين المُهتمين بأن يخلفوا الرئيس محمود عباس، وإحراج عريقات وإظهاره كأنه "مُتعاون" مع الكيان.
وكانت صحيفة ذا أستراليان (The Australian) الاسترالية كشفت مؤخرا، أن لدى الجيش الإسرائيلي نحو (20) ألف جاسوس فلسطيني مدفوع الأجر، يعملون كمخبرين لصالح دولة الكيان في الضفة الغربية وحدها. ولفتت الصحيفة خلال مقابلة أجرتها مع ضباط أمنيين صهاينة إلى أن قيادة الجيش تزعم معرفتها بتفصيل كل كيلومتر واحد في الضفة الغربية بفضل منظومتها الأمنية المتطورة.
تعليقات الصحفيين
كثير من الزملاء الصحفيين في الضفة الغربية علقوا على الموضوع: إذ كتب المذيع (Ameed Sami H. Dwaikat) قائلا: فيما يتعلق بجاسوس مكتب شؤون المفاوضات: قبل عده سنوات سربت وثائق لقناة الجزيرة من مكتب الدكتور #صائب_عريقات ، وسبق ذلك بسنوات اغتيل الرئيس #أبو_عمار بالسم وفقا لما يعلن من جهات فلسطينية رسمية، وقبل ذلك بسنوات اغتيل #صلاح_خلف "أبو إياد" عن طريق جاسوس أيضا وفق ما أعلن في حينه.. عمليات اغتيال عديدة بل عشرات أن لم تكن المئات من عمليات الاغتيال والخروقات لقادة الثورة الفلسطينية والسلطة من أجهزة مخابرات الاحتلال!!".
وتساءل "السؤال الذي يطرح دائما، هل سبق أن استخلصنا العبر من أي تجربة من التجارب السابقة الذي دفعنا ثمنا باهضا لها!!، هل قيمنا هذه التجارب الأليمة وعملنا على عدم تكرارها؟؟ أم أننا بقينا نراوح مكاننا!!!".
وأضاف "أيام وسيقفل هذا الملف كما قفلت ملفات كثير وسواء عوقب المذنب أم لم يعاقب، لم نتعلم من تجاربنا السابقة ولم نستخلص العبر التي يمكن أن تمنع التكرار..".
وختم "قبل عدة سنوات حين سربت الوثائق لقناة الجزيرة قدم الدكتور صائب عريقات استقالته وبقي مكانه ورقيا، فماذا سيحصل بعد هذه الفضيحة الإخفاق الأمني الكبير؟!".
دبوس خيانة
أما الصحفي (Ali Daraghmeh)، فكتب: دبوس ... البلد إلي بخونها ابنها بتكون خلفت ولد عاق لامه.
شو اسمه الجاسوس - تبع 20 سنه مفاوضات؟ ..يعني كبير بالعمر!! مش ولد طايش.
عناوين خبر الجاسوس تبع دائرة المفاوضات ... كل وكالة أنباء بتراعي بجماعتها وخايفة على المشاعر ..ههههههه .
كل الاحترام للمخابرات هذا النجاح حتى لو كان متأخر لكن كيف؟
بدنا نعرف شو اسمه وشو كشف وكيف خرب على أبو علي ؟ وقديش قبض ثمن فلسطين ؟؟..وشو وضعه وين ساكن ؟..وين محبوس ؟ بس ابن مين مش مهم .. لقوله تعالى "ولا تزر وازرة وزر أخرى ثم إلى ربكم مرجعكم".
مدير راديو 24 أف أم (Ehab Al-Jariri)، قال: "طيب أنا شو بدي أحكي الصبح وطلع في بالبلد جاسوس ووين؟! يا حسرتنا". لكنه استدرك في مشاركة أخرى وكتب: "خلص خلص بكفي حكي عالفاضي، ما بنصدق بقصة نحكي فيها، يا الهي شو بنحب النميمة، هي عريقات بنفي انو في بمكتبو جاسوس والدليل انو مديرة المكتب امرأة. الله يطمنك ويهدي بالك مثل ما طمنتنا وهديت بالنا، هيك بتطمن وبروح أنام بعمق".
الصحفي نواف العامر، علق قائلا "مهما كان موقع الموظف المعتقل في مكتب دكتور عريقات بتهمة التجسس الذي يعمل منذ 20 سنة، على عريقات أن يقدم استقالته أن لم يكن يطمح للرئاسة.. ربما يسهم الحدث في المزيد من التلميع وتسريع الخطى نحو طموحه في الرئاسة، الله يطول عمرك دكتور أبو علي".
أما الزميلة جيهان عوض: فكتبت: "الخطاب القادم.. مرحلة مفاوضات ما بعد الجاسوس".
جهد مشكور
في حين حاول بعض الزملاء الدفاع عما جرى، وتصوير الأمر وكأنه إنجاز يحسب للسلطة.
فكتب الصحفي بشار دراغمة، المشاركة التالية: (في قصة جاسوس المفاوضات: الموضوع غير مثير للدهشة، فهذا احتلال وبالتأكيد سيسعى لزرع أعوانه في كل مكان، حتى أنه زرع عملاء في الولايات المتحدة ولنا في قصة جوناثان بولارد خير مثال".
وذكر بعض الملاحظات السريعة، وهي:
* لولا نظافة وصدق المفاوضين الفلسطينيين لما لجأت إسرائيل لمحاولة التجسس عليهم.
* جهود مشكورة قامت بها الأجهزة الأمنية للكشف عن المتعاون مع الاحتلال وعدم "طمطمة الموضوع" حتى لو كان المتورط موظفا كبيرا ام صغيرا، فهذا انجاز يسجل للأمن الفلسطيني ويؤكد أن البوصلة هي دوما نحو فلسطين.
* المفترض هو الثناء على دور الأمن والقيادة في كشف الموضوع وليس العكس.
وشاركه الموقف ولو بشكل مغاير نسبيا المذيع عمر عفانة. إذ حاول أن يتوقع ماذا يمكن أن تعلق المصادر الأمنية الفلسطينية على الحدث الجلل. فكتب: "بعد أن تم تأكيد خبر اعتقال "جاسوس مدسوس" في دائرة المفاوضات، لدواع أمنية لن يتم الكشف عن التفاصيل حتى يتم استكمال التحقيق،، مصدر أمني".
"مصدر أمني آخر: جوال مرحبا لا يمكن الوصول للرقم المطلوب حاليا"، في دلالة على التهرب من الرد.
وتابع "خلاصة القول: طالما يوجد احتلال فمن الطبيعي أن يزرع جواسيس.. جهاز المخابرات العامة تسلم الأيادي".
بعض المتابعين للملف السياسي كان له رأي أخر.
فكتب المسئول الإعلامي لوزارة الصحة د. طريف عاشور بوست مقتضبا جاء فيه: "عند اختياركم أعضاء في مكاتبكم، يجب أن يكون اختياركم صائب، يا صائب".
أما Ghassan Ahmad Hamdan، وهو سياسي بارز في نابلس فكتب: (عمار يا بلد.. من عشرين سنة جاسوس. اليوم بس كشفوه. دورو اكتر لأنو حالتنا بتحزن واللي ضايل مش مطول يضيع).
مسيرة كفاحية
الأسير المحرر محمد حمادة من غزة، فكتب مستهزئا: (فيما يتعلق بالانجاز العظيم الذي حققته الأجهزة الأمنية في الضفة باعتقال موظف في مكتب صائب عريقات على خلفية عماله للكيان الصهيوني لمدة عشرين عاما.
السؤال!! هل صائب عريقات سيتفاجأ الآن ويقول ااااه مشان هيك ما زبطت معنا المفاوضات حتى الآن.. لأن أسرارنا طلعت عند العدو.. وبما أننا اكتشفنا العميل فسوف ننطلق الآن -على نظاف- نحو مسيرة كفاح نضالية تفاوضية سنمرغ أنف إسرائيل في التراب. أو ربما يتم البحث عن كبش فداء ترمى عليه كل تخبيصات المرحلة، ويجهز عريقات نفسه لوراثة أبو مازن".
وتساءل المعارض السياسي للسلطة Hussam Khader، (أين الجديد في الموضوع؟! ما دام الجميع بيعمل عند الاحتلال منشان يرضى عنهم؟؟؟ أين ليفني كي تؤكد الخبر أو تنفيه)، في إشارة منه لما أشيع عن علاقات جنسية بين عريقات وليفني.
