اتهم خبراء ومهتمون بالشأن الفلسطيني، السلطة الفلسطينية الحالية برئاسة محمود عباس أبو مازن بالوقوف وراء ضياع فلسطين، عن طريق التسليم الكامل لأوامر الاحتلال الصهيوني والصمت على عمليات التهويد. واختلف المشاركون في ندوة "مصير السلطة الفلسطينية" التي عقدتها نقابة الصحفيين مساء اليوم حول الموقف الذي يجب اتخاذه لمواجهة المواقف المتخاذلة لسلطة أبو مازن، وطالب بعضهم بحلها وتشكيل شكل مؤسسي لإدارة البلاد، ورفض آخرون ذلك نظرًا لحالة الفراغ السياسي التي ستشهدها فلسطين في وقت حرج خلال مراحل صراعها مع الكيان الصهيوني. من جانبه، أوضح د. تيسير التميمي قاضي قضاة فلسطين، أن السلطة الفلسطينية في مأزق؛ لأن معيار السلطة وتقدم الشعب الفلسطيني في مقاومة الاحتلال هو حماية القدس والمسجد الأقصى المهدد بالهدم والانهيار، مضيفًا أنه كان من المفترض أن تتحول السلطة الفلسطينية لدولة حقيقية وهو ما لم يرغب به الكيان الصهيوني. وأكد أن الكيان الصهيوني صادر عشرات آلاف المساحات الشاسعة لمواصلة الاستيطان طبقًا لمخطط الحركة الصهيونية الاستيطانية الاحتلالية، مشيرًا إلى أن المشروع الصهيوني لن يوقف الاستيطان، وادعاءه السلام مع الفلسطينيين وهم كبير. ولفت إلى أن إصلاح السلطة هو الوسيلة الوحيدة لإحيائها حتى لا يكون هناك فراغ سياسي، فطالما الاحتلال جاثم لا بد من توحد الفصائل والقوى الإسلامية، وبعد تحرير فلسطين حينها فقط سيكون للاختلاف مع السلطة الفلسطينية معنى حقيقي، أما الآن فالقدس تضيع والبيوت تدمر، واختلاف ذات البين يعني ضياع فلسطين، وإمكانية إصلاح السلطة واردة. وأشار د. إبراهيم الحمامي الكاتب والباحث في الشأن الفلسطيني، إلى أن دعوات حل السلطة بدأ من 10 سنوات، ليس دعمًا لحركة حماس ولكن حلاًّ لأزمة دولة، فلا يوجد أسوأ من انسداد الأفق السياسي، وتساءل: أين كرامة الشعب الفلسطيني وإرادته من المعادلة؟، وما ضمانات الانتخابات القادمة وعدم اعتقال النواب؟، وماذا لو خرج نائب أو مسئول ليس على هوى الاحتلال هل ستتم محاصرة قطاع آخر غير غزة؟. وأضاف أن القيادتين الصهيونية والفلسطينية غير قادرتين على اتخاذ القرارات المصيرية حول حل السلطة الفلسطينية، مؤكدًا أن الحل الإقليمي هو الأنسب والمطروح عبر النقاش والحوار. وطالب الحمامي، الشعب الفلسطيني والمجتمع المدني بترتيب الأولويات واختيار الأفضل من البدائل وفق المصلحة القومية، لافتًا إلى أن الباحثين الصهاينة ناقشوا إقامة كيان فلسطيني كونفدرالي بين مصر وسوريا، وهو الأمر الذي رفضته الأحزاب الصهيونية الحاكمة والمعارضة؛ لعدم دعم إقامة دولة فلسطينية مستقلة. وأضاف د. حسن نافعة أستاذ العلوم السياسية، أنه منذ إبرام اتفاقية "كامب ديفيد" بدأت كتاباته بكتاب "مصر والصراع العربي الصهيوني"، مؤكدًا أن الكيان الصهيوني أراد إخراج مصر من دائرة صراعها مع العرب، خاصة في الشق العسكري؛ للتفرغ لإنهاء قضية الشعب الفلسطيني وتمزيقه، مضيفًا أن أية اتفاقية لا تتضمن الوقف التام للاستيطان فهي تكريس لسلطة الاحتلال وامتداده للضفة الغربية وتمزيق الشعب وليس حلاًّ القضية. ولفت إلى أن الكيان لم يلتزم بأي اتفاقية دولية لا بعودة اللاجئين أو وقف الاستيطان أو الاعتراف أن القدس الشرقية جزء من الاحتلال، مضيفًا أن القضية ليست حل السلطة أو انهيارها، وإنما القضية هي كيف يستعيد الشعب الفلسطيني أرضه وحقوقه، فإذا كانت السلطة عائقًا فلا بد من إزالته. وطالب بإطار مؤسسي يضم طوائف الشعب الفلسطيني كله، وذلك بعد الإجابة عن سؤال ماذا نريد أن نفعل مع الاحتلال لنقرر هل سنحل السلطة أم لا؟، لافتًا أنه بدون الكفاح المسلح لن يوجد تحرير للشعب الفلسطيني، فإدارة الصراع تحتاج إعادة ترتيب البيت الفلسطيني، ووقوف كلِّ الفصائل وراء هدف التحرير، فبعد الثورات العربية نستطيع ترتيب هذه البيوت جميعًا. وأوضح عبد القادر ياسين المؤرخ الفلسطيني، أنه يتحفظ على حل السلطة؛ لأن العيب في الأداء وليس المؤسسة، مضيفًا أن من لا يستطيع الخروج من بيته لمكتبه سوى بإذن من قوات الاحتلال لن يكون قادرًا على التحرير، فالسلطة عَرض والمرض هو أوسلو. وأكد أن الحل بالمقاومة والرجوع لاستدعاء التحرير على أجندة الفصائل وعدم التغني باسم استعادة فلسطين دون عمل حقيقي، لذلك لاحقوا حركة حماس بالصواريخ والمحاصرة واعتقال نوابها في المجلس التشريعي. وقال د. طارق فهمي رئيس وحدة الدراسات الصهيونية بمركز دراسات الشرق الأوسط: إنه ليس من مصلحة الفلسطينيين البحث عن حلٍّ من طرف واحد، فالمطلوب من العرب والفلسطينيين إعادة تقديم القضية الفلسطينية على الصعيد الدولي مرة أخرى بشكل مختلف، وتساءل: "كيف وصلنا لحالة التدهور مع الأمم المتحدة في الملف الفلسطيني، لافتًا إلى أن المشروع الفلسطيني يجب أن يعيد أوراقه". وأعلن أن نتنياهو موجود اليوم في الولايات المتحدة لوضع آليات جيدة للتعامل مع القضية الفلسطينية بعد التهويد الكامل للقدس، مضيفًا أن القضية الفلسطينية بكاملها يتم تهويدها وليس القدس فقط، ومخطط تهويد القدس طبقًا للمعايير اليهودية ينتهي في 2020م، وما تم حتى الآن هو الكثير. وقال د. فهمي: إن المقاومة الفلسطينية المسلحة متوقفة منذ بداية ربيع الثورات العربية، موضحًا أن أي فصيل سياسي فلسطيني يقوم بعمليات مقاومة ضد الاحتلال سيكون فريسة سهلة له، مشيرًا إلى أن الدول العربية تخلت عند دعم المقاومة الفلسطينية. وأضاف أن الاحتلال قام بممارسة الانتداب بدون وكالة، لافتًا إلى أنه ليس هناك مشكلة في حل السلطة الفلسطينية بالرغم من أنها تتكون من 180 ألف موظف. وأشار د. فهمي إلى أنه كان هناك 1495 عملية مشتركة للتنسيق الأمني بين السلطة الفلسطينية والاحتلال الصهيوني؛ ما ترتب عليه ابتلاع الاحتلال 80% من أراضي الضفة الغربية، وعشرات المعتقلين من عناصر المقاومة الفلسطينية. وأكد محمود أبو الغيط المستشار بمجلس الدولة، أن وجود السلطة الفلسطينية كان بيد صهيونية حتى تقدم للعالم مَن يتحمل مسئولية الشعب الفلسطيني تحت وطأة الاحتلال، فالسلطة مارست الاحتلال على الشعب الفلسطيني بالوكالة من الصهاينة. وأشار إلى أن هناك ملفات خمسة على أجندة القضية الفلسطينية، وهي: المقاومة، التسوية، الحصار، الانقسام، تراجع دعم الدول العربية؛ لتكون النتيجة هي اختزال القضية في الحصار والانقسام، لافتًا إلى أن العدو الصهيوني نجح في اختزال القضية لاستنزاف القوى الفلسطينية وعدم الاستفادة بأجواء الربيع العربي. وأضاف أن خيار حل السلطة إذا اعتبرناه خيارًا جديًّا، نجد أنه سيضع "إسرائيل" في مأزق؛ حيث سيكبدها 12 مليار شيكل تكلفة الاحتلال المباشر في السنة إذا تم حل السلطة، وعلى الصعيد الفتحاوي هناك مصالح قد تتضارب بينها وبين السلطة، وأوضح أن حل السلطة الآن ليس الخيار الأمثل. وأكد أن الاحتلال الصهيوني سعى لوجود السلطة الفلسطينية منذ عام 1968م، ليس حفاظًا على المصالح الفلسطينية ولكن حفاظًا على أمنه، موضحًا أن الاحتلال الإسرائيلي يمارس الاحتلال بوكالة على شعب آخر عن طريق السلطة الفلسطينية.
نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتخصيص تجربتك ، وتحليل أداء موقعنا ، وتقديم المحتوى ذي الصلة (بما في ذلك
الإعلانات). من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على استخدامنا لملفات تعريف الارتباط وفقًا لموقعنا
سياسة ملفات الارتباط.