طالب حقوقيون وإعلاميون بسحب قانون "المجلس الأعلى للإعلام" الذي أُقر مؤخرا بصورة مفاجئة، مطالبين بضرورة عدم نشر القانون في الجريدة الرسمية، وإصدار قرار من الرئيس بسحبه قبل بدء نفاذه، نظرا لما يتضمنه القانون من عيوب وثغرات تنسف جوهر فكرة إنشاء المجلس وتفرغها من محتواها، لما يحتويه من مخالفات أساسية للقانون الأساسي وبنود تشكل مساً بالحريات الصحفية.
جاء هذا خلال، لقاء نظمه المركز الفلسطيني للتنمية والحريات الاعلامية "مدى"، سعيا لتشكيل لوبي ضاغط يضم أوسع عدد من مؤسسات المجتمع المدني، وفي مقدمتها المؤسسات الإعلامية والحقوقية من أجل سحب القانون، لا سيما أنه جاء مغايرا بشكل جوهري للنسخة التي تم العمل عليها على مدار السنوات السابقة.
مدير عام مركز "مدى" موسى الريماوي أكد أن "القانون لا يلبي طموحات شعبنا وإعلامنا، رغم الجهود الكبيرة التي بذلت من الكثير من المؤسسات الأهلية والحكومية لإعداد مسودة تعزز حرية التعبير وتحدث نقلة نوعية في حياة الاعلام الفلسطيني الذي عانى ولا زال من العديد من المشاكل، لعل أبرزها الانتهاكات المتواصلة ضد الصحفيين ووسائل الإعلام".
وأكد أن توقيع فلسطين على العديد من الاتفاقيات الدولية يقتضي موائمة قوانينها مع المعايير الدولية بما فيها قانون المجلس الأعلى للإعلام، بما يعزز استقلاليته وتعدده وحريته.
نسف الفكرة
وأشار الإعلامي والباحث القانوني ماجد العاروري في ورقة قدمها إلى أن القانون جاء تكريسا للسيطرة الحكومية على المجلس، ويتناقض مع الفكرة من إنشاء مجلس أعلى للإعلام كجسم مستقل يعزز استقلالية وسائل الإعلام، ويدفع تجاه تطوير الأداء، مشيرا إلى أن "نصوص القانون الذي أُقر تفرغ المجلس المنشود من محتواه شكلا وأهدافا وآليات عمل".
واستعرض العاروري عددا من أبرز الثغرات التي تقوض الغاية المنشودة من المساعي والجهود التي بذلت على مدار سنوات مضت لإنشاء مجلس أعلى للإعلام، وفي مقدمتها تركيبة المجلس التي تجعل معظم أعضاءه من الحكومة وتبعيته للسلطة التنفيذية، والنص الذي يقول بنقل موظفي وموجودات وزارة الإعلام للمجلس، وعدم الإشارة لحل وزارة الإعلام (ما يبقيها قائمة من الناحية القانونية).
وكذلك تعارض القانون مع القانون الأساسي، حيث جاء في أحد نصوصه بأنه "لا يجوز إنذار وسائل الإعلام أو إغلاقها إلا بموجب أحكام القانون أو بموجب حكم قضائي"، علما أن المادة 27 من القانون الأساسي حظرت أي رقابة إلا "وفقا للقانون وبموجب حكم قضائي".