ملأت المياه أكثر من نصف جسده وهو يحاول جاهدًا أن ينقذ ما ينقذه من آلاف الأعداد من الدجاج الذي غرق في مزرعته وغدا كالأسماك في جوفها ولكنها لا تتنفس، أو يحمي آلاف الأطباق من البيض بعدما غمرتها المياه ولكن دون جدوى إلا من القليل القليل، هكذا بدت المعاناة في مزرعة "الشاعر" لتربية الدواجن في مدينة رفح جراء مياه المنخفض.
على مركب صيد أو ما تسمى "حسكات" تنقل مراسل "فلسطين الآن" بين مزارع المواطنين لتربية الدواجن والمواشي في حي تل السلطان غرب مدينة رفح، فقد غطت كميات الأمطار الكبيرة المكان بأكمله، على سطحها وأطرافها تتجمع الدواجن الميتة، وفي داخل أحواشها غمرت عشرات الأطنان من الأعلاف وأطباق البيض وقتلت بعض المواشي.
خلال لقاء "فلسطين الآن" مع أكثر المتضررين غرب رفح المزارع محمود سعد الله الشاعر صاحب مزرعة لتربية الدواجن أوضح أن مياه الأمطار بدأت تدخل على مزرعته منذ يوم الاثنين الماضي بارتفاع نصف متر.
ويروي:"يوم الثلاثاء اشتد المطر وفي أقل من ربع الساعة إلا المياه بتنفجر علينا من الخطوط ، ولا نعرف هل هي مناهل صرف صحي ولا مياه البحر ولا مياه المطر، وما شفنا إلا كل الخطوط تنفجر علينا والمناهل بتنخلع أغطيتها والمكان بيغرق".
ويتابع بقوله:""قعدنا نناشد حدا يساعدنا يا عالم ، الدجاج كله مات ، حدا يأتي ويخرج الدجاج معنا بدنا وسيلة نقل حتى نخرج الدجاج"، موضحًا أن ارتفاع المياه أمس الثلاثاء وصل سم160، واليوم 130 بعد الشفط ، مشيرًا أن "كل الشفط على الفاضي، وهذه المضخة على الفاضي لا تساوي شيء ، مقابل مناهل تنفجر عليك".
"احنا تدمرنا وانتكبنا" بهذه الكلمات وصف الشاعر مصيبته كما عبر عنها مرارًا، ويكمل حديثه:" صار الدجاج يموت أمامنا، ولا يوجد أي وسيلة نخرجه، 4 طوابق أقفاص الدجاج، الطابقان السفليان انعدمن، والدجاج الذي يهرب من الغرق يرشق مياه ويقتل من الدجاج في الطوابق العلوية".
خسائر بآلاف الدولارات
مزرعة "الشاعر" التي كانت تحتوي على أكثر من 7200 دجاجة نصفها انعدم بالكامل في وقت واحد كما أفاد، مبيناً أن "فلسطين الآن" أن ثمن الدجاجة الواحد 30 شيكل لأنه من الدجاج البياض وليس للحوم.
وذكر أن حوالي من 3400 دجاجة إلى 3500 دجاجة انعدمت مباشرة بقيمة حوالي 80 ألف دولار".
وفيما يخص أطباق البيض بين أنه حوالي 4 آلاف طبق بيض أتلفت ثمنها حوالي 9 آلاف وخمسمائة شيكل ، وقال:"نورد كل 10 أيام 4 آلاف طبق لجمعية الكتاب والسنة في خانيونس ، ولم نلحق سوى 1000 طبق من 6000 كانت موجودة ، عدا عن البيض الذي كان في البيضات وأغلبه نزل في المياه على الأرض".
وغمرت المياه ثمانية أطنان من العلف لم يستنقذ منها سوى طنين ، وتتزايد أعداد الدجاج النافقة كل يوم بسبب البرد ، وقال الشاعر:"تبقى 25 % من الدجاج ، هذا سيموت ، وإذا لم يمت لازم أداويه وأدفع ثمن الدواء ، في النهاية انعدمت ، في جو مثل هذا الإنسان يمرض ، فما بالنا الدجاج ، صباح اليوم 200 دجاجة أخرجتها ماتت من البرد".
"مائة وأربعة آلاف دولار راحن وانعدمن"، هكذا تحدث الشاعر والحزن يملأ فؤاده وعينيه مشيرًا إلى ثمن تكلفة مزرعته التي يشترك فيها مع آخرين، وتعيل ست عائلات تعتاش من المزرعة.
ولم تكن مزرعة "جودة" لتربية العجول والمجاورة لمزرعة "الشاعر" أفضل حالًا، فقد مات ثلاثة عجول وخسر ثمانية بالات قش وأتلفت عنده أطنان كبيرة من الأعلاف، بمجمل خسائر حوالي 9 آلاف دولار كما أوضح صاحبها.
ويقول الشاعر:"كل سنة بتغرق المنطقة ، ولم تكن تصلنا المياه بهذه الكميات ، وهذه المرة كل مطر رفح تجمعت علينا ، مياه رفح كلها تجمعت على النجيلي وتضخ على البركة على الحدود، ولم يجهزوها، ومع ضغط المياه رجعت علينا".
وطالب وزارة الزراعة وبلدية رفح بتعويضه عن خسارته التي تكبدها، وختم بقوله:"نطالب وزارة زراعة وأي أحد يعوضنا مخاسرنا، وهذا الدمار تتحمله شركة الخيسي وبلدية رفح، بدنا حد يعوض مخاسرنا".