في وقت يبحث فيه المدربين واللاعبين عن المال والعقود الضخمة، يبرز المدير الفني الذكي عبد الفتاح عرار (48 عاما)، الذي أصبح أيقونة في التدريب في الفرق الفلسطينية الذي يبحث عن خدمة الأندية المحلية والعمل دون النظر للمقابل المادي فهو لم يوقع عقد في أي فريق أشرف عليه.
أشرف عرار على أندية كثيرة منذ انخراطه في مجال التدريب، فدرب نادي بيت أولا، وخاراس، وأهلي الخليل، وترجي واد النيص، وشباب يطا، وشباب الخضر، وأخيرا شباب الظاهرية، وقاد المنتخب الوطني الأولمبي في استحقاق آسيوي.
عرار الذي ارتبط اسمه كثيرا بترجي واد النيص، الذي قاد لإنجاز تاريخي بالتتويج بدرع دوري المحترفين والمشاركة بشكل مشرف في كأس الاتحاد الآسيوي بأقل الإمكانيات نجح في إبراز التطور الذي طرأ على كرة القدم الفلسطينية، فحقق الفوز الأول للأندية الفلسطينية على أرضها في المسابقات الآسيوية على حساب الشرطة العراقي بهدف المخضرم سميح يوسف.
وكالة "فلسطين الآن" في حوار خاص مع المدرب الوطني عبد الفتاح عرار يكشف فيه عن خبايا مسيرته التدريبية واللحظات الأبرز فيها، وحقيقة عدم توقيعه لأي عقد مع الأندية التي دربها.
لحظات قاسية
أكد المدير الفني لشباب الظاهرية عبد الفتاح عرار، أن مهنة التدريب لا تخلو من الصعوبات فهي معاناة حقيقية حيث أن المدير الفني هو المسؤول الأول والأخير عن الفريق.
وقال عرار في حديثه لـ"فلسطين الآن"، أن أبرز الصعوبات التي واجهته في عمله التدريبي هي التأخر في الحصول على شهادات التصنيف الآسيوية، مبينا أنه مدين للاتحاد الفلسطيني الذي وضع المدربين في فلسطين على الخارطة الآسيوية.
ولفت إلى أن المدرب دائما ما يكون الحلقة الأضعف عندما تتراجع النتائج، فالفوز له ألف أب، ولكن للخسارة أب واحد وهو المدرب وخاصة أمام الجماهير.
وأضاف عرار أن عمل المدرب يعوقه الضائقة المالية للفريق، فعندما يكون هناك التزامات مالية للاعبين لم تدفع بعد وهو ما يضعف المدرب أمام لاعبيه.
وأشار إلى أن المرحلة الانتقالية من الدوري المحلي إلى المنافسات الآسيوية كانت الأصعب في مسيرته، نظراً لقلة الخبرة في هذا الجانب والضغط النفسي والعصبي الذي سيطر عليه خلال التحضير لبطولة كأس الاتحاد الآسيوي.
وكشف عرار أنه مر بفترة عصيبة في نهاية مرحلة الإياب بموسم (2013 - 2014) عندما كان فريقه السابق ترجي واد النيص ينافس على درع الدوري، وكاد أن يخسر واد النيص اللقب في الجولة قبل الأخيرة، وتحديدا في لقاء أهلي الخليل على إستاد الشهيد فيصل الحسيني حيث كان الترجي بحاجة للفوز لحسم اللقب وتأخر في الشوط الأول بهدف للاشيء، ولكن استطاع واد النيص قلب النتيجة والفوز بعشرة لاعبين.
عرار والنيص
وذكر عرار أن النجاح مع ترجي واد النيص كان نتيجة جهد منظومة متكاملة من إدارة ولاعبين وجهاز فني وجماهير، حيث "دخلنا الموسم بخطة مدروسة وكان هناك فترة استعداد كافية وربما هو الموسم الأكثر مثالية لوجود لاعبين تسلحوا بالإصرار والالتزام والانضباط".
وأردف أن الحال ذاته كان في المشاركة بكأس الاتحاد الأسيوي، فقد "قمنا بتعزيز صفوف واد النيص بواقعية ودون مبالغة ووضعنا خطة مثالية تم تطبيقها بحذافيرها وخضنا المنافسة دون خوف وكان هدفنا نقل صورة طيبة عن تطور كرة القدم الفلسطينية وربما تأثرنا فقط بنقص الخبرة، لأنها أول مشاركة لنا مقارنة بفرق المجموعة الثانية التي ضمت الحد البحريني والجزيرة الأردني والشرطة العراقي.
رجل الكلمة
ونوه عرار في حديثه لـ"فلسطين الآن" إلى حقيقة ربما تكون مفقودة في الفترة الحالية في عهد الاحتراف، حيث أنه لم يسبق لعرار أن وقع عقداً مع أي فريق قاده في دوري المحترفين، مبيناً أن الأساس هو في الثقة المتبادلة بينه وبين الأندية حيث أن "الكلمة تكون أشد من حد السيف عند الفلسطينيين".
وقال أنه لم يكن ليتقدم بشكوى ضد أي مؤسسة رياضية للحصول على مستحقاته مهما كانت حتى لو لم يتم تنفيذ الاتفاق بينه وبين أي فريق محلي.
وأشار مدرب الغزلان أن الالتزام الأخلاقي يتعدى حدود كل العقود، مؤكدا أن العلاقة بالأصل ليست مادية وأي شكوى قد تجعلك تخسر أصدقاء ربما لا يقدروا بأي ثمن فلا داعي لها.
اللاعب القدوة
وأكد عرار أنه درب لاعبين كثر كان غالبيتهم مميزين، وسعى دائما لأن تكون العلاقة بينه وبين اللاعبين يكتنفها الاحترام المتبادل وتحقيق الأهداف بعيدا عن أية علاقات شخصية.
وكشف أن المثل الأعلى خلال مسيرته والذي يتمنى أن يكون الجميع في مثل أخلاقه والتزامه وانضباطه سلوكيا وتكتيكيا ولديه دائما طموح لتطوير نفسه لا يتأخر ولا يتغيب عن التدريبات ويطبق التعليمات، ويؤدي بشكل رائع ويحافظ على مستواه هو نجم الترجي والمنتخب الوطني الخلوق خضر يوسف أبو حماد فهو يبهر الجميع بدماثة أخلاقه وانضباطه والتزامه وأدائه.
مغامرة جديدة
وبين عرار أن الانتقال لتدريب شباب الظاهرية جاء في توقيت صعب، ويعتبر مغامرة قد تؤثر على سيرته الذاتية إن لم يستطع تحقيق انجاز لجماهير لا تعترف إلا بمن يصعد بفريقها لمنصات التتويج.
ولفت إلى أن تعاقده مع غزلان الظاهرية جاء في ظروف صعبة يمر بها النادي، منذ خروج المدير الفني السابق إبراهيم أبو ارقيق في فترة غير مناسبة وظروف جوية صعبة قبل بدء المنافسة.
وأشار عرار في حديثه لـ"فلسطين الآن"، إلى أن كرة القدم تحتاج للمغامرة وشباب الظاهرية يمتلك إدارة محترفة وجماهير عاشقة وهناك مساندة جماهيرية جنونية للفريق، الذي يضم نخبة من أفضل اللاعبين المحليين، ونحن نسابق الزمن للتغلب على كل الصعوبات التي تواجهنا قبل الاستحقاق الأهم وهو المشاركة في كاس الاتحاد الأسيوي، بالإضافة إلى أن الغزلان يسعى لأن يكون له كلمة في المنافسات المحلية بحيث لا يخرج خالي الوفاض من أي لقب هذا الموسم رغم أنه بدأ موسمه بلقب كاس الشهيد أبو عمار.
ويعتبر عرار الذي يقطن في بلدة بيت أمر شمال مدينة الخليل، من أبرز المدربين المحليين، وكان قد حصل على بكالوريوس لغة انجليزية ودبلوم في الترجمة من جامعة بيت لحم.
ويعمل مدرب الظاهرية مديرا لدائرة العلاقات العامة والإعلام في المجلس الأعلى للشباب والرياضة في الجنوب، وهو حاصل على شهادة المستوى الأول الآسيوية في التدريب بالإضافة للعديد من الدورات من الاتحادات الأوروبية، وشهادة A1 للياقة البدنية من الاتحاد الآسيوي، وشهادة في علاج إصابات الملاعب من جامعة أمريكية، وشهادة في الإدارة الرياضية من اللجنة الاولمبية المصرية.