شاب وسيم في مقتبل العمر، قوي البنية، سريع البديهة، صاحب عزيمة لا تلين، بزغ فجره عام 1992م، وحط رحاله بمدينة غزة، فعاش منذ صغيرا على وقع انتفاضة الأقصى الأولى والثانية وأحداث النفق، وأدرك شابا يافعا أن الحقوق تحتاج إلى تضحية وبذل وعطاء لا ينقطع.
مع صبيحة كل يوم يرتدي الخريج الجامعي أحمد حيدر الزهار ملابسه الأنيقة، وينطلق مبكرا إلى مكتب محاماة لممارسة التدريب المطلوب منه كي يحصل على شهادة إجازة المحاماة من نقابة المحامين الفلسطينيين.
يقف المحامي المتدرب وسط محكمة مدينة غزة، يطالع القضايا ببصيرة الخريج الواعي، ويرقب حكم القاضي في كل قضية يتابعها، يدرك جيدا حجم الأمانة التي أوكلها إياه موكله.
المحامي الأنيق والمجاهد الصنديد
يغادر أحمد قاعة المحاكم قرابة الثانية ظهرا، حيث ينطلق إلى منزل عائلته بقرية المغراقة وسط قطاع غزة، يبدل ملابسه، ويملأ عينيه بمناظرة أمه التي لا يراها كثيرة، ويرتدي ملابس الجهاد، وينطلق إلى باطن الأرض، يطبق حق العودة الذي لطالما تعلمه في جامعته، لكن على طريقة الخاصة "ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة".
عاش أحمد حياة المزارعين، فهو بالأصل ابن مدينة غزة، وترتيبه الرابع بين أخوته، سبقه ولدين وبنت، حمل الفأس صغيرا، وقلم الزيتون طالبا، وغرس العنب شابا، وحقق الشهادة حاملا فأسه في باطن الأرض مجاهدا.
المجاهد أبو خالد يشير إلى أن أحمد كان قوي البنية، شديد البأس، حرص كثيرا على الانضمام إلى صفوف كتائب الشهيد عز الدين القسام، حتى حظي بها قبل أربعة أعوام، فالتحق بكلية الحقوق، وفي ذات العام حاز على حقه كفلسطيني بالجهاد والدفاع عن أرضه ووطنه المستباح.
رحيل الفارس
ترجل الفارس أحمد حيدر الزهار (24 عاما)، ظهر يوم الثلاثاء 2/2/2016، حيث انطلق إلى عمله في صفوف وحدة الأنفاق التابعة لكتائب القسام، ناظر أهله وقريته التي نشأ وترعرع فيها، وارتدى ملابس العمل، وانطلق مسرعا حيث الموعد مع الحور العين.
ويقول صديق شهيد الإعداد أن أحمد وضع في مخططه عقد قرانه خلال شهر مارس من العام الحالي، غير أن الحور العين غازلته على طريقتها الخاصة، واختطفته لما عند الله هو خير وأعظم أجرا.
شعر مجاهدو وحدة الأنفاق التي يعمل معهم أحمد ببعض الانهيارات البسيطة بالتربة، فقرر قائد المجموعة الشهيد فؤاد أبو عطيوي تقليل العدد، فآثر أحمد البقاء معه والعمل على تدعيم النفق الذي جهزوه على طريق الإعداد لمواجهة الاحتلال.
قدر الله للشهيد القسامي المجاهد أحمد حيدر الزهار، والشهيد القائد الميداني فؤاد عاشور أبو عطيوي، الشهادة في حادث انهيار نفق لكتائب القسام، حيث تم العثور على جثة الشهيد أحمد قبيل العشاء، فيما عثر على جثمان الشهيد فؤاد بعد منتصف الليل.
رحل أحمد بصحبة رفيقه فؤاد طالبان خطبة الحور العين، رحلا بعد أقل من أسبوع على رحيل سبعة من مجاهدي وحدة الأنفاق شرق مدينة غزة.
في موازين كتائب القسام لا فرق بين الحدود الشرقية أو الغربية لقطاع غزة، جميعها حدود معرضة لغدر الاحتلال، فكما أوجدت أنفاق هجومية على الحدود الشرقية، عملت على توفير خط حماية يضمن الدفاع عن سكان القطاع المحاصر من الجهة الغربية.
ونعت كتائب القسام مساء الثلاثاء 2/2/2016 الشهيد القائد الميداني فؤاد أبو عطيوي، والشهيد المجاهد أحمد الزهار، اللذان استشهدا بمهمة جهادية بإحدى أنفاق المقاومة.