14.45°القدس
14.21°رام الله
13.3°الخليل
17.81°غزة
14.45° القدس
رام الله14.21°
الخليل13.3°
غزة17.81°
الأحد 22 ديسمبر 2024
4.59جنيه إسترليني
5.15دينار أردني
0.07جنيه مصري
3.81يورو
3.65دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.59
دينار أردني5.15
جنيه مصري0.07
يورو3.81
دولار أمريكي3.65

تقرير: عندما تجمع الزنزانة ثلاثة أشقّاء

زنزانة سجن
زنزانة سجن
الضفة المحتلة - فلسطين الآن

كان البيت هادئا وسط لجة من الفوضى المحيطة به وسط مدينة الخليل، بل صمتا، جمع في ثناياه الكثير الكثير، كانت وحدها هناك تحمل على ظهرها أوجاعاً كثيرة حدت من حركتها، أو لربما كانت أوجاعا تبرر بها دموعا تقف طويلا على أبواب جفونها قبل أن تنهار على وجنتيها.

جلست "زلفى طه" تسند ظهره إلى صورة لثلاثتهم، تنهدت طويلا قبل أن تبدأ بالحديث، جمعت شتات ذاتها، وأخذت نفسا عميقا وبدأت تسرد بداية الحكاية بعد أن رمقت الصورة بنظرة جمعت كل معاني الفقدان ،" كنا نتجهز للانتقال لبيتنا الجديد مع أول يوم في رمضان، سبقنا محمد، اخذ سريره لينام قبلنا في المنزل، لكن الأقدار لم تشأ له أن يكمل ليلته هناك، هجوم محموم على البيت الجديد، فجروا ما بداخله، واعتقلوا محمد وانسحبوا كخفافيش الليل، سرقوا ابني وأحلامه، كما سرقوا فرحتنا ببيتنا الجديد، ليصدر عليه حكما بالسجن لمدة 12 عاما، محمد اليوم يبلغ من العمر 30 عاما، سرقت زنازين الاحتلال منها حتى الآن 8 أعوام".

"كل أحلامنا تذوب باتصال بيحكيلنا أنهم جددوه ووبنرجع لنقطة الصفر "، اختصرت طه بهذه الكلمات حديثها عن ابنها حمزة (28 عاما)، والمعتقل إداريا منذ نحو عام، حيث جدد له الاحتلال مؤخرا اعتقاله الإداري، لتبقى لحظة الإفراج عنه لا يعلمها إلا الله في ظل ملف سري كاذب يدعيه الاحتلال لحمزة.

حمزة متزوج وله من الأبناء أسيد ابن الأربعة أعوام وجنى ابنة الست شهور والتي ولدت بعد اعتقال والدها، أم محمد ترى أن حمل اعتقال ولديها محمد وصفوان اخف وطأ على كاهلها، فكلمة من احد أبناء حمزة تبكيها لأيام وأيام، ونظرة فقدان من زوجته كأنها سكين في صدرها"، تضم أم محمد أحفادها ، في محاولة لتعويضهم عن حضن والدهم، لكن في قرارة نفسها توقن بان لا بديل عن أبيهم.

اعتقال صفوان اين الاثنين وعشرين عاما كان الأصعب على قلب أم محمد، فقد سبقه اثنين من أشقائه، وكان هو من يملأ فراغ البيت عليها، كما انه طالب جامعي عطل الاعتقال مسيرته التعليمية، وهنا اغرورقت عيني أم محمد بالدموع وهي تقول :" في لحظة اعتقال صفوان دخلت وصليت ركعتين قبل أن يصل الجيب العسكري، وطلبت من ربي أن يلهمني صبرا أواجه به القادم، فثلاثة أبناء في السجن فوق طاقتي واحتمالي إلا بعون من ربي".

ريمون وعوفر والنقب، سجون إسرائيلية ثلاثة، جمعت فلذات كبدها، وأجبرتها – رغم مرضها - على 3 زيارات متتاليات كل 15 يوما كونها الوحيدة في العائلة التي يصدر لها الاحتلال تصريحا للزيارة، ومنذ ايام قليلة فقط، جمع سجن النقب الأشقاء الثلاثة، في مشهد أبكى جميع من شهدوه، حينما لم يعرف صفوان ومحمد أي منهما الآخر، فهما لم يلتقيا منذ أكثر من 8 سنوات.

علقت دمعة على وجنة أم محمد، حاولت إخفائها كثيراً، فالألم يعتصرها، لكنه لا تستطيع إلا أن تكون جبلا صامدا أمام عائلتها حتى لا يروا ضعفها حينما يذكر أي من الرجال الثلاثة. هي على اليقين بأن الأمّ الفلسطينية هي مصدر بث المعنويات لعائلتها ولأبنائها الأسرى داخل السجون، لذا فهي تفرغ مخون عيونها من الدموع هناك في الخفاء.