22.21°القدس
21.96°رام الله
21.08°الخليل
26.03°غزة
22.21° القدس
رام الله21.96°
الخليل21.08°
غزة26.03°
الثلاثاء 08 أكتوبر 2024
4.95جنيه إسترليني
5.35دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.15يورو
3.79دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.95
دينار أردني5.35
جنيه مصري0.08
يورو4.15
دولار أمريكي3.79

السعودية واحتمالات التدخل العسكري في سوريا

3
3
حازم عياد
رحب البيت الأبيض بإعلان الرياض رغبتها المشاركة برا في سوريا استكمالا لجهود مكافحة الإرهاب «تنظيم الدولة»، وأعلن مباشرة عن لقاء مرتقب بين وزير الدفاع الأمريكي اشتون كارتر والأمير محمد بن سلمان في بروكسل بهدف الاطلاع على الخطة السعودية، في المقابل حذر مسؤولون في الكرملين من احتمال أن يعقّد التدخل السعودي والتركي العملية السياسية في سوريا، خصوصا إذا تم استهداف قوات النظام وحلفائه من قبل القوة البرية المشتركة التي تعد لها السعودية.
 
الترحيب الأمريكي يطرح سؤالاً مهما حول نوايا الإدارة الأمريكية في سوريا، هل سيكسر اوباما القاعدة التي رسخها طوال الأعوام الثمانية ويدعم التدخل العربي والإسلامي بقيادة السعودية في سوريا؟ وهل سيوفر الغطاء العسكري أم سيكتفي بغطاء سياسي ومظلة أمنية رادعة لروسيا؟ في المقابل هل ستتقبل موسكو التدخل التركي السعودي أم أنها ستندفع نحو مواجهة إقليمية واسعة مع الدوليتين؟
 
الولايات المتحدة ملتزمة بسياسة اوباما بتجنب التدخل العسكري في أي من مناطق النزاع في العالم، ما أكدته تصريحات جون كيري في روما مؤخرا ومن بعده وزير الخارجية الفرنسي فابيوس تعليقا على احتمال تدخل الناتو في ليبيا، إذ أكد الوزيران عدم وجود أي نية للتدخل العسكري في ليبيا لمكافحة داعش، إلا أن الإعلان السعودي مثل فرصة ثمينة للولايات المتحدة، فطوال الأعوام الثلاث الماضية وجهت واشنطن اللوم إلى الدول العربية على تقصيرها في مواجهة تنظيم الدولة «داعش»، وبذلت جهدا كبيرا لإقناع الدول العربية للمشاركة في التحالف الدولي لمكافح الإرهاب في سوريا، في المقابل اكتفت بالتعاون مع طهران في العراق وتعايشت مع الأمر رغم مخاطره وكلفه.
 
واشنطن تجد نفسها وبدون مقدمات أمام حماسة عربية تركية للمشاركة البرية في المواجهة الدائرة في سوريا، مدعومة بسوابق مماثلة للتعاون الأمريكي مع طهران في العراق، فهل ستدعم أمريكا هذا الخيار المتأخر أم أنها ستقف على الحياد منتظرة نتائج الانتخابات الرئاسية، مفوتة بذلك فرصة ذهبية لمشاغلة روسيا لأعوام في سوريا واستنزافها، فرصــــــة لم تكن متاحة في أوكرانيا أو جورجيا من قــبل؟
 
أسئلة لن تتوقف، فالأزمة السياسية في المنطقة مركبة محليا وإقليميا ودوليا وكل خطوة تمثل فرصة وتحديا يصعب إغفالها من قبل الأطراف المنخرطة في الأزمة، فالخطوة السياسية السعودية ترافقت مع اتهامات من قبل موفد الأمم المتحدة لموسكو بإعاقة مفاوضات جنيف من خلال عملياتها العسكرية المكثفة في سوريا، مخالفة بذلك نص القرار الدولي الداعي إلى وقف العمليات العسكرية وفتح الباب للدعم الإنساني، فالعملية الروسية الواسعة لدعم قوات النظام وحلفاءه أدت إلى انسحاب وفد المعارضة السورية وأثارت الشكوك حول جدية روسيا في دعم المفاوضات السياسية.
 
الوجه الآخر للعملة في هذه المفاوضات أنها حسمت مسألة مشاركة حركة أحرار الشام وجيش الإسلام في جنيف، ليحظى بذلك الفصيلين على اعتراف سياسي بدورهما في الساحة السورية وعملية التفاوض ومستقبل البلاد، كما قدمت شرعية سياسية لأي عمليات دعم عسكري يمكن أن تقدم للفصيلين لذات الأسباب والحجج التي ادعتها موسكو للتدخل ودعم النظام في سوريا محاربة «داعش» التي لم تحظَ إلا بـ5% من هجمات الطيران الروسي.
 
الغطاء السياسي الذي حظي به الفصيلان حرم منه حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي ووحدات حماية الشعب الكردي، التي تعول عليها روسيا كثيرا للتحرك بمسار المفاوضات مستقبلا ورسم معالم المشهد السياسي في سوريا، وهي فرصة سانحة لمزيد من المناورات السياسية لكل من تركيا والسعودية لتدعيم مكانة معسكر المعارضة من خلال ارتفاع وتيرة النقد للهجمات الروسية الجوية، أو من خلال الإعلان عن إمكانية التدخل البري.
 
احتمالات التدخل السعودي بمشاركة عدد من الدول العربية والإسلامية باتت ممكنة من ناحية واقعية ولو بشكل محدود ورمزي، فالإعلان السعودي يحمل رسائل متعددة للمعارضة السورية وللحلفاء الإقليميين وعلى رأسهم الأتراك إلى جانب الولايات المتحدة والقوى الغربية، وستتعامل معه سائر القوى بجدية وبحماسة، إذ يفتح آفاقا جديدة للعمل في الساحة السورية دبلوماسيا وعسكريا، وعلى الرغم من تعقيداته إلا انه يوفر دعما وشرعية للقوى والفصائل السورية المعارضة.
 
الإعلان السعودي يمثل فرصة للأتراك لا تفوت للتعامل مع المخاطر التي تتعرض لها البلاد وعلى رأسها إرهاب داعش وحزب العمال واللاجئين، في المقابل فانه يقدم فرصة للولايات المتحدة وأوروبا لمشاغلة روسيا والحد من طموحاتها في المنطقة بإدخالها في تعقيدات إقليمية تزيد من مآزقها في المنطقة.
 
روسيا وضعت قواعد اللعبة في سوريا وباتت مطالبة الالتزام بها، وعلى رأسها مكافحة الإرهاب والمساعدة على الوصول إلى حل سياسي مع الأطراف المتفاوضة، إلا أن النشوة دفعت موسكو والنظام وحلفاءه إلى التقدم في درعا وحلب والترويج لحزب الاتحاد الكردي كحليف علاقته بالولايات المتحدة غير مستقرة ومتوترة مع تركيا.
 
المعارضة السورية ترى في السياسة السعودية وجنيف 3 كفصل جديد يؤسس لحرب عصابات طويلة بدأت معالمها بالبروز باستهداف الضباط الروس في عمليات نوعية، ما يعني أن الحسم العسكري مجرد وهم آخر يضاف إلى الأوهام التي ارتبطت بالتدخل الروسي بشكل يضع الولايات المتحدة أمام استحقاقات أكثر تعقيدا للمشهد في الساحة السورية؛ ويلزمها أن تكون طرفا ناظما يمنع تدهور المشهد الإقليمي والدولي.
 
الاندفاعة الروسية للحسم العسكري على وقع مفاوضات جنيف لم تكن مدروسة، وحفزت القوى الإقليمية تركيا والسعودية والدولية وعلى رأسها أمريكا وفرنسا للبحث بجدية في إمكانية التدخل البري، فروسيا في المحصلة النهائية غير مسموح لها الانفراد في الساحة السورية أو تقرير مستقبل المفاوضات في جنيف، والترحيب الأمريكي تبعه ترحيب فرنسي أعلن فيه وزير الداخلية الفرنــــــسي عن دعم تركيا في مكافحة إرهاب حزب العــــــمال الكردستاني، ما يزيد من هواجس موسكو، ويرفع من احتمالية نجاح المبادرة السعودية لكسر الجمود واختلال التوازن الذي ولدته موسكو في أعقاب تدخلها العسكري في سوريا.