الألوان الزاهية والرسومات الجميلة والتشكيلات الفنية المتناسقة، تزين حائطًا وتبدع زهورًا وورودًا على حائط آخر وترسم تارة أشكالًا لتراث فلسطيني قديم وتارة رسمة تعبر عن قضية فلسطين، هكذا بدا أحد شوارع مدينة رفح، ضمن مبادرة "طريقك بالألوان أجمل" التي تنفذها عدة جهات محلية بدعم دولي.
الشارع المنفذ فيه المشروع في مدينة رفح جنوب قطاع غزة والذي تم تسميته شارع "الورود" بعدما كان مكبًا للنفايات، يصل عددًا كبيرًا من المخيمات وسط المحافظة بشارعها الرئيسي، ويقع فيه عدد من مدارس الوكالة "الأنروا"، ويجاوره من أقدم مساجد المحافظة مسجد "العودة" المشهور.
ولاقت مبادرة إعادة تنظيف الشارع وتزيينه ترحيبًا كبيرًا من المواطنين وشخصيات المجتمع المحلي.
مراسل "فلسطين الآن" يسلط الضوء في تقريره على طبيعة المشروع والمشاركين فيه والتغيير الحاصل في الشارع.
راحة نفسية للمواطنين
وخلال حديثه لـ"فلسطين الآن" عبّر المواطن الحاج أحمد أبو أحمد عن فرحته وسعادته الكبيرة لتغيير مظهر الشارع، وقال: "كنا لا نستطيع العبور من الشارع بسبب إلقاء القمامة على جانبي الطريق، فكنت أواجه صعوبة كبيرة خلال ذهابي لصلاة الفجر وسط الظلام الدامس من شدة المعيقات التي كانت تلقى تزامنًا مع تساقط الأمطار التي تجعل الشارع بمنظر غير حضاري".
ودعا أبو أحمد سُكان تلك المنطقة للالتزام بعدم إلقاء القمامة على الأرض ووضعها في الحاويات التي وضعت خصيصًا لذلك، شاكرًا الجهات والمؤسسات التي قامت بتغيير مظهر الشارع الذي يُعتبر العمود الفقري لعدد من المخيمات برفح.
ولم يخفِ المواطن إياد الحجار كذلك فرحته قائلًا: "تحول الشارع إلى مكان جميل يبعث في النفس راحة نفسية، بعدما كان مكان غير لائق وينبعث منه رائحة كريهة وغازات سامة، تؤثر على صحة أطفالنا الذين يلهون ويلعبون في ذلك الشارع."
وتابع بقوله: "كنا نشعر بانزعاج كبير عندما نخرج من منازلنا للذهاب إلى العمل أو للصلاة بالمسجد، بسبب وجود كميات كبيرة للنفايات على حافة الطريق مما كان يسبب لنا مشاكل كبيرة."
وأوضح أنه "لا يوجد مكان آخر لأطفالهم يلعبون ويلهون غير ذلك الشارع، نظرًا للازدحام السكاني الكبير في تلك المنطقة التي يقطنون بها، لكن مع تغيير شكل الشارع أصبح أطفالنا يلهون والسعادة تغمرهم، حتى أن طفله قال له لماذا لا نعمل منزلنا مثل هذا الشارع، من شدة جماله."
ونفذ المشروع مركز العائلة بنادي خدمات رفح بالتعاون مع مركز التعاون التنموي "معا" وبدعم الحكومة الألمانية والتعاون الدولي الألماني "GIZ"، وافتتح الشارع الذي سماه الفنانون المشاركون "الورود" صباح الأربعاء بحضور عدد من الشخصيات الاعتبارية في المؤسسات المنفذة والداعمة.
مبادرة تغيير للأفضل
ومن جانبها أوضحت منسقة مشروع مركز العائلة بنادي خدمات رفح إلهام حسونة أن الشارع يأتي ضمن مشروع ينفذه مركز العائلة في ثلاثة أماكن في قطاع غزة، وهي نادي خدمات رفح ونادي خدمات النصيرات وجمعية البيت الفلسطيني في البريج.
وأفادت حسونة أن المشروع يخدم المرأة والطفل بشكل كبير، المرأة في زوايا التدريب المهني كالتجميل والخياطة والتصنيع الغذائي، والطفل في عدة زوايا منها التعليمية ومنها الترفيهية مثل المهارات الحياتية والرياضة.
وقالت: "هذا الشارع كان عبارة عن مكب نفايات، والهدف من هذه المبادرة هو إعادة الحياة له بعد أن كان مكب نفايات لمدة أكثر من أربعة أعوام والنفايات مكومة فيه سواء منازل مهدمة أو محاصيل تالفة أو دواجن ميته"، مضيفة :"ولم يكن فقط منظر غير جميل بل كان غير صحي وغير بيئي".
وتابعت بقولها: "هذه المبادرة قمنا بالتعاون معها مع عدة جهات محلية، فقمنا بتنظيف الشارع ثم إعادة إصلاح البنية التحتية ثم إعادة ترميم الحيطان سواء قصارتها ودهانها ثم إعادة تلوينها وتزيينها بما يتناسب مع الطبيعة الفلسطينية".
وبدوره شكر رئيس نادي خدمات رفح كارم العطار مركز "معا" التنموي، وقال: "لهم كل الشكر والعرفان والتقدير على جهوده الواضحة والكبيرة التي يقدمها لنادي خدمات رفح من خلال هذا المشروع".
وقال: "هذا الطريق كان قبل شهرين فقط لا يمكن لأحد من المارة أن يجتازه نظرًا للقاذورات والنفايات التي كانت تلقى من كل المخيم هنا، ولكن بالتعاون مع أهل الحي والشرطة الفلسطينية ونادي خدمات رفح أصبح تحفة من شوارع محافظة رفح".
وأضاف: "هذا المشروع الهام الفني التشكيلي يزيد إشراقا لهذا الشارع وتألقا، عله يكون نموذجا لمن يريد ان يكون شارعه في محافظة رفح كذلك"، وناشد بلدية رفح أن يكون لها دور أكبر في هذا المجال بحكم أنها المسئول الأول عن هذه الشوارع.
رسومات هادفة
وبدوره اعتبر الفنان التشكيلي محمد الدربي وأحد المشاركين في رسومات الجدران الممتدة على طول الشارع أن الألوان التي تم استخدامها تعمل على الراحة النفسية لكل من يسير في الشارع خاصة الأطفال في ظل أنه شارع يضم عدة مدارس.
وقال: "رسمنا رسومات تعزز فكرة المصالحة بما أنه خريطة فلسطين فيها أكثر من لون وكل التنظيمات ، واستخدمتا الورود لتعمل راحة نفسية للمواطنين، ورسمنا رسومات التراث الفلسطيني لتعزيز القضية الفلسطينية وكتبنا أسماء الشعراء بشكل كامل على بعض الجداريات".