10.57°القدس
10.33°رام الله
9.42°الخليل
16.09°غزة
10.57° القدس
رام الله10.33°
الخليل9.42°
غزة16.09°
الأحد 22 ديسمبر 2024
4.59جنيه إسترليني
5.15دينار أردني
0.07جنيه مصري
3.81يورو
3.65دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.59
دينار أردني5.15
جنيه مصري0.07
يورو3.81
دولار أمريكي3.65

تقرير: 3000 ليلة.. فيلم فلسطيني يكشف المستور في حياة الأسيرات

فيلم (2)
فيلم (2)
نابلس - مراسلنا

كثيرا ما قرأ الفلسطينيون واستمعوا إلى شهادات حول ظروف الأسيرات الفلسطينيات في سجون الاحتلال الإسرائيلي وما يكابدنه من معاناة تبدأ منذ لحظة الاعتقال مرورا بالتحقيق، وصولا لظروف المعيشية اليومية والمضايقات والاستفزازات على أيدي السجانات والسجينات الإسرائيليات الجنائيات.

لكن كما يقولون "فالمشاهدة ليست كالسمع"، وهو ما حاول فيلم "3000 ليلة" للمخرج الفلسطينية مي مصري –ابنة مدينة نابلس- أن يثبته من خلال تجسيد حياة الاسيرات في سجون الاحتلال الإسرائيلي بأدق تفاصيلها، عبر قصة مواطنة شابة تجد نفسها في "معمعان" الأسر، التي لم تكن تعرف عنه شيئا، وتجد نفسها مضطرة لمعايشته لحظة بلحظة.

تجربة ليال

فيلم "3000 ليلة" (المدة التي قضتها بطلته وراء القضبان) يصنف كفيلم روائي طويل، يحكي قصة شابة فلسطينية هي "ليال" تعتقلها قوات الاحتلال الإسرائيلي في نابلس (عام 1980) ثم يتم استجوابها بشأن تقديمها المساعدة لشاب فلسطيني أصيب في اشتباكات معها ونقلته بسيارتها، ويصدر عليها حكم بالسجن ثماني سنوات، وتنقل إلى سجن إسرائيلي شديد الحراسة لتقيم مع مجموعة من الفلسطينيات والإسرائيليات المحبوسات بموجب جرائم جنائية.

تتعرض "ليال" لضغوط كثيرة من جانب سجانة إسرائيلية لتقبل التعاون مع إدارة السجن في التجسس على زميلاتها السجينات الفلسطينيات، ومن بينهن "سناء" -التي جسدت الفنانة الأردنية نادرة عمران دورها بكل إتقان- فقد فقدت ذراعها الأيسر خلال إحدى العمليات، وهي الأكثر حنكة وخبرة بالسجن، وتتشكك من البداية في مسلك "ليال".

أما الإسرائيليات فمنهن مدمنة مخدرات وقاتلة، وهنّ يبدين نحوها ونحو الفلسطينيات عموما مشاعر عنصرية واضحة.

لكن "ليال" -التي تجسد دورها الممثلة ميساء عبد الهادي- تكتشف أنها حامل –فقد كانت عروسا عند اعتقالها- ويتعين عليها إنجاب طفلها في السجن، خاصة بعد أن خذلها زوجها وسافر إلى كندا.

يرى "نور" النور، ويقلب حياة الأسيرات رأسا على عقب، إذ يصبح شغلهن الشاغل، ويخفف عنهن مرارة الاعتقال، وتمضي الأيام سريعا، لكنه يتحول إلى أداة بيد إدارة السجن لمنع والدته من الانضمام للإضراب الذي تنظمه الأسيرات احتجاجا على مذبحة صبرا وشاتيلا التي عرفن عنها من خلال قصاصة صحفية دخلت إليهن سرا .. تحسم أمه أمرها، وتشارك في الإضراب لينتزع الحراس ابنها منها.

رسالتنا هامة

مراسل "فلسطين الآن" الذي حضر العرض الأول للفيلم في رام الله.. التقى على عجل بالمخرجة مي المصري وحاورها لدقائق معدودة.. إذ أوضحت أنها سعيدة بتجربتها الروائية الأولى، بعد أن عملت لأشهر طويلة على جمع المعلومات حول أوضاع الأسيرات الفلسطينيات، مشيرة إلى أنها استمعت إلى المحررات اللواتي وضعنها في صورة السجون وحال الأسيرات.

وتؤكد المصري أن "معركة المخرجين الفلسطينيين طويلة وصعبة، خاصة عندما يتعلق الأمر بالقضايا الوطنية في ظل الإمكانات المحدودة وقلة المصادر المالية والتقنية والدعم، ومع هذا فرسالتنا هامة في ظل هذا الصراع الطويل".

ولفتت المخرجة الفلسطينية إلى أن دول العالم غير مبالية بما تمارسه "إسرائيل" بحق الفلسطينيين، ولم يتم اتخاذ أي خطوة تدعم حق فلسطين في الاستقلال من الساسة الدوليين وصناع القرار، مبينةً أن "إسرائيل تواصل احتلال فلسطين واستيطانها، فما يجري هناك نوع من الإبادة العرقية، والفلسطينيين يشعرون أنفسهم وحيدين في هذه المعركة".

تميز ملحوظ

وأجمع النقاد على أن هناك تميزا ودقة الجانب التسجيلي في الفيلم، إذ أظهر تفاصيل الحياة اليومية للسجينات، إضافة للتنويع في زوايا التصوير للتغلب على الحدود الضيقة للمكان، والتكوينات الخاصة واستخدام لقطات "الكلوز آب" (القريبة) للوجوه، خاصة وجه البطلة.

كما تتميز المشاهد الأولى من الفيلم بواقعيتها وسرعة إيقاعها ودقة التصوير وبناء المشهد بطريقة مؤثرة، مثل: مشهد القبض على "ليال" واقتيادها داخل سيارة عسكرية إسرائيلية تمضي في الليل تحت المطر، توقف السيارة أمام مركز اعتقال، جندي يجذبها بعنف خارج السيارة، كلب بوليسي ينبح بشراسة في وجهها في لقطة قريبة، جنود يغلقون خلفها بوابة السجن الضخمة، جندي يقتادها بالقوة داخل ممر وهي معصوبة العينين.

وفي تكوين بديع في اللقطة نراها معلقة من ذراعيها بسلاسل حديدية داخل زنزانة، وفي الخلفية باب عبارة عن شبكة حديدية، يلمع ضوء إشعال عود ثقاب، حيث يجلس جندي لمراقبتها في برود ويشعل سيجارته، ثم يدخل ضابط إسرائيلي إلى الكادر ويبدأ استجوابها.

واقعية عالية

وعلق الناقد الفني الصحفي سعيد أبو معلا -عبر صحيفة الأيام- على الفيلم، قائلا: "بلا شك مشاهد الفيلم داخل السجن تشير إلى قدرة عالية لدى المخرجة في انتقاء المكان وإدارة مكان التصوير ومن ثم إدارة الممثلين، فالجمهور أحس فعلا أنه أمام سجن إسرائيلي بكل ما يحفل من صعوبات وعذابات وتفاصيل".

ويتابع "الواقعية العالية لم تلغ الدراما ولم تؤثر على الخط الدرامي للفيلم أبدا، بل كانت عاملا في خلق دراما حقيقية من نسيجه ونفس بنائه، حيث الصراع على أشده بين السجين والسجان وبين السجين والسجين، وبين السجين والحياة التي تقضم منه. كما أن المخرجة أظهرت وعيا كاملا لما يجري بالسجن، فضم مجموعة كبيرة من المفردات والقصص التي نقلت عالماً مغلقاً إلا لمن عاش التجربة، وهو عالم قالت عنه المخرجة إنه (مخفف) أيضا، حيث على المشاهد مهما اختلف جنسه أن يعي ويدرك أن الواقع أكثر قسوة وألما وبشاعة وبطولة أيضا".

لغة سينمائية فذة

ويصف أبو معلا الفيلم بأنه نُسِج "بلغة سينمائية فذة"، مؤكداً أنه امتاز بمجموعةٍ من الأمور جعلت منه قصيدة سينمائية كاملة، أبرزها وجود تركيزٍ كبيرٍ على ثنائية الضوء والعتمة، لدرجة أنها كانت بمثابة مثير رمزي يحفز المشاهد على إدراك هذه الثنائية وخدمة الأغراض الدرامية.

وعن "ثنائية الضوء والعتمة" يؤكد الناقد الفني أن الأمر لم يكن بالأمر السهل، "وهذا يعكس الوعي في الاشتغال على هذه الثنائية التي خدمت تماما أغراضه الدرامية وكثفت الصراع، ونقلت المعاني وأضدادها (ضوء النوافذ، الممرات، الفتحات الصغيرة..الخ)، بلا شك خدم هذه الثنائية وعززها قدرة كبيرة لدى المخرجة جعلت من فيلمها الملون يبدو للمشاهد وكأنه أبيض وأسود، أو أبيض وأزرق: كحلي (لباس السجن)، وهو خيار فني ذكي اتقنته بدرجة عالية جداً".

تذكير أخير

وفي نهاية الفيلم، وعلى شاشة سوداء، كُتب: أنه منذ العام 1948 احتجز 700 ألف فلسطيني في السجون الإسرائيلية، ونشاهد لقطات تسجيلية لعدد من السجناء الفلسطينيين الذين أفرجت عنهم إسرائيل عام 1985 بموجب اتفاق تبادل سجناء بينها وبين منظمة التحرير الفلسطينية وهم يلتقون بأهاليهم ويقبّلون أمهاتهم.

ثم تذكرنا كتابة أخرى على الشاشة بأن هناك في الوقت الحالي نحو ستة آلاف رجل وامرأة وطفل ما يزالون في السجون الإسرائيلية. ونشاهد لقطات تسجيلية لاعتقال النساء، ثم تظهر عبارة تقول إن "هذه واحدة من تلك القصص".

سجل حافل

بقي أن نقول إن مي المصري، درست السينما في جامعة كاليفورنيا، "بيركلي" وجامعة ولاية "سان فرنسيسكو"، وحصلت على درجة البكالوريوس. ولها مجموعة ثرية من الأفلام الوثائقية التسجيلية التي حصلت من خلالها على أكثر من 60 جائزة في مهرجانات السينما الدولية، من بينها: "تحت الأنقاض" (1983)، "زهرة القندول" (1986)، "بيروت جيل الحرب" (1998)، "أطفال جبل النار" (1991)، "أحلام معلقة" (1992)، "أطفال شاتيلا"(1998)، "حنان عشرواي: امرأة في زمن التحدي" (1995)، "أحلام المنفى" (2001)، "يوميات بيروت: حقائق وأكاذيب وفيديو"(2006)، و"33 يوم" (2007).

عروض قادمة

وبعد عرض الفيلم في نابلس ورام الله، تستضيف سينما القدس في مركز يبوس الثقافي في مدينة القدس، وعلى مدى ثلاثة أسابيع متتالية (الخميس والجمعة والسبت من كل أسبوع) ابتداء من أول أمس الخميس 11 شباط حتى السبت 27 منه.

وسبق أن عرض الفيلم في مهرجان "بالم سبرينغز" السينمائي الدولي في كاليفورنيا، وقبلها في مهرجان "تورنتو" السينمائي الدولي، ومهرجان "بوسان" السينمائي الدولي في كوريا الجنوبية، ومهرجان لندن السينمائي التابع لـمعهد السينما البريطاني.

من الجوائز التي نالها: جائزة لجنة التحكيم في النسخة الثامنة من العروض الدولية لأفلام وتلفزيون المرأة في الولايات المتحدة، وجائزة الجمهور في مسابقة نقطة الالتقاء في مهرجان بلد الوليد السينمائي في إسبانيا.

فيلم (1) فيلم (3) فيلم (4) فيلم (5)