يعتبر معبر رفح الأكثر شهرة على مستوى معابر القطاع، حيث صيته ذاع عالميا، ونجمه بزغ في كل مطارات العالم، لكن شهرته تمثلت كمعبر مغلق على مدار العام، حيث يقدر فتحه يومين كل شهرين أو ثلاثة.
أبواب موصدة، وأقفال محكمة، وجنود امتشقت سلاحها واعتلت ثكنتها وفتحت أعينها أمام أهل صانوهم الدهر كله، ومدرعات سيارة على طول الحدود، وآلاف الحالات الإنسانية تفترش بوابة الأم الشقيقة، فيما يفترش مئات المرضى أسرة مستشفيات القطاع المحاصر.
حال معبر رفح وصل إلى أسوأ مراحله منذ سنوات، فلم تعد بوابته المتشحة بالسواد تفتتح أبوابها إلا لعدة أيام طيلة العام، وسط التنكر للدعوات الأممية التي تطالب بفتحه أمام الحالات الإنسانية.
لطالما كانت وما زالت فلسطين ومصر بمثابة الجسد الواحد الذي إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد الفلسطيني بالسهر والحمى، فالجرح واحد، والفرح واحد، والدم واحد، والعروبة تجمعنا، والعقيدة تؤكد أخوتنا.
أصبح موضوع فتح معبر رفح أصعب بكثير من فتح أي معبر إسرائيلي، نظرا لرفض القيادة المصرية الشقيقة فتحه بسبب الأوضاع الأمنية في سيناء، مما تسبب بازدياد أعداد شهداء الحصار، وفقدان الآلاف إقاماتهم وعملهم بسبب عدم تمكنهم من تجاوز البوابة السوداء.
يمثل معبر رفح طوق النجاة لما يقرب من مليوني فلسطيني كتب لهم القدر العيش بقطاع غزة، حيث يعيش سكان القطاع المحاصر على أمل كسر الحصار المفروض عليهم منذ ما يزيد عن 10 أعوام.
فتح المعبر بالقطارة
أصبح قرار السلطات المصرية بفتح معبر رفح يتطلب إغلاقه ما يزيد عن شهرين أو ثلاثة أشهر قبل أن تتخذ مصر قرار بفتح معبر رفح ليومين أو ثلاثة للتخفيف عن سكان قطاع غزة!
تسمح مصر بعبور عدد من الحافلات المعينة عبر بوابة معبر رفح، حيث تسعى إدارة معبر رفح الفلسطيني إلى الدفع بأكثر عدد من المسافرين بالحافلة الواحدة لضمان دخول أكبر قدر من المسافرين الذين انقطعت بهم السبل.
طفل صغير وقف يستجدي والدته بدموعه أمام الكافتيريا الداخلية للصالة المصرية بمعبر رفح من أجل شراء باكيت شيبس أو باكيت بسكويت، غير أن والدته احتضنته وحاولت تهدأة صياحه، لأنها لا تملك المال الكافي لشراء ما يحتاجه ولدها نظرا لزيادة سعر البضاعة لـ5 أضعاف سعرها الطبيعة.
فمثلا علبة الكولا الصغيرة ثمنها الطبيعي 3 جنيه تباع بالصالة المصرية بـ10 جنيه، باكيت الشيبس ثمنه الطبيعي 3.5 جنيه يباع داخل الصالة بـ10 جنيه، قطعة الهوهوز ثمنها جنيه واحد تباع بكافتيريا الصالة المصرية بـ5 جنيه، قطعة المولتو ثمنها جنيه ونصف تباع داخل المعبر المصري بـ7 جنيه، زجاجة المياه ثمنها الطبيعي 2.5 جنيه تباع بالصالة بـ10 جنيه، حيث أن أقل سلعة تباع بـ 5 جنيه، وأعلاها بـ10 جنيه، وما بين السعرين معاناة مئات الأسر التي تمنت فتح المعبر للعودة إلى مصالحها.
ومن الظواهر الغريبة داخل الصالة المصرية لمعبر رفح هو انقطاع المياه طيلة أيام فتح المعبر، حيث يعمل المسافرون على شراء المياه من الكافتيريا بـ10 جنيه، في حين يعمدون إلى التيمم لأداء كل صلاة، في ظاهرة تتكرر كل فتحة معبر.
وعلى غرار المعاناة الكبيرة والمشاق التي يتكبدها المسافرون من أجل الوصول إلى الصالة المصرية والتي تتطلب في معظم الأحوال الانتظار ما يزيد عن 6 أشهر، تواصل إدارة معبر رفح المصري سياسة ارجاع عشرات المسافرين بحجج غير مقنعة، حيث أرجعت السلطات المصرية ما يزيد عن 300 مسافر خلال الثلاثة أيام التي خصصت لفتح المعبر بتاريخ 13/4/15 فبراير الحالي.
قرار إرجاع عدد من المسافرين لم يعتمد شريحة معينة فقد أرجعت السلطات المصرية عدد من مرضى السرطان بحجج أمنية، في حين أرجعت عدد كبيرة من طلاب بكالوريوس الطب العام وطب الأسنان بحجة قرب انتهاء العام الدراسي، فيما سمحت بدخول زوجة مريضة بالفشل الكلوي ومن سيتبرع لها بالكلية ورفضت إدخال زوجها المرافق لهما.
أوراق جميع المرجعين مستوفية الشروط في غالبها، فجميعهم حالات إنسانية من مرضى وطلاب وأصحاب إقامات وعالقين بقطاع غزة، لكن إلى متى ستبقى السلطات المصرية تواصل سياسة تهميش قطاع غزة، واستمرار التضييق عليه الذي صان حدوده مع مصر ولا يزال ؟!