19.44°القدس
19.24°رام الله
18.3°الخليل
25.06°غزة
19.44° القدس
رام الله19.24°
الخليل18.3°
غزة25.06°
الأحد 06 أكتوبر 2024
5جنيه إسترليني
5.38دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.19يورو
3.81دولار أمريكي
جنيه إسترليني5
دينار أردني5.38
جنيه مصري0.08
يورو4.19
دولار أمريكي3.81

خبر: مكامن القوة في مواجهة غزة الأخيرة!

أربعة أيام هي عمر جولة المواجهة الأخيرة بين المقاومة في غزة وجيش الاحتلال، وهي تبدو قصيرة جداً قياساً بجولات الاستنزاف السابقة، التي كانت تتجدد من حين لآخر منذ تحرير غزة عام 2005، وصولاً إلى حرب غزة أواخر 2008 يوم كانت حكومة الاحتلال عاقدة العزم على كسر شوكة المقاومة إلى الأبد، ثم فرض واقع سياسي وأمني مختلف على الأرض، وإلزام أية سلطة في غزة بوأد المقاومة، وعدم السماح بإطلاق الصواريخ. لكن النتيجة كانت مخالفة تماماً لتوقعات الاحتلال، فلا المقاومة انكسرت ولا غزة سقطت، ولا تغير الواقع السياسي فيها، ولا توقفت فصائل المقاومة عن التسلح والتطور وتمتين بنيانها. ويمكن القول إن معادلة الردع بدأت بالميل لصالح المقاومة منذ حرب الفرقان وحتى اليوم، وما تكشفه كل جولة للاشتباك يعزز هذه الرؤية، ويظهر جانباً من ذلك الخط البياني الصاعد للمقاومة، على الرغم من أنها لم تظهر كل قوتها ولا انخرطت بكامل أطيافها في الرد، ومع ذلك بدت تشكل تهديداً حقيقياً لمنظومة الأمن الداخلي للكيان، مع عجز واضح في نظام القبة الحديدية الذي أنفقت حكومات الاحتلال عليه الملايين ليتصدى للصواريخ المطلقة من غزة. في أول يوم للتصعيد الأخير خرجت بعض وسائل الإعلام المحليّة بعناوين إخبارية تفيد بأن حكومة الاحتلال أبدت مفاجأتها من رد المقاومة وسرعته، فيما كانت تظنّ أن حماس ستمنع إطلاق الصواريخ! والحقيقة هنا أن الاحتلال يعي جيداً بأن الحركة لن تمنع الرد على العدوان في وقت يراقب فيه بقلق تعاظم قوة جناحها العسكري وينشغل بتحليل إمكاناته وقياس مدى زيادة قوته. لكن من تفاجأ من المشهد الغزي فيما يتعلق بطول يد المقاومة وحريّتها المطلقة في الردّ على العدوان هم أولئك الذين ظلوا فيما سبق يروجون لأكذوبة منع حكومة غزة لإطلاق الصواريخ، حتى صدقوها، ثم فوجئوا بنقيضها، فلم يجدوا مفرّاً من التساؤل الأبله حول دور كتائب القسام، فيما كانت تصريحات ناطقي الأذرع العسكرية المسلحة تؤكد حضور القسام وإسناده للمقاومة حتى لو لم يعلن عن نفسه، وبينما كانت الساحة السياسية تؤكد أن من يدعو لتهدئة مجانية هو رئيس السلطة عباس، وليس حماس في غزة، التي كانت منحازة بالكامل لمنطق رفض استجداء التهدئة، وعدم قبولها إلا إن كانت متبادلة وملزمة للاحتلال بكفّ عدوانه. أيام المواجهة الأربعة كانت ضرورية، لتؤكد على أهمية أن تُمنح المقاومة الفلسطينية أرضاً حرة وغطاء سياسياً وسعة ميدانية، لأجل بناء نفسها وتمتين صفوفها ومراكمة خبراتها وعتادها، وإنضاج تكتيكاتها وطرائق مواجهتها لأي عدوان، محدوداً كان أم شاملا. ولذلك رأينا كيف أن جميع الفصائل باتت على قناعة بالفرق الكبير بين حكومة مقاومة وحكومة مساومة، ومدى انعكاس ذلك على هامش مناورتها ومتن استراتيجيتها المقاومة. وقد أحسنت الأذرع المسلحة التي أطلقت الصواريخ والقذائف إذ ابتعدت عن المزايدة، وفهمت أهمية التكتيك القاضي بعدم تبذير جميع أوراق قوة المقاومة في هذه الجولة، وكيف أن إبقاء الكيان الصهيوني أسير حيرته حول قدرات المقاومة ومدى طاقتها هو جزء من معادلة الردع، والتي لن نبالغ إن قلنا إنها تحققت في وقت قياسي في هذه الجولة. غير أنه من الخطأ التسليم بأن الكيان الصهيوني سيكفّ يده نهائياً عن غزة، لأن حجم التهديد الذي باتت تمثله صواريخ المقاومة لأمنه الداخلي سيدفعه للتفكير جدياً في إعادة تجربة الحرب الشاملة إن توفرت له فرصة مناسبة. وهذا يتطلب حذراً واستعداداً دائماً ليس من فصائل المقاومة وحسب، بل كذلك من جميع المستويات السياسية الفلسطينية في غزة، التي ينتظر منها أن تسارع لاستثمار الربيع المصري المجاور، والعمل على توظيفه ليغدو جدار حماية لغزة وشريان حياة لها، وليس فقط عامل تدخل لأغراض الوساطة عند اندلاع المواجهة!