19.45°القدس
19.3°رام الله
18.3°الخليل
24.5°غزة
19.45° القدس
رام الله19.3°
الخليل18.3°
غزة24.5°
الثلاثاء 08 أكتوبر 2024
4.95جنيه إسترليني
5.35دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.15يورو
3.79دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.95
دينار أردني5.35
جنيه مصري0.08
يورو4.15
دولار أمريكي3.79

حماس واتهامات الداخلية المصرية

حازم عياد
حازم عياد
حازم عياد

عام مر على إصدار القضاء المصري قرارا باعتبار حماس منظمة إرهابية تم نقضه في وقت قياسي فيما بعد، برر القرار بتدخل حركة حماس بالشأن المصري؛ وتورطها في العديد من الأحداث التي رافقت سقوط الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك، إلا أن القرار اعتبر قراراً سياسيا عاكسا صراعا للأجنحة داخل النظام المصري.

المشهد ذاته يتكرر في اتهامات الداخلية المصرية؛ ولكن هذه المرة بشكل أكثر خطورة، فالاتهامات تشمل التورط بمقتل النائب العام المصري والاتهام موجه من الداخلية المصرية وليس شكوى قضائية هذه المرة، وفي حين يرى مراقبون أن الاتهام يحمل طابعا سياسيا؛ يراه آخرون انعكاسا لصراع الأجنحة في النظام المصري؛ وآخرون اعتبروه محاولة للبحث عن عدو خارجي يسهل التعامل معه بدل الانشغال في الأزمات المتفاقمة داخليا وخارجيا.

توتير العلاقة مع حركة حماس والفلسطينيين بات نمطا يحكم العلاقة مع الحركة منذ تموز 2013 ويترافق مع محاولات مصرية لترتيب الأوراق الداخلية والخارجية؛ ورقة يتم الاستعانة بها كلما تأزمت الأمور في الساحة المصرية أو الإقليمية المحيطة في القاهرة، فمصر تعاني من أزمة اقتصادية ارتفعت فيها المديونية بشكل قارب الـ200 مليار دولار مع انخفاض حاد في سعر الجنيه المصري إلى 10 جنيهات مقابل الدولار؛ وتعطل واضح في عجلة الإنتاج، يترافق ذلك مع انفجار صراع الأجنحة داخل النظام المصري بدا واضحا في الكثير من المفاصل السياسية انخرطت فيها المؤسسات المختلفة في الدولة في تحدٍ بدا واضحا في كثير من الأحيان لسلطة الرئيس الممثل للسلطة الجديدة عبد الفتاح السيسي.

الأسوأ من ذلك كله تراجع الدور الإقليمي لمصر وعدم فاعليتها في التعامل مع أزمة سد النهضة؛ المشروع الذي تسير فيه أثيوبيا بخطى ثابتة دون أي اعتبار للمصالح المصرية، في المقابل فإن مصر تفقد دورها في الساحة الليبية لصالح دور قيادي واضح للجزائر التي تعمل على رسم معالم معادلة تتيح المجال لوقف الجهود الساعية للتدخل الخارجي في الساحة الليبية، الأمر الذي اضعف الدور المصري وقيده بشكل كبير.

مع تراجع الدور المصري في كل من سوريا والعراق واليمن، لم يبق الملف الفلسطيني المدخل الفعال للتعاطي مع الضغوط الداخلية والخارجية التي تعاني منها البلاد، مدخل بات نمطا ثابتا على مدى السنوات الثلاث الماضية، غير انه لا يعكس قوة وفاعلية دورها الإقليمي؛ بل يعكس التراجع الواضح في الدور الإقليمي لصالح تكتيكات ليس لها ترجمة إستراتيجية على الأرض.

الملف الفلسطيني الورقة الرابحة المتبقية والملف الوحيد الذي تستطيع القاهرة أن تتكئ عليه لصياغة دور إقليمي ترتكز عليه في ظل أزمتها الداخلية وتراجع فاعليتها الإقليمية، غير أن المدخل السياسي للتعاطي مع الملف الفلسطيني يعكس الارتباك في السياسة الإقليمية الداخلية والخارجية؛ ومهد الطريق لادوار إقليمية أكثر فاعلية، ما يفسر امتعاض القاهرة من أي دور تركي يضعف قدرتها على الاستفادة من الورقة الفلسطينية؛ أمر فأقمته المبادرة الفرنسية لإحياء حل الدولتين التي انخرطت فيها الرياض في حين غابت القاهرة عن لعب أي دور فاعل في التعاطي مع هذه المبادرات والتوجهات، وزاد من مستوى الإحباط الدور الجزائري المتصاعد في ليبيا الذي قيد الدور المصري وحد من فاعليته.

مصر تعمق أزمتها الداخلية والخارجية بإنكار دائم لحقيقة الأزمة وعناصرها الأساسية، ويفاقم الأزمة عدم التوافق بين أجنحة النظام المصري وتصارعها؛ وهو ما بات واضحا في كل شأن من شؤون حياة المصريين؛ ولعل الإعلام هو ابرز الواجهات التي تكشف عن عمق هذا الصراع، فضلا عن انعدام التناسق والانسجام بين أجهزة الدولة المختلفة؛ فكل طرف يدفع باتجاه مختلف أو يسعى لتوظيف ذات الأوراق بطرق متعددة لتعزيز مكانته سواء في رسم السياسة العامة أو في الحصول على دعم أو شرعية خارجية أو داخلية استعدادا لمرحلة بدأت استحقاقاتها تقترب مع تفاقم الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية واقتراب أثيوبيا من انجاز مشروعها على نهر النيل.