خمسة أشهر مرّت على اندلاع الهبة الجماهيرية ضد ممارسات الاحتلال الإسرائيلي وقطعان مستوطنيه في القدس والضفة المحتلتين، ويومًا وراء آخر يزداد اعتقاد الإسرائيليين أن الشعور بالأمن بات "مستحيلًا" في ظل عجز أمني واستخباراتي يمنع تنفيذ عمليات الدهس والطعن البطولية.
"ثلاثاء الطعن" أو "يوم الطعن" أو "يوم الانتقام"، أسماءٌ وإن اختلفت ألفاظها إلا أنها في مجملها تصف يومًا لن يمحى من تاريخ المقاومة الفلسطينية ضد الاحتلال. يومٌ انطلقت فيه صافرات الإنذار في كبريات المدن المحتلّة، وتبدد فيه وهم الأمن وحلّ الرعب مجددًا بأقوى صوره.
باكورة العمليات كانت عصر الثلاثاء حين نفذ شابٌ عملية طعن في مستوطنة "بتاح تكفا" شرق "تل أبيب" المحتلّة، أعقبها بساعتين تقريبًا عملية إطلاق نار في القدس المحتلّة، وبعدها بأقل من ساعة عملية طعن في يافا، والحصيلة قتيلان أحدهما جندي، و13 مصابًا أغلبهم وصفت إصاباتهم بالحرجة.
مفاجأة مرعبة
المحلل السياسي والمختص بالشأن الإسرائيلي "عدنان أبو عامر" رأى في اتصال خاص مع "فلسطين الآن"، أن عمليات الثلاثاء شكّلت نقلة نوعية في انتفاضة القدس الشعبية، ذلك أن التقديرات الاستخباراتية الإسرائيلية رجّحت استمرار الهدوء واستقرار الأمن.
وأضاف "شهرا يناير وفبراير سجلتا أقل معدل لعمليات الطعن والدهس، وعليه كان التقديرات ترجح تراجع الانتفاضة، حتى جاءت عمليات الثلاثاء لتؤكد أننا أمام تصاعد نوعي ومفاجئ بالعمليات؛ حيث دخلت مدينة يافا المحتلّة للمرة الأولى على خارطة العمليات".
وأكّد المختص بالشأن الإسرائيلي أن هذه العمليات شكلت نقلة نوعية في الانتفاضة، وتحولًا كبيرًا لم تتوقعه الأجهزة الأمنية الإسرائيلية.
وتوقع أبو عامر أن تجعل العمليات الحالية من موسم السياحة بالصيف المقبل "كارثيًا على الاحتلال، خاصة أن أحد قتلى الأمس سائح أمريكي".
تبادل اتهامات
من جانبه، اعتبر المحلل السياسي والمختص بالشأن الإسرائيلي "وليد المدلل" أن استمرار عمليات الإعدامات الميدانية التي ينفذها جنود الاحتلال بدمٍ بارد بحق الشبان والفتيات بمزاعم محاولات تنفيذ عمليات طعن ودهس تشكل دافعًا قويًا لتنفيذ هذه العمليات.
ورأى المدلل خلال حديثه في اتصال خاص بـ"فلسطين الآن"، أن هذه العمليات ما تزال "عمليات فردية بعيدة عن العمل المنظم"، وبعد مرور كل هذا الوقت هناك تبادل للاتهامات بالفشل الذريع في أوساط الاحتلال.
وتابع "هناك اتهامات بين المستويات السياسية المختلفة في النكوص وعدم القدرة على لجم هذه العمليات، وهناك طرح بإعادة تفعيل العملية السياسية لأنها ستكون بمثابة "اسفنجة" التي سوف تقوم كل حالة الاحتقان الموجودة".
وأكّد المختص بالشأن الإسرائيلي أن حكومة نتنياهو اليمينية ليس في مقدروها ولا نيتها تقديم حاجة للفلسطينيين، وهي تحجم عن الذهاب إلى عملية سياسية.
وتابع "ستقوم بإجراءات توظيف مزيد من الجهد والميزانيات للمؤسسات الأمنية والشرطية وجيش الاحتلال لقمع هذه العمليات (...) ومحاولة اختراق الجبهة الداخلية الفلسطينية من خلال التعاون والتنسيق الأمني".
وبين السعي الإسرائيلي المكثّف للقضاء على العمليات البطولية، والحق الفلسطيني في تنفيذها ردًا على عدوان الاحتلال وبطشه بحق المقدسات والمدنيين العُزّل، الثابت أن الأمن في "إسرائيل" منزوع والرعب يفعل أفعاله في مجتمع قائم على وهم نظرية الأمن والاستقرار.