نظم المركز الفلسطيني للتنمية والحريات الاعلامية "مدى" مؤتمرا صحفيا صباح اليوم تم خلاله إعلان صدور تقريره السنوي حول الانتهاكات التي تعرضت لها الحريات الاعلامية عام 2015 وأبرز ما تضمنه التقرير، والهجمة الاسرائيلية الأخيرة ضد الحريات الاعلامية التي جاءت تنفيذا لقرار أصدره رئيس حكومة الاحتلال يقضي بإغلاق مؤسسات اعلامية بذريعة قيامها بالتحريض وما تخلل ذلك من اغلاق لقناة فلسطين اليوم وشركة ترانس ميديا، واعتقالات وتهديد لعدد من الصحافيين.
وأكد موسى الريماوي مدير عام مركز "مدى" خلال المؤتمر أن انتهاكات الحريات الاعلامية في فلسطين سجلت خلال العام 2015 ذروة جديدة مقارنة بما تم رصده خلال السنوات الماضية، مشيرا إلى أن أشد هذه الاعتداءات قسوة كانت مقتل طالب الاعلام في الكلية العصرية أحمد جحاجحة برصاص جيش الاحتلال خلال اقتحامه مخيم قلنديا في الضفة الغربية، ومقتل المصور في تلفزيون فلسطين كمال أبو نحل في غزة على أيدي مجهولين في جريمة لم يتم الكشف عن مقترفيها حتى لحظة صدور هذا التقرير.
وأوضح الريماوي أن مركز "مدى" رصد خلال العام الماضي ما مجموعه 599 اعتداء وانتهاكا ضد الحريات الاعلامية والصحفيين، منوها أن هذا العدد هو الأعلى على الاطلاق، الذي يسجل في فلسطين منذ بدأ "مدى" برصد الانتهاكات ضد الحريات الصحفية قبل نحو عقد من الزمان.
وقال "مقارنة بالعام 2014 فقد ارتفع مجمل الانتهاكات (الاسرائيلية والفلسطينية) ضد الحريات الاعلامية في الضفة والقطاع عام 2015 بمقدار 134 نقطة أو ما يعادل نحو 29% علما أن عام 2014 كان شهد أعنف وأكبر عدد من الانتهاكات على امتداد السنوات التي سبقته.
وأضاف مدير عام مركز مدى "عند مقارنة مجمل الاعتداءات (الاسرائيلية والفلسطينية) التي سجلت ضد الحريات الاعلامية في الضفة وقطاع غزة عام 2015 مع تلك التي سجلت عام 2013 فإننا سنجد أنها ارتفعت بنحو 162% اي بمعدل زيادة سنوي بلغ 81%".
وأكد أن الاحتلال الاسرائيلي ارتكب الجزء الاكبر والأشد خطورة من مجمل هذه الانتهاكات (407 منها أو ما يعادل 68%)، في حين ارتكبت جهات فلسطينية مختلفة في الضفة والقطاع ما مجموعه 192 انتهاكا أو ما نسبته 32% منها.
وقال "تعرضت الحريات الاعلامية والصحافيين لعمليات قمع شرسة وواسعة من قبل الاحتلال الاسرائيلي، تصاعدت وتيرتها خلال الشهور الثلاثة الاخيرة من عام 2015 وذلك بالتزامن مع الهبة الشعبية الفلسطينية التي اندلعت ضد الاحتلال مطلع تشرين أول".
وأضاف الريماوي " لاحظنا في مركز مدى أن وتيرة القمع واستهداف الصحافة من قبل الاحتلال ارتفعت بشدة خلال عام 2015 وأصبحت أكثر سفورا، بل اصبحت أحد المكونات الرئيسة لسياسة الاحتلال الاسرائيلي في مواجهة الفلسطينيين ومحاولة اسكات وسائل الاعلام، مرورا بإغلاق بعضها واجبارها على التوقف جزئيا او كليا عن العمل من اجل الحيلولة دون تغطية ممارسات وافعال الجيش الاسرائيلي وفضحها".
وأشار تقرير مدى إلى أن عدد اعتداءات الاحتلال الاسرائيلي ضد الحريات الاعلامية ارتفع عام 2015 بمقدار 56 نقطة أو ما يوازي 16% عما كانت عليه عام 2014، اما عند مقارنة ذلك بعام 2013 فسنجد أنها ارتفعت بمقدار 256 نقطة او ما يوازي 170% اي ان معدل الزيادة السنوي في الانتهاكات الاسرائيلية خلال العامين الماضيين بلغ 85%.
وقال الريماوي "كما في السنوات السابقة بقيت معظم الاعتداءات الاسرائيلية تتركز ضمن الأنواع الخطيرة على حياة الصحافيين وعلى قدرتهم على أداء واجباتهم المهنية، ما يفضح مساع اسرائيلية غير معلنة رسميا لإبعاد الصحافيين ووسائل الاعلام عن اماكن الحدث بغية التعتيم على جرائمها وممارساتها".
وأضاف "ليس أدل على ذلك من الاشارة الى ان معظم الانتهاكات الاسرائيلية التي توزعت على 20 نوعا تتركز ضمن 8 انواع تعتبر الاكثر جسامة وخطورة وتأثيرا على وسائل الاعلام والصحافيين وعلى قدرتهم على الاستمرار في العمل والقيام بواجباتهم المهنية وهي: القتل، الاعتداءات الجسدية والاصابات، الاعتقال والتحويل للاعتقال الاداري، مصادرة او اتلاف المعدات، قرصنة المواقع او التشويش، استخدام صحافيين كدروع بشرية واغلاق مؤسسات اعلامية".
وحسب تقرير "مدى" فقد بلغ عدد الانتهاكات التي تندرج ضمن مجموعة الانواع الثمانية الاشد خطورة وجسامة سالفة الذكر 230 اعتداء اي ما نسبته 57% من مجمل الاعتداءات الاسرائيلية تسببت العشرات منها بإصابات جسدية شديدة للصحافيين لا سيما وان قسما منها نجم عن اعتداءات واستهداف مباشر برصاص الجيش الاسرائيلي الحي والمطاطي او بقنابل الغاز والصوت.
واشار الريماوي الى قرار حكومة الاحتلال الذي صدر في الثامن من اذار 2016 والقاضي بإغلاق مؤسسات اعلامية فلسطينية بزعم انها تمارس "تحريضا يُفضي لتنفيذ هجمات الاسرائيليين" وهو قرار سرعان ما ترجمه جيش الاحتلال باقتحام واغلاق مقري قناة "فلسطين اليوم" وشركة "ترانس ميديا" وما رافقه من تخريب ومصادرة للأجهزة والمعدات الخاصة بهاتين المؤسستين واعتقال وتهديد وعمليات تهديد عدد من الصحافيين العاملين فيهما.
وقال "هذا القرار جاء امتدادا لاعتداءات الاحتلال المتواصلة التي سجلت قفزة كبيرة خلال الشهور الماضية التي تخللها اغلاق ثلاث محطات اذاعة فلسطينية اخرى، وتهديد عدد آخر بالإغلاق تحت يافطة مزاعم الاحتلال بان هذه المؤسسات تمارس التحريض عبر ما تبثه من برامج واخبار واغان حتى".
وبخصوص الانتهاكات الفلسطينية ضد الحريات الاعلامية في الضفة وقطاع غزة، اوضح مدير عام مركز "مدى" انها ارتفعت خلال العام 2015 بصورة مقلقة، وقفزت بمقدار 78 نقطة او ما يوازي 68% مقارنة بما كانت عليه عام 2014 في حين ارتفع عددها بالمقارنة مع عام 2013 بمقدار 114 نقطة او ما يعادل 146% اي ان معدل الزيادة السنوية للانتهاكات الفلسطينية خلال العامين الماضيين (2014 و2015) بلغ 73% ما يثير قلقا جديا ازاء الطريقة التي تتعامل فيها الجهات الرسمية في الضفة وقطاع غزة مع حرية الصحافة والتعبير.
وقال الريماوي "جاء هذا الارتفاع نتيجة ازدياد ملحوظ في عدد الانتهاكات المسجلة في كل من الضفة الغربية وقطاع غزة على حد سواء رغم تفاوت الاعداد بين المنطقتين" موضحا ان 116 انتهاكا (نحو 60%) منها سجلت في الضفة مقابل 76 انتهاكا ارتكبتها جهات فلسطينية في قطاع غزة او ما يعادل 40% من مجمل الانتهاكات الفلسطينية البالغة 192 انتهاكا.
واوضح الريماوي ان معظم الانتهاكات الفلسطينية تتم ويستمر تكرارها لسببين رئيسيين: اولهما يتمثل في عدم ايمان المسؤولين والمؤسسة الرسمية الفلسطينية في الضفة والقطاع (لا سيما المؤسسة الامنية) بحرية الصحافة والتعبير، ورفضهم فكرة الانتقاد او التعبير عن الآراء الاخرى (المغايرة او المناقضة) والتعاطي معها كأفعال تهدد الامن. اما القسم الاخر من الانتهاكات فانه جاء في سياق او كنتاج للمناكفات السياسية الناجمة عن استمرار الانقسام في الساحة الفلسطينية.
ويشير تقرير "مدى" الى ان الانتهاكات الفلسطينية جاءت ضمن 17 نوعا لكن القسم الاكبر منها تركزت ضمن خمسة انواع هي: عمليات الاستدعاء والتحقيق، الاعتقالات، الاعتداءات الجسدية والاحتجاز والمنع من التغطية موضحا ان مجموعة الانواع الخمسة سالفة الذكر هذه تشكل ما نسبته 77% من مجمل الانتهاكات الفلسطينية التي سجلت في الضفة والقطاع.