تحرص السيدة سلوى شعبان سرور (40 عامًا) أن تختار مكانًا مناسبًا لركن حافلتها الصغيرة، بجوار روضة سرور النموذجية غرب مدينة غزة، استعدادًا لنقل الأطفال.
وقبل انصرافهم إلى الحافلة، يقف الأطفال في طابور أمام مبنى الروضة للسماح لهم من قبل معلمتهم السيدة السرور بالمضي نحو الحافلة، ومن ثم الانتقال بهم إلى منازلهم بأمان.
تخرجت سرور من كلية الإعلام، وتشاركت مع شقيقتها لإنشاء روضة للأطفال عام 2005، وبعد فترة من انطلاقة الروضة تلقت إدارتها العديد من الشكاوى من قبل أهالي الأطفال لعدم انضباط سائق الحافلة بالمواعيد المحددة لنقل الأطفال، وهذا ما دعاها لأن تقود الحافلة بنفسها. تقول لـ"فلسطين الآن".
بداية صعبة
تروي السيدة سرور بداياتها مع هذه المهنة التي تعرف بطابعها الذكوري، قائلة "البداية كانت صعبة وخاصة أني امرأة أعيش في وسط مجتمع ينظر للتغيرات الجديدة بنظرة عجب"، مستدركة "لكني فخورة جدًا بما قدمت خلال عملي بحافلة لنقل طلبة رياض الأطفال إلى منازلهم".
وأبدى أهالي الأطفال تشجيعًا كبيرًا للفكرة، مشيرة إلى أنهم كانوا دائمًا محفزين لها، مضيفة "هذا ما جعل آلية التواصل بينهما أسهل من كون السائق رجل، فبعض السائقين قد لا يلتمسون العذر لتأخر الطفل عن الحافلة".
وتتحلى سرور بروح مرحة عند استقبالها الأطفال وتحببهم للذهاب إلى الروضة، إذ ظهر ذلك جليًا عندما استقبلتهم لنقلهم للمنازل، وتعمل سرور بداخل الروضة معلمة تربوية للأطفال وتعلمهم السلوك الصحيح وكيفية كتابة الحروف ونطقها.
ولفتت سرور إلى أنها غير متزوجة وتقطن مع والدتها التي تعمل في وزارة الصحة، مما وفر لها الفرصة لتتفرغ للعمل خارج المنزل.
وترفع المعلمة شعار الاعتماد على النفس وتحمل المسؤولية والبحث عن لقمة العيش لمواكبة الحياة وتحدياتها.
نظرة غرابة
وتشير إلى أن "عيون المارة تلاحقني عند أي مفترق أو شارع أسلكه، وهذا ما جعلني في إحدى المرات أن أواجه أحدهم" مرجعة ذلك الأمر لطبيعة المجتمع الغزي الذي يأخذ كل شيء جديد حتى لو كان إيجابيا بنظرة استهجان وغرابة. كما تقول.
وذكرت سرور لـ"فلسطين الآن"، "أنها تدخل عامها الخامس في مهنة السائق للروضة وهي بكامل صحتها", فهي لا تعاني من أي تعب أو ارهاق بعد الانتهاء من يوم عمل طويل وذلك لحبها الشديد للمهنة التي تفتخر بها.
وتبين سرور أن هذه المهنة ليست فقط مهنة عادية بل اتخذتها باب رزق يوفر متطلبات الحياة المتنوعة في ظل الظروف المعيشية والاقتصادية الصعبة.
وتتمنى أن تبقى معيلة لذاتها من خلال هذه المهنة دون أن تمد يدها لأحد وبشكل عام أن تحظي المرأة في المجتمع الفلسطيني خاصة الغزي بمكانة مرموقة وتتمتع بكافة الحقوق المشرعة لها.