22.79°القدس
22.55°رام الله
21.64°الخليل
25.08°غزة
22.79° القدس
رام الله22.55°
الخليل21.64°
غزة25.08°
السبت 23 اغسطس 2025
4.56جنيه إسترليني
4.75دينار أردني
0.07جنيه مصري
3.95يورو
3.37دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.56
دينار أردني4.75
جنيه مصري0.07
يورو3.95
دولار أمريكي3.37

الممثليات الدبلوماسية.. أوكار فساد ومصائد للمقاومين

1-557239
1-557239

فتحت حادثة اغتيال القيادي في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين عمر النايف على يد الموساد الإسرائيلي أو أعوانه، خلال تواجده في مقر السفارة الفلسطينية في العاصمة البلغارية "صوفيا"، فتحت الباب على مصراعيه حول ملف "السفارات" الفلسطينية المنتشرة حول العالم، ودور السفراء والقناصل في دعم النضال الوطني، ونقل المعاناة الفلسطينية للدول التي يقيمون فيها..

لكن ذلك لم يكن هو الحال الذي تعيشه تلك الممثليات الدبلوماسية، فعلى العكس تماما، تحظى السفارات والسفراء والقنصليات بسمعة سيئة، وتكال لها الاتهامات بالتقصير في المهام المناطة بها، بل أكثر من ذلك، فهناك اتهامات وشبهات لها بالسفاد المالي والأخلاقي.

94 بعثة

ويبلغ عدد السفارات أو البعثات الدبلوماسية الفلسطينية المنتشرة في العالم الآن حوالي 94 بعثة وفق الإحصاءات المتوفرة، وهي موزعة كالتالي: 25 بعثة في إفريقيا، 25 في آسيا، 32 في أوروبا، 5 في أميركا الشمالية، 6 في أميركا الجنوبية، وواحدة في أوقيانوسيا. هذا فضلاً عن الوفود والمكاتب التمثيلية التي تمثل السلطة الفلسطينية في بعض الدول التي لا تعترف بدولة فلسطين أو تعترف بها جزئياً، وهناك وفود ومكاتب تمثيلية في عدد من المنظمات الدولية.

وتقدر نفقات البعثات والممثليات الفلسطينية بحوالي 200 مليون دولار سنوياً، ويُنتظر إعلان رسمي حول الميزانية المرصودة للتمثيل الخارجي.

فساد بالتعيينات

لكن السؤال الذي يطرح بقوة، يدور حول كيفية اختيار السفراء؟!! ومدى التزام منظمة التحرير بكل فصائلها ومكوناتها بتطبيق ومراعاة ما ورد في قانون السلك الدبلوماسي رقم (13) لسنة 2005، الذي أصدار مجلس الوزراء اللائحة التنفيذية له بهدف تحديد القواعد والاحكام التي يتم بموجبها التعامل مع التعيين والترقية في السلك الدبلوماسي.

يقول مستشار مجلس إدارة ائتلاف "أمان" لشؤون مكافحة الفساد د.عزمي الشعيبي إنه "من الضروري مراجعة واقع إشغال الوظائف الدبلوماسية من حيث التعيين والترقية، وذلك لما يعتريها من فجوات تتعلق بضعف الشفافية والرقابة على التعيينات، وتأثير العلاقات الشخصية عليها، وضعف الالتزام بالقانون الناظم لها".

ويشير الشعيبي -في حديث مطول مع "فلسطين الآن"،- إلى أن وزارة الشؤون الخارجية رغم اعتبارها واحدة من مؤسسات السلطة، إلا أن ممارسة التعيين والترقية للسفراء تتم خارج مؤسسات الإشراف والرقابة التابعة للسلطة، وتحديداً عند الحديث عن غياب تام للدور الرقابي الخاص بديوان الموظفين العام فيما يتعلق بالموظفين الدبلوماسيين، ما سمح بوجود ثغرات واسعة تم استخدامها في تعيينات لأسباب شخصية أو سياسية أو استرضائية أو محسوبية، أو ربما لحل المشاكل المالية لبعض الأفراد"، مطالبا ديوان الرقابة المالية والإدارية بالقيام بدوره في الرقابة على شغل هذه الوظائف للتأكد من مدى احترام وزارة الشؤون الخارجية للإجراءات واجبة الاتباع.

المفارقة أن معظم العاملين في الوظائف الدبلوماسية يطبق عليهم قانون التقاعد العام، ما يحتّم قيام ديوان الموظفين العام بالإشراف على مدى تطبيق المسؤولين عن هذه التعيينات لاحكام وإجراءات النظام الإداري الخاص بالوزارة، كون هؤلاء العاملين محكومون بنظام خاص لا يعني انهم غير خاضعين للرقابة والإشراف، وهذا ينطبق على كل المؤسسات العامة التي لها نظام إداري خاص.

الشعيبي طالب رئيس السلطة محمود عباس ووزارة الخارجية وقف إصدار أية مراسيم لا تتقيد بأحكام قانون السلك الدبلوماسي وإجراءاته المُلزمة، مشددا على أن التعيينات والترقيات والتنقلات والترضيات للبعض لا يجب أن يكون حلها ضمن إطار السلك الدبلوماسي.

مخالفات جسيمة

وكان إئتلاف "أمان" قد أصدر ورقة راجعت التعيينات والترقيات الدبلوماسية التي تمت من عام 2010-2015 وصدر بها مراسيم رئاسية ونشرت في جريدة الوقائع الرسمية والبالغ عددها 78 قراراً، مع تبيان الإطار القانوني الناظم لتلك التعيينات والترقيات والتنقلات، إذ أنه من خلال مراجعة الأسماء التي وردت في القرارات تشير وبشكل واضح إلى أن الكثير من هذه التعيينات والترقيات قد تمت لأقارب بعض المتنفذين الرسميين، وبعضها يحمل مخالفات صريحة للقانون الدبلوماسي الذي ينص -على سبيل المثال- على أن يكون قد مضى على وجود المستشار أول في درجته مدة 4 سنوات قبل ترفيعه إلى سفير، وقد تم في بعض الحالات خرقها.

يعلق الشعيبي على ذلك بقوله "قرارات أخرى حملت شبهات تضارب مصالح في التعيين والترقية، وفي حالات أخرى تم تعيين مستشارين للرئيس بدرجة سفير، علما بأنهم لا علاقة لوظائفهم بالعمل الدبلوماسي، ما يشير إلى توجه لاستغلال ميزات وحقوق العمل الدبلوماسي من غير الدبلوماسيين. وفي تعارض واضح مع قانون السلك الدبلوماسي، تم في بعض الحالات نقل موظفين من الخدمة المدنية مباشرة إلى السلك الدبلوماسي دون المرور بالإجراءات الواردة في القانون الدبلوماسي والنظام الخاص، حيث تم نقل موظفين في الأمانة العامة لمجلس الوزراء ومحافظة رام الله ومن ديوان الرئاسة وديوان الموظفين العام إلى العمل الدبلوماسي".

اعترافات من الداخل

وقد اعترف سفراء للسلطة من بينهم السفير السابق عدلي صادق، بوجود حالة من الشخصنة والمزاجية والتعيينات العشوائية أو المدبرة عمدًا على صعيد تعيينات السلك الدبلوماسي الفلسطيني، مشيرا إلى وجود خلل أخلاقي لدى سفير السلطة في بلغاريا بشهادة من عمل معه. وكشف صادق عبر صفحته الشخصية على الفيسبوك عن احتفاظه بأوراق تثبت تورط السلطة باستهداف وملاحقة سفراء والتضييق عليهم، إضافة إلى تعيين ما وصفهم بـ "السحيجة" في سفاراتهم للتنغيص عليهم وتدوين التقارير الكيدية ضدهم. واعتبر أن جريمة اغتيال النايف فرصة لإعادة النظر في كثير من الأمور على صعيد شبكة السلك الدبلوماسي. وشدد صادق، على ضرورة محاسبة السفير الفلسطيني في بلغاريا على سلوكه حيال الكادر والمواطنين الفلسطينيين.

استغلال فج

هذا الاعتراف دفع بالبروفيسور عبد الستار قاسم -المعارض الشهير للمنظمة والسلطة- إلى كتابة مقال، تناول فيه ملف السفارات، مشيرا إلى أن "السفارات فاسدة في عمومها، وتدار بطريقة "فهلوية" معتمدة على الوساطات والمحسوبيات والتمييز بين الفلسطينيين، هناك سوء إدارة وعجرفة من الموظفين تلحق الكثير من الأذى بأفراد الجاليات الفلسطينية، كما نقل عن بعض الطلب الذين تعاملوا معها والعارفين بشئونها قولهم إنها "أوكار للفاسدين والفاشلين والمتعصبين لتنظيم معين، وهم يستعملون السفارة لتحقيق مآرب شخصية هي في الغالب شهوانية.

ومن الملاحظات أن "موظفي السفارة يعملون في الغالب بالتجارة، ويستغلون مناصبهم وتمثيلهم لتمرير مصالحهم التجارية التي تتعمق مع الزمن مع تجار محليين، كما أن السفير مشغول غالباً باللهو والمتع، وقلما تشغل باله القضية الفلسطينية. وبعض السفراء لا يكلفون أنفسهم حتى عناء حضور محاضرات وندوات حول القضية الفلسطينية".

وتابع "يتميز الموظفون عموماً بسوء السلوك وبأخلاقيات على درجة منخفضة جداً، ما يسيء للفلسطينيين والقضية الفلسطينية، وبعض الموظفين يعملون بالتهريب ويسيئون لاقتصاد البلد المضيف".

ويرى قاسم أن "السفارات الفلسطينية لا يمكن أن تختلف عن باقي المؤسسات الفلسطينية، فهي ابنة النظام، ولا مفر ستعكس أخلاقيات نظام "أوسلو"".

اختراق سهل

ويلفت المعارض الفلسطيني إلى أن المؤسسات الفلسطينية بشكل عام تفتقد للتحصين الأمني "ومن السهل اختراقها والسيطرة عليها من القوات الصهيونية، والسفارات الفلسطينية ليست استثناء وهي تعاني من ضعف التحصين الأمني، وقابلة للاختراق من مخابرات وجنود وأشخاص، وقابلة للاختراقات الإلكترونية".

وأكبر دليل -حسب قاسم- على هذا الضعف -إن لم يكن التواطؤ- هو اختراق السفارة الفلسطينية في بلغاريا واغتيال النايف.

ويختم قاسم مقاله بالقول "ما مدى اهتمام من ينسق أمنياً مع الصهاينة بأمن الفلسطينيين سواء تواجدوا داخل فلسطين أو خارجها؟ وإذا كان رأس التمثيل الدبلوماسي قد ارتضى لنفسه تجاوز كل المحرمات الوطنية والأمنية الفلسطينية أفلا يرتضي لنفسه تجاوز المحرمات الوطنية والأمنية في السفارات الفلسطينية؟ المسألة لا تحتاج الكثير من الذكاء، وإنما تتطلب فقط ربط العلاقات الجدلية بعضها ببعض، وفي النهاية الحصاد من جنس البذر".