19.45°القدس
19.3°رام الله
18.3°الخليل
24.5°غزة
19.45° القدس
رام الله19.3°
الخليل18.3°
غزة24.5°
الثلاثاء 08 أكتوبر 2024
4.95جنيه إسترليني
5.35دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.15يورو
3.79دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.95
دينار أردني5.35
جنيه مصري0.08
يورو4.15
دولار أمريكي3.79

بساط الريح اليمني

هشام منور
هشام منور
هشام منور

استثمار الجاليات اليهودية في العالم العربي، من أبرز النقاط التي تركز عليها الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة دونما كلل أو ملل، ومع إعلان مسؤولين إسرائيليين أن كيان الاحتلال نقل 19 يهودياً من آخر الرعايا المتبقين في اليمن في "عملية سرية ومعقدة".

وأوضحت وسائل إعلام عبرية أن 17 وافداً يمنياً وصلوا إلى مطار "بن غوريون"، لينضموا إلى زوجين يمنيين يهوديين وصلوا البلاد قبل أيام قليلة. وذكرت القناة الإسرائيلية الثانية أن طائرة تابعة لشركة "العال" الإسرائيلية، هبطت في مطار "بن غوريون" في تل أبيب وعلى متنها المهاجرون الجدد، في عملية سرية جرت بالتعاون مع وزارة الخارجية الأميركية.

القناة أوضحت أن التنسيق الأميركي-الإسرائيلي أفضى إلى إيجاد "معبر آمن" تم من خلاله نقل اليهود إلى الطائرة الإسرائيلية، التي كانت بانتظارهم في دولة ثالثة لم تحدد هويتها، ومن ثم توجهوا إلى (إسرائيل) التي وصلوا اليها بعد منتصف الليل.

من جهتها، أوضحت "الوكالة اليهودية" التي تتولى تنسيق هجرة اليهود إلى فلسطين المحتلة أن العملية ضمّت نقل 19 يمنياً، بينهم 14 شخصاً من بلدة ريدة، الواقعة في عمران شمال غرب اليمن، وأسرة مكونة من 5 أفراد من صنعاء. وضمت المجموعة القادمة من مدينة ريدة حاخام الطائفة سليمان دهاري، الذي جلب معه لفائف توراة يُعتقد أن عمرها يتراوح بين 500 و600 عاماً.

وصرّح رئيس اللجنة التنفيذية "للوكالة اليهودية" ناتان شارانسكي، أن "هذه لحظة في غاية الأهمية في تاريخ (إسرائيل)"، مضيفاً أنه "من عملية "البساط السحري في عام 1949 وحتى يومنا هذا، ساعدت الوكالة اليهودية في جلب يهود اليمن إلى موطنهم بـ(إسرائيل). اليوم تنتهي هذه المهمة التاريخية". وأشارت الوكالة إلى أنها خلال السنوات الأخيرة، تمكنت "سراً"، من "إنقاذ" نحو 200 يهودي من اليمن، لافتة إلى أن "الهجمات ضد الجالية اليهودية زادت حيث مزقت الحرب الأهلية الدولة". في المقابل، أوضحت الوكالة أن قرابة 50 يهودياً لا يزالون في اليمن وهم اختاروا البقاء.

يكتمل مشهد البؤس في بلاد المشرق، البؤس الذي يرسخه العالم المتناقض والمتحارب وتتوجه (إسرائيل) عبر وكالتها التي بدأت "مهمتها التاريخية" المستمرة منذ عام 1949 لتهجير يهود اليمن إلى الأراضي الفلسطينية، إذ أقدمت على استقدام نحو 50 ألف يهودي يمني في الفترة ما بين عامي عام 1949 و1950 في إطار عملية سُميت "البساط السحري". وليس هذا البساط سوى الطائرات الحديثة التي حملت يهود اليمن إلى فلسطين.

من دون شك أن الأقليات بمختلف ألوانها تعيش إشكاليات تراجيدية في البلدان العربية (لا يختلف واقع الأكثريات). كثير من أفرادها يهاجرون بسبب القمع والحياة البائسة وبحثاً عن حياة هانئة في البلدان الغربية. وبعضهم الآخر يتعرض للتهجير والشتات. ما فعله الاحتلال الإسرائيلي كان أشد فتكاً من الأنظمة. وهي شريكة بعض الأنظمة في اقتلاع يهود العالم العربي من جذورهم الثقافية واللغوية والاجتماعية، بالترغيب أو الإكراه، خصوصاً في العراق وفي اليمن.

قضية يهود اليمن لم تبدأ مع تقسيم فلسطين عام 1948، إنّما في عام 1882 أول موجة من الهجرة اليهودية إلى فلسطين عندما بدأت ظروف اليهود تزداد سوءاً. فعندما أُعلن عن نهاية الانتداب البريطاني على فلسطين عام 1947 حدثت أعمال شغب أسفرت عن وقوع مذبحة دموية قُتل خلالها ٨٢ يهودياً مرزاحياً في عدن وكانت هذه المذبحة مقدمة للتهجير الإسرائيلي لليهود من اليمن بالتزامن مع تهجير العرب من فلسطين، ولا أحد يستغرب أن تكون المجزرة بحق اليهود اليمنيين عام 1947 مؤامرة إسرائيلية، فما حصل لاحقا هو أكثر وحشية، ويتجلى في خطف السلطات الإسرائيلية أطفال الأسر اليهودية اليمنية التي وصلت للأراضي المحتلة، وهذه القضية لا تنسى.. ووفقا للمؤرخين، فقد اختطفت السلطات الإسرائيلية مئات الأطفال من أسر يهودية يمنية، وأُرسل بعضهم للتبنّي دون علم أهلهم. ونُقل كثيرون منهم إلى المستشفيات، على الرغم من أنّ بعضهم كانوا مرضى. تراكمت مئات الشهادات المماثلة في الموضوع: زار كثيرون من الأهل أطفالهم في المستشفيات، وهناك قيل لهم إنّ الطفل توفي ودُفن.

هي سياسة التهجير المستمر والاستثمار السياسي لمظلومية الأقليات اليهودية في العالم العربي، ولكن ما يتعرض له الشعب اليمني المناصر دوماً للشعب الفلسطيني، يخص فئة أو شريحة من شرائحه دونما أخرى، لكن الاستثمار والتسويق السياسي لا بد أن يطرح المزيد من التساؤلات عن دور الاحتلال الإسرائيلي في تزكية الحروب والصراعات في مناطقنا، وعن موقفنا تجاه ذلك!