يوم الارض في 30 آذار شكل علامة فارقة في نضال الشعب الفلسطيني والتمسك بالأرض والدفاع عن الحقوق الوطنية المشروعة، لقد وقف الشعب الفلسطيني في هذا اليوم بالجليل الاشم، والمثلث الباسل ، وسخنين وعرابة البطوف وكفركنا والطيبة ، للدفاع عن ارضه بمواجهة سياسة التهويد والاستيطان، وعمد بدماء الشهداء الزكية طريق النضال ، حيث تأتي هذه الذكرى في ظل ظروف ومناخات سياسية صعبة ومخاطر وأزمات تعصف في المنطقة العربية, ورغم ذلك تبقى صورة شعبنا الفلسطيني راسخة في ثباته وتمسكه بأرضه و حقوقه وثوابته الوطنية، ويوم الأرض أحد هذه الثوابت, لما تحمله هذه المناسبة من معانٍ رمزية ودلالات بالنسبة لشعبنا الفلسطيني الصامد، ويوم الأرض يجسد الإرادة الوطنية والرباط الروحي الوثيق بين الإنسان الفلسطيني وأرضه وهذه المناسبة مثلت نموذجاً لمعاني التضحية وعنواناً بمواجهة العدو الصهيوني .
يأتي يوم الارض ولا زال العدو الصهيوني الاستيطاني سائرا في تنفيذ مخططاته التي تستهدف نشر الاستيطان في كل بقعة من بقاع فلسطين فكما الضفة والقدس مستهدفة فان الجليل والمثلث والنقب ومدن حيفا ويافا والرملة واللد مستهدفة ايضا، فشعار العدو هو التطهير العرقي عبر قانون ارض اكثر وعرب اقل، وليست أي وسيلة من وسائل هذا التطهير مستثناة من هذا الفكر الاجرامي.
وامام يوم الارض تتصاعد انتفاضة الشابات والشباب الفلسطيني من خلال دفاعها عن الارض حيث ترسم بشهدائها خارطة فلسطين وليثبتوا للعدو أن الضحية أقوى من الجلاد ، رغم كل المحاولات الهادفة الى اجهاضها ، بدلا من توفير الحاضنة الجماهيرية والسياسية والاقتصادية للشباب الثائر، علما أن قضية الشعب الفلسطيني أكبر بكثير مما يحصل على الأرض من تشكيلات وتفصيلات جديدة, وطرح الحلول الجزئية, أوالرهان مجدداً على مبادرات تريد العودة الى المفاوضات التي يحصد فيها العدو المزيد من الوقت ومصادرة الأراضي ، ولكن لم يعلموا هؤلاء الصامتين عن جرائم الاحتلال ان قضية فلسطين أكبر بكثير مما يطرح , زان هذه الانتفاضة عنوانها الحرية والاستقلال , وحق العودة جوهر القضية الفلسطينية , و إقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس والسيادة الكاملة غير المنقوصة , فهذا هو فهمنا لطبيعة المشروع الصهيوني الاستيطاني الاستعماري هو على النقيض تماما لحقوق الشعب الفلسطيني ومشروعه الوطني التحرري الفلسطيني.
في هذه الظروف نقول للجميع إن النضال الوطني يتطلب المزيد من التضامن وإعداد الخطط والبرامج ومطالبة الاحزاب العربية بوضع الاستراتيجيات ، كما على القوى والفصائل الفلسطينية, المراهنة دوماً على قدرة وإرادة الشعب الفلسطيني والشعوب العربية في تجاوزها للأزمات والعجز الذي بات يمثله النظام العربي الرسمي ،لأن الجماهير العربية التي تؤيد الانتفاضة والمقاومة وتعتبرها إحدى الخيارات المشروعة, ويجب ان يبقى الرهان على المزيد من النضال العربي والقومي, لإفشال سياسة الإدارة الأمريكية في المنطقة , والوقوف في وجه الهيمنة وما تمثله السياسة الأمريكية من انحياز إلى جانب الكيان الصهيوني وداعم لهذا الكيان من خلال وقوفها إلى جانبه بوجود شراكة أمريكية صهيونية .
لذلك نرى في هذه اللحظات ان وجود العمق العربي والأممي للقضية الفلسطينية عبر التضامن ورفض المجتمع الدولي للسياسة الأمريكية الصهيونية , ووقوف حركات التضامن العالمي والحركات المناهضة للعولمة إلى جانب قضيتنا العادلة وحقوقنا المشروعة يشكل بارقة امل في استمرار النضال الوطني على كافة المستويات.
ونحن نقف في يوم الارض نتساءل اين تقييمنا لهذه المسيرة النضالية الشاقة، هذه المسيرة التي عمدت بدماء الالاف من الشهداء وفي مقدمتهم قادة عمالقة وقفوا وقفة شموخ وعزة وقوة في مواجهة كافة التحديات والتجارب الصعبة والمعقدة، بكل ما تخللها من انتصارات واخفاقات ودروس وعبر. لم تكن حياتهم مفروشة بالورود، ولم يعيشوا في شقق فخمة بعيداً عن هموم شعبنا وثورتنا، بل كانت حياتهم محفوفة بكثير من المخاطر والمنعطفات والتضاريس الوعرة، لكنها كانت مفعمة بالأمل والإيمان والتحدي والتصميم على مواصلة الكفاح إلى جانب شعب قرر أن يدفع الغالي والنفيس في سبيل استعادة حريته وكرامته وأرضه المغتصبة من براثن العدو الصهيوني الذي حرمه من حقه في الحياة الحرة الكريمة.
ومن موقعنا نقول ان مرحلة صعبة وقاسية، تحتاج إلى كثير من التضحيات الجسيمة التي تبدأ بإنكار الذات وبكل ما هو شخصي، بعيداً عن التمسك بالامتيازات والمكتسبات والحياة الروتينية التي يعيشها السواد الأعظم من قادة وكوادر الفصائل، اولذين تقع عليهم مسؤولية كبيرة في المهمات الشاقة، ومواجهة الكثير من التحديات قولا وفعلا، بكل تواضع، بعيدا عن التعالي واستغلال المناصب، واعطاء الشباب دورهم الوطني والنضالي ، وتطبيق العدالة والمساواة للمناضلين في الفصائل والقوى الفلسطينية ، نعم اقول ذلك بيوم الارض واتمنى ان يتسع قلب الجميع لهذا الموقف من اجل رسم الرؤية والنظرة الثاقبة القادرة على استشراف المستقبل، باعتبار ان يوم الارض يشكل بوصلة النضال.
وامام كل ذلك وفي ظل انتفاضة شعبنا ونحن اليوم في ذكرى يوم الارض ، نشدد على اهمية تعزيز الوحدة الوطنية الفلسطينية باعتبارها الرد على السياسة الصهيونية ، وهذا يستدعي انهاء الانقسام الكارثي وضرورة استكمال تجاوز الأزمة الفلسطينية على الصعيد الوطني الداخلي, عبر التمسك بالثوابت الوطنية وتفعيل منظمة التحرير الفلسطينية ومؤسساتها على ارضية شراكة وطنية حقيقية, والمراهنة على إرادة الشعب الفلسطيني وليس على مبادرات من شأنها أن تختزل صورة النضال الفلسطيني.
ختاما : لا بد من القول، ان وحدة الارض الفلسطينية والتضامن والوقوف إلى جانب الشعب الفلسطيني في استمرار كفاحه من أجل تحرير ارضه، هو مكمل لمجمل النضال الوطني الفلسطيني, ونحن نتذكر شهداء يوم الارض في سخنين , وعرابة ودير الأسد, والناصرة, وأم الفحم , وشفا عمرو, شهداء يوم الأرض و شهداء الانتفاضة الباسلة والانتفاضة الاولى والثانية وشهداء فلسطين، ونؤكد بأن الشعب الفلسطيني الذي يتطلع إلى فجر الحرية والاستقلال العودة ، يتطلع الى مزيدا من الصبر والثبات والصمود و العمل والنضال والوحدة الوطنية، لأن قضيته عادلة وستنتصر مهما طال الزمان وعظمت التضحيات.