كثيرون كتبوا عن حماس والخيارات المتاحة أمامها للخروج مما هي فيه ، وكأن حماس بالنسبة لهم مأزومة والأطراف الأخرى في بحبوحة من أمرها، والحقيقة هي عكس ذلك تماما، حيث إننا لا ننكر أن حماس تمر في أزمة ولكن لديها خياراتها وقدرة لتنفيذ تلك الخيارات بعكس اطراف اخرى لا تملك القدرة العملية لتنفيذ خياراتها النظرية.
البعض ظن أن من بين خيارات حماس الارتماء في أحضان أطراف عربية أو الانضمام الى تحالفات خارجية ومنهم من ظن أن " حضن " فتح الدافئ سينجيها مما هي فيه، ولا أدري ما قصة " الاحضان الدافئة " الدارجة في هذه الايام وكنت اتمنى أن يبحثوا عن الدفء والامن لسكان الكرافانات الذين يموتون من البرد في قطاع غزة، ويدعوهم من اللغة البعيدة كل البعد عن لغة السياسة وخاصة حين يتعلق الامر بحركات مقاومة زلزلت الارض تحت اقدام اليهود.
(اسرائيل) ليست الطرف الاقوى في المعادلة بل هي مأزومة ولا تملك الكثير من الخيارات، حيث انها فشلت في فرض ارادتها على قطاع غزة رغم حصارها الطويل واعتداءاتها المتتالية على غزة ، وفشلت في وقف انتفاضة القدس المتصاعدة وفشلت كذلك في ادارة ازمة اسراها لدى المقاومة في قطاع غزة، وشرعيتها " الوهمية" في نظر المجتمع الدولي تتآكل يوما بعد يوم ولم يعد لديها القدرة على استعراض قوتها الا في الضفة الغربية وضد السلطة الفلسطينية.
منظمة التحرير ليس لديها من الخيارات سوى التفاوض مع (اسرائيل) والمفاوضات مجمدة منذ امد بعيد وبالتالي فإن المنظمة لا تملك الا انتظار الطرف الاخر ليوافق على العودة الى طاولة المفاوضات، ولكن يبدو انها تحاول الخروج من عنق الزجاجة وسلوك مسار المجتمع الدولي والتسلح بوحدة الشعب والمصالحة مع حماس، أي ان المصالحة قد تكون طوق نجاة لمنظمة التحرير، ولكن خشيتها من رد الفعل الاسرائيلي يبقيها مترددة خائفة، ولكن ما يساعدها في ذلك هو اعتقاد البعض ان المصالحة مع حماس قد تعيد الهدوء الى الضفة الغربية وتؤمن تهدئة طويلة الامد مع قطاع غزة.
أما بالنسبة لحركة حماس فلديها قوة تهدد أمن (اسرائيل) وتستطيع التلويح بخيار الحرب الدفاعية ان لم يبق الا هو لفك الحصار عن قطاع غزة، ويمكنها كذلك تحقيق هدنة طويلة الامد في حال تم تنفيذ مطالب المقاومة، وما بين هذا وذاك لديها هامش واسع للتحرك في اتجاهات كثيرة ،ومن كان الايمان في قلبه والسلاح على كتفه امتلك كل الخيارات .
