17.77°القدس
17.51°رام الله
16.64°الخليل
22.77°غزة
17.77° القدس
رام الله17.51°
الخليل16.64°
غزة22.77°
الثلاثاء 08 أكتوبر 2024
4.95جنيه إسترليني
5.35دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.15يورو
3.79دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.95
دينار أردني5.35
جنيه مصري0.08
يورو4.15
دولار أمريكي3.79

سكين يهزم فكر الهزيمة

خالد معالي
خالد معالي
خالد معالي

من يُمعن النَظرَ في ارتدادات عمليات الطعن وتأثيرها على كيان الاحتلال على المديين القريب والبعيد يكتشف الكثير مما خفي عن الكثيرين؛ فسكين المطبخ البدائي ضرب عميقًا في قلب فكر الهزيمة، وراح يهزمه بالنقاط، وضرب عميقًا في جدلية بقاء واستمرارية كيان الاحتلال، وحسم أمر قرب فنائه وزواله، وإن بدا قويًّا في عقول وأصحاب من تشبعوا وغذوا بفكر الهزيمة.

"الكف ما بناطح المخرز" كان _ومازال_ شعار فكر الهزيمة على الدوام، لكنه لم يؤمن به الجيل الحالي من الشباب الفلسطينيين، وجنود الاحتلال _بحسب إفادة صحيفة (معاريف) العبرية_ ومن على الحواجز يقولون: "إن جيل الشباب الحالي لا يخافوننا ولا يخشون أحدًا، ويرفضون الانصياع لأوامرنا في الأغلب، مع أنهم تحت تهديد السلاح، وإن الكثير منهم يقولون لنا عبارات التحدي من قبيل: "من أنتم حتى أعطيكم بطاقة هويتي للفحص؟!"، و"من جاء بكم إلى هنا؟!"، و(عودوا إلى بلادكم التي أتيتم منها)".

يكفي أن سكين المطبخ جعل أكثر وأغلب جنود الاحتلال وجمهور "نتنياهو" و"ليبرمان" و"بينت" في حالة خوف من الذبح بالسكين، إن هم ذهبوا إلى التسوق أو وقفوا على محطات نقل الركاب، وهذا بحسب إحصائيات الاحتلال واستطلاعات الصحافة العبرية، التي أقرت بفقدان كل مستوطن وجندي الأمن الشخصي.

يعرف "فِكرُ الهَزيمة" بأنَّه ذلكَ الإنتاج النظري للمفكرين والقادة الذي تقوده أدوات مختلفة أهمها وسائل الإعلام في مجتمع أو دولة ما، ومن هنا إن كل تصريح أو عبارة ينطق بهما المفكرون أو الكتاب الصحفيون أو القادة يعد جزءًا من ذلك الفكر.

سكين المطبخ البدائي استحوذ على اهتمام كتاب ومفكري كيان الاحتلال، وراحت نخبه السياسية تحلل وتفكر في دوافع حمل سكين المطبخ البدائي، وخرجوا بنتيجة ماكرة أن الدافع اقتصادي، واحتفظوا بالسبب الحقيقي، وهو الاحتلال، وأن الجيل الحالي من الشباب الفلسطينيين عشق الحرية ويريدها ومستعد إلى دفع ضريبتها من دمائه الزكية الطاهرة الندية.

عشرات السنين والاحتلال يحاول تدجين العقل العربي والفلسطيني بفكر الهزيمة وزرع أفكار كاذبة بأن جيشه لا يقهر، وأن لا جدوى من محاربته أو مقاومته، وأن كيان الاحتلال دائم وقوي لا يشق له غبار، وهو ما نجح فيه سابقًا ومؤقتًا، وبات مُنتشرًا على مستوى بعض السياسيين والأفراد، لكن الجيل الحالي مزق ثوب فكر الهزيمة، وراح يرتدي ثوب العزة والتحدي والمقاومة والنصر لاحقًا بعون الله.

صحيفة (يديعوت) أيضًا نشرت تحليلًا لـ"رون بن يشاي" يقول فيه: "الخبر السيئ أن وباء السكاكين معدٍ، لا بل يزداد زخمًا، وبات يشكل الآن تحديًا للأجهزة الأمنية، والتحدي هنا ليس جسمانيًّا، بل هو تحدٍّ دماغي، وفي ظل عدم القدرة على التغلب على التحريض الفلسطيني من المتوقع استمرار هذه الحالة".

تكمن مشكلة أصحاب فكر الهزيمة في أن فكرهم يترجم إلى خطوات فعلية على الأرض، وخطورته تكون كبيرة في حال تقبل العامة له، ولكن جيل الشباب الحالي بشهادة كتاب وصحفيي الاحتلال حول فكر الهزيمة إلى فكر تحدٍّ مقاوم، لا يقف في طريقه شيء، حتى سكين المطبخ البدائي هز وأقلق من تظن أنها سادس قوة في العالم، وباتت أوهن من بيت العنكبوت تعد سنينها الأخيرة.

صراع وجدلية الأفكار نحو التحرر سيبقيان يعملان بقوة كبيرة مادام الاحتلال جاثمًا فوق الأرض الفلسطينية المحتلة؛ فأصحاب فكر الهزيمة بالتراجُعِ المُستمر، والانحدارِ نَحوَ الهزيمة، والميلِ إلى الاستسلام حيروا العقول في فكرهم الانهزامي.

قد يظن بعض أن فكر الهزيمة والاستجداء ينحسر عند فرد أو جهة ما دون غيرهما، ولكن ليس هذا المقصود؛ فكل نفس إنسانية قد تعتنق فكر الهزيمة بنشر قيم وأخلاق وقصص تثبط العزائم، ولا تنهض بقدرات الناس وتفجر الطاقات الخلاقة لديهم.

في المحصلة: الفكر تكون محاربته بالفكر، وليس بطرق وأدوات أخرى، ومن هنا إن أصحاب فكر المقاومة والانتصار عليهم دائمًا أن يشمروا عن سواعدهم ولا يناموا لحظة عن حقوقهم، ويطورا أفكارهم وطرق زراعتها في عقول الجمهور، لأن أصحاب فكر الهزيمة من احتلال وغيره ليسوا بنائمين؛ فرب العالمين قال عنهم: "وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال"، لكن النتيجة النهائية كانت على الدوام: "ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله".