"وجعلنا الليل لباساً وجعلنا النهار معاشاً".. آيةٌ قرآنيةٌ فيها حكمة ربانية في جعل الليل للنوم والراحة والاسترخاء، والنهار جعله رب البشرية للنشاط والحيوية والسعي إلى الرزق وقضاء أعمال الحياة اليومية، ولكن هناك من لم يفهم الحكمة الربانية، فحول ليله إلى نهار ونهاره إلى ليل، وقلب موازين الحياة التي خلق عليها. السهر ليلاً وقضاء النهار في النوم، يسبب العديد من الأمراض العضوية الخطيرة كارتفاع ضغط الدم والسمنة واضطراب في ضربات القلب، ومشاكل نفسية كالعصبية إلى جانب تعكر المزاج العام، وهنا التساؤل لماذا نعرض حياتنا ونقود أنفسنا إلى التهلكة ولا نحافظ على نعمة الصحة التي وهبنا الله إياها وأمرنا بالمحافظة عليها؟! "فادية عيسى" (24) عاماً.. النوم بالنسبة لها عقدة لم تفلح كل محاولاتها بالاعتياد عليها، وقالت:" اعتدت منذ صغري على السهر ليلا والنوم نهاراً، فالبيت كله يسير وفق هذه العادة، وحينما كبرت لم أستطع أن أغير العادة وحاولت مرار ولكن دون جدوى، فبت لا انام سوى أربع ساعات فقط، وأقضي النهار في النوم". ولامت "عيسى" والديها على تعوديها السهر ليلاً، باعتبار أن السهر عادة مكتسبة وليس شيئا وراثياً، حيث تعاني من مشاكل صحية كثيرة منها السمنة، خاصة أنها تقضي ساعات الليل في الأكل. [title]بعد صلاة العشاء[/title] أما حامد سالم (26 عاما) بدأت عنده مشكلة الاضطراب في مواعيد النوم منذ الثانوية العامة، ولازمته حتى بعد تخرجه في الجامعة، حتى برمِجَت حياته كلها على هذا الأساس، فدراسته وأبحاثه وأعماله أيضا ينجزها ليلاً في الهدوء. أما رائدة زكي (30عاماً) عدت أن النوم باكراً وكذلك السهر ليلاًعادة تصاحب الانسان لسنوات طويلة، قائلة:" وما أجمل أن نعود أبناءنا النوم بعد صلاة العشاء والاستيقاظ على عند صلاة الفجر، ولكن أين نحن الآن من هذا النشاط؟!، فالإنترنت والتلفاز باتا هما اللذين يسببان الأرق لدى الانسان". وأضافت:" أكره من يغيرون قوانين الكون، فالله -عز وجل- له حكمة بليغة في جعل الليل للنوم والاسترخاء، والنهار للسعي والنشاط، والمشكلة الكبرى أن هناك من يسهر طوال الليل ويغفل عن أداء صلاة الفجر، لأنه ينام منهك القوى". [title]النوم للاسترخاء[/title] استشاري المخ والأعصاب د. نمر دلول أوضح أن النوم حالة طبيعية من الاسترخاء موجودة لدى الانسان، لا يمكن عدّها فقداناً للوعي، فهي حالة لتغيير الوعي، مشيراً إلى أن كيفية حدوث النوم وآلية حدوثه ما زالت مجهولة. وبين أن النوم ليلاً يساعد الإنسان على تحمل ضغوط العمل وأدائه بشكل جيد، بالإضافة إلى أنه يقي الجسم من الأمراض العضوية، فالشخص الذي ينام سبع ساعات متواصلة ليلاً يحافظ على ذاكرته بحالة جيدة، ويساعده ذلك على اتخاذ القرارات الصحيحة. وأشار إلى أن النوم ليلاً يتفادى من خلاله الإنسان مشاكل صحية، فالنوم يقوي جهاز المناعة، ويعمل على ثبات المزاج العام للإنسان، ويحافظ على قدراته العقلية بصورة جيدة. وهناك الكثير من الأشخاص يسهرون حتى ساعات الصباح، بينما يحولون النهار إلى "ليل" ينامون فيه، وعن مخاطر ذلك يتحدث د.دلول:" السهر ليلاً يؤدي إلى صعوبة تحكم الانسان بكمية الأكل التي يستهلكها، وقليلو النوم ليلاً هم عُرضة لزيادة الوزن، كما أنهم يصابون بارتفاع ضغط الدم، وانخفاض حرارة الجسم، واضطراب ضربات القلب". وعن أفضل ساعات النوم، ذكر أن أول ساعات الليل أي بعد صلاة العشاء مباشرة من الساعة الثامنة مساءً حتى الثالثة فجراً فيها يكون الجسم قد استكفى من النوم، وأثبتت الدراسات أن أعضاء الجسم ترتاح في هذا الوقت من الليل. [title]أمراض عضوية ونفسية[/title] وبحسب د. دلول، فإن الضغوط النفسية والتفكير بالمشاكل قبل النوم يؤديان إلى أرق وصعوبة في النوم، لذا يجب أن يبحث الشخص عن الأسباب قبل أن يبحث عن العلاج، كما لابد أن يتجنب التعرض للمشاكل بشكل مستمر. ونصح من يعاني من أرق أو اكتئاب بسبب مشكلة نفسية، بأنه "لا بد أن يستشير طبيباً مختصاً، فبعض العقاقير والأدوية تساعده على التخلص من المشاكل النفسية التي يعاني منها ليضمن نوماً هنيئاً ليلياً". وحث الأشخاص على عمل تمارين الاسترخاء قبل الخلود إلى النوم، والابتعاد عن أكل الوجبات الدسمة، والاقتصار على تناول وجبة خفيفة قبل أربع ساعات من النوم على الأقل، والابتعاد عن تناول المنبهات التي تحتوى على مادة الكافيين، والابتعاد عن التدخين، والنوم في الظلام وتجنب الإضاءة، وتهيئة غرفة النوم وترتيبها، وعدم التفكير بالمشاكل أو الأمور السلبية قبل النوم.