18.08°القدس
17.83°رام الله
17.19°الخليل
23.02°غزة
18.08° القدس
رام الله17.83°
الخليل17.19°
غزة23.02°
الثلاثاء 08 أكتوبر 2024
4.95جنيه إسترليني
5.35دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.15يورو
3.79دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.95
دينار أردني5.35
جنيه مصري0.08
يورو4.15
دولار أمريكي3.79

الطاقة الشمسية وقود الفقراء

حازم عياد
حازم عياد
حازم عياد

لنا أن نتخيل ان اللوح الشمسي الذي يستخدم لجمع الطاقة الشمسية تقلص حجمه من ثلاثة امتار الى نصف متر، وأن سعة بطارية التخزين قد بلغ مستويات تسمح بتخزين الطاقة لتشغيل مكيف الهواء، باردا كان ام ساخنا اربع ساعات ليلا، فهل سيختار المواطن ان يشتري اللوح الشمسي، ويربطه برافعة للجهد الكهربائي مباشرة بقابس منفصل عن شبكة الكهرباء الحكومية مع مكيف الهواء، ليحصل على طاقة تشغيلية رخيصة، أم انه سينتظر تعليمات الحكومة، هل سيتكرر الامر مع الثلاجة، والسخان الكهربائي والغسالة وجلاية الصحون فيما بعد، والاهم مع الفرن الكهربائي الذي سينتشر على حساب الفرن والطباخ المعتمد على الغاز.

ليس خيالاً إذ تقلص حجمه حقيقة وليس خيالا؛ ألم يحدث ذلك مع لاقط الستالايت (الدش) الذي كان قطرة ثلاث امتار، وبحاجة لترخيص من وكالة الفضاء ناسا حينها، ثم اصبح 40 سم فقط؟ ألم يكن الكمبيوتر بحجم نصف ملعب كرة قدم، ثم اصبح جهاز يمكن حملة باليد على شكل لاب توب، او هاتف محمول، او «آي باد».

في البداية أثار الصحن اللاقط الريبة، وأثار فضول الناس، ولكنه لم يمنعها من المشاركة في هذه المغامرة المثيرة، متجاوزا كل الهواجس والعقد، واصبح واقعا ملموسا، واصبح الفضاء الاعلامي اوسع بكثير مما كنا نتخيل في التسعينيات من القرن الماضي.

فالمجتمعات سبقت في سرعة تفاعلها مع التطورات التكنولوجية الدول والمؤسسات الحكومية؛ فانتشر الكمبيوتر في البيوت والمؤسسات والمراكز الخاصة بسرعة اكبر بكثير من سرعة انتشاره في المؤسسات الحكومية، كما انتشرت الصحن اللاقطة ليستغني الناس عن المحطات والتلفزة المحلية لحساب الفضاء الاعلامي الواسع.

الفضول والرغبة في المغامرة والابتكار لدى الافراد والمجتمعات كان اكبر بكثير مما يتوقعه اكثر علماء الاجتماع تفاؤلا؛ فماذا اذا ارتبط الامر بالحاجة والرغبة في التخفف من الاعباء المالية، وتحسين مستوى المعيشة، فلن يعجز الناس شيئا للتحرر من الفواتير لتخوض المغامرة بما فيها من تجربة وخطأ، ونجاح وفشل.

لم يمض وقت طويل حتى يكتشف الناس سر هذا الوقود، وفوائده الكبيرة على جيوبهم، بل ستشجع عليه المؤسسات والشركات الصناعية الخاصة، فما المانع من أن تمتلك ثلاجتين واكثر من جهاز تبريد وجلاية صحون وغسالة من الحجم الكبير جدا؟ ألن يحقق ذلك ارباحا طائلة للشركات؟ ألن يحسن من مستوى معيشة الطبقة المتوسطة والصاعدة؟ ألن يمثل بديلا معقولا للفقراء؛ اذ لا حاجة إلى اكثر من قابس منفصل عن لوحة العدادات، ولتنتهي السرقات الكهربائية، ولتبدأ ثورة الطاقة الجديدة، وليسبق المجتمع كالعادة المؤسسات الرسمية في روح المبادرة والابتكار.

الآفاق رحبة للابداع والتفكير؛ فبإمكان الجمعيات الخيرية ان توفر ايضا الالواح الشمسية للفقراء الى جانب لمبات التوفير؛ للتخلص من عبء فاتورة الطاقة، لتصبح جزءا من النشاط الخيري في المجتمع.

إنها ثورة حقيقية تقرع الابواب في منطقتنا العربية، فمن سيبادر لفتح الابواب لهذا الوافد الجديد: المجتمعات أم الحكومات؟