نشأت القوة البحرية الإسلامية في عهد معاوية رضي الله عنه أمير ولاية الشام، وذلك لإدراكه حقيقة الخطر الذي يمثله الروم بسيطرتهم على البحر المتوسط مما ولَّد لديه قناعة بضرورة السيطرة على البحر لحماية الثغور وتمهيداً لفتح أوروبا خاصة القسطنطينية التي بشر بها الرسول صلى الله عليه وسلم.
طلب معاوية رضي الله عنه الإذن من عمر رضي الله عنه للغزو في البحر فرفض رضي الله عنه حرصاً على أرواح المسلمين الذين يجهلون ركوب البحر ومخاطره.
أما عثمان رضي الله عنه فوافق على إنشاء الأسطول البحري بشرطين:
1. أن يشارك معاوية رضي الله عنه شخصياً وأفراد أسرته.
2. ألاَّ يلزم معاوية رضي الله عنه أحداً من جنود المسلمين بالمشاركة في العمليات البحرية بل يخوضها المتطوعون وبعد بناء الأسطول الإسلامي الأول في دار الصناعة بميناء طرابلس بلبنان والمكون من 120 سفينة ثم فتح معاوية باب التطوع سنة 28هـ 649م فأقبل المسلمون أفواجاً رجالاً ونساءً لنيل شرف تحقيق البشارة التي أُطلعت من بيت الصحابية الجليلة أم حرام بنت ملحان رضي الله عنها بعبور المسلمين وفتحهم لجزيرة قبرص.
فقد روت الصحابية الجليلة أم حرام أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استيقظ من قيلولته نهاراً وهو يضحك قالت: يا رسول الله، ما يضحكك قال صلى الله عليه وسلم: عجبتُ من قوم من أمتي يركبون البحر الأخضر، كالملوك على الأسرة، فقلتُ: يا رسول الله، أدعُ الله أن يجعلني منهم، فقال صلى الله عليه وسلم: انت معهم، ثم نام، فاستيقظ وهو يضحك فقال مِثلَ ذلك مرتين أو ثلاثاً، قلتُ: يارسول الله، أدعُ الله أن يجعلني منهم فقال صلى الله عليه وسلم: أنت من الأولين. رواه البخاري ومسلم
ولأهمية غزوة البحر وفضل ثوابها قال صلى الله عليه وسلم: غزة البحر خير من عشر غزوات في البر ومن أجاز البحر فكأنما أجاز الأودية كلها. رواه الطبراني وصححه الأمام الألباني.
والمجاهد الغريق له أجر شهيدين قال صلى الله عليه وسلم: المائد في البحر الذي يصيبه القيئ له أجر شهيد، والغريق له أجر شهيدين. رواه أبو داود وصححه الألباني.
قال ابن قدامه في المغني: غزو البحر أفضل من غزو البر لأن البحر أعظم خطراً ومشقةً فإنه بين خطر العدو وخطر الغرق.
ولذا والله اعلم أن شهيد البحر الذي قتله يهودي له أجر أربعة شهداء، لأن شهيد البحر له أجر شهيدين كما قال صلى الله عليه وسلم، ومن قتله يهودي فله أجر شهيدين كما قال صلى الله عليه وسلم.
وهذا من فضل الله علينا نحن أهل فلسطين ونحن نقاتل اليهود من البحر ومن البر وإن شاء الله من الجو.
الضفادع البشرية التي أعدتها كائب الشهيد عز الدين القسام وقامت بأول عملية في حرب العصف المأكول في القاعدة زكيم أربكت حسابات العدو الأمنية والعسكرية والسياسية، وأدخلت الرعب في قلوب جنوده مصداقاً لقوله تعالى " لَأَنتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً فِي صُدُورِهِم مِّنَ اللَّهِ ۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَّا يَفْقَهُونَ ".
إن هؤلاء الأسود الذين يعدون أنفسهم ليوم النصر والتحرير هم على جاهزية تامة إذا ما حاول العدو الصهيوني ارتكاب أي حماقة ضد أبناء شعبنا فسيلقنونه درساً لن ينساه أبد الدهر بإذن الله.
وفي هذا السياق وبمناسبة مرور الذكرى 68 لمجزرة دير ياسين التي ارتكبتها العصابات الصهيونية الأرغون وشتيرت والهاغاناه في 9/4/1948م وقتلت على ما يزيد 250من الشيوخ والنساء والأطفال، بقرت بطون 25 امرأة حامل، وهن أحياء و52 طفلاً قطعت أوصالهم أمام أمهاتهم.
هذه الجريمة النكراء ستظل شاهداً على إجرام وظلم هذا الاحتلال الصهيوني المسخ، وعهداً مع الله أولاً ثم مع أبناء شعبنا وشهدائنا وجرحانا وأسرانا أن نظل الأوفياء حتى النصر أو الشهادة.
وَيَقُولُونَ مَتَىٰ هُوَ ۖ قُلْ عَسَىٰ أَن يَكُونَ قَرِيبًا