18.64°القدس
18.44°رام الله
17.75°الخليل
24.42°غزة
18.64° القدس
رام الله18.44°
الخليل17.75°
غزة24.42°
الثلاثاء 08 أكتوبر 2024
4.95جنيه إسترليني
5.35دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.15يورو
3.79دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.95
دينار أردني5.35
جنيه مصري0.08
يورو4.15
دولار أمريكي3.79

الباص رقم 12 بالقدس ومدينة الظل بغزة

اياد القرا
اياد القرا
إياد القرا

يتقدم الشاب عبد الحميد أبو سرور من مدينة بيت لحم، المنتمي لحركة حماس، لتفجير نفسه في الحافلة 12 وسط القدس، التي تقل المستوطنين نحو المسجد الإبراهيمي في الخليل لاقتحامه، فيوقع 20 جريحاً بينهم، ولحظات ليعود المذهل الذي اختفى لسنوات، وفي ذات الوقت يتقدم شاب ملثم يخرج من أحد مخيمات غزة في طريقه إلى فوهة أحد الأنفاق التي تشيدها حماس في غزة كجزء من مدينة الظل التي تُبنى تحت الأرض.

هكذا يبدو مشهد المواجهة والمقاومة للاحتلال الإسرائيلي، لتعود قيادة وجمهور الاحتلال إلى النقطة صفر، وأن خيار العمليات الاستشهادية أو تفجير الحافلات على الرغم من مرور عدد من السنوات على توقفه لأسباب كثيرة مرتبطة بتوقف الفصائل الفلسطينية عن القيام بذلك نظراً للإجراءات الأمنية التي اتبعها الاحتلال ضد المواطنين ومست قوة المقاومة في الضفة الغربية بشكل كبير، ونجاح التنسيق الأمني في الحد من نشاط المقاومة، إلا أنه لم يعلن عن الفصائل يوماً أنها توقفت عن ذلك.

حتى نفهم يوماً من خلال المتابعات أن هذا النوع من المقاومة لم يعد مجديا ويضر بصورة الفلسطينيين على مستوى العالم، لكن ما يقوم به الاحتلال والمستوطنون من عمليات قتل وإعدام وحرق للعائلات والأسر المدنية شكل ضغطا كبيرا نحو ردع الاحتلال والمستوطنين حتى لا تصبح سياسة حرق عائلة دوابشة أو الطفل محمد أبو خضير أو إعدام الشاب عبد الفتاح الشريف سياسة دائمة.

لم يعد يمتلك الشبان في الضفة الغربية خيارات أخرى سوى اللجوء لهذا الأسلوب من العمليات لمقاومة الاحتلال وردعه عن عدوانه، وهو أمر طبيعي يتوافق مع المراحل التي مرت بها المقاومة الفلسطينية بعد أن تصاعدت ممارسات الاحتلال في الانتفاضة الأولى وبلغت ذروتها بتفجيرات الباصات والأماكن العامة، وهكذا في انتفاضة القدس التي يمارس فيها الاحتلال جرائمه البشعة.

التجارب التي مرت بها الشعوب التي خضعت للاحتلال لجأت إلى هذا الأسلوب من العمليات لمواجهته ، ويشمل ذلك كافة قوى المقاومة والثورات التاريخية في سبيل ردع قوى الاستعمار والاحتلال، ولاقت دعماً شعبياً واسعاً، وإن الشعب الفلسطيني ليس بدعاً من تلك الشعوب.

في غزة أيضاً لجأت المقاومة إلى أسلوب جديد لمقاومة الاحتلال ومواجهته على غرار ما اتبعته قوى المقاومة في العالم ضد الاستعمار، في سبيل مواجهة جرائم الاحتلال الإسرائيلي خلال الحروب على غزة، حيث ثبتت نجاعته في مهاجمة المواقع العسكرية الإسرائيلية على حدود غزة، وكنوع من الردع للاحتلال عن ارتكاب الجرائم.

المقاومة تضخ كل قدراتها نحو سلاحها الإستراتيجي وهو الأنفاق، ولم يعد الأمر سراً، ويدرك الاحتلال خطورة ذلك على جنوده ومستوطنيه في غلاف غزة، كجزء من مدينة الظل التي تبنيها المقاومة لردع الاحتلال والحفاظ على تماسكها وبناء قوتها الدفاعية التي تحافظ على مبدأ صد العدوان الإسرائيلي في أي حرب قادمة.

الاحتلال يعلن بشكل واضح أنه يبيت الحرب على غزة ويهدد ويتوعد بذلك، وهو سبب كاف ليقنع الجميع بأن المقاومة الفلسطينية هي حق مشروع باستخدام كافة الوسائل لردع الاحتلال وصد عدوانه وفي مقدمتها حفر وبناء الأنفاق وهو الأسلوب ذاته الذي استخدمه الثوار في فيتنام ضد الاحتلال الأمريكي.

الباص المتفحم في القدس هو الخيار الأخير لدى المقاومين في مواجهة حرق العائلات والمنازل والإعدام، والعمل على ردع الاحتلال، وإن بناء مدينة الظل أسفل غزة الوسيلة الأنجع لمقاومة الاحتلال وصد عدوانه، وتلقى دعماً شعبياً وجماهيرياً فلسطينياً واسعاً، ويساهم في بث الاطمئنان لديهم بقدرة المقاومة على ردع الاحتلال وصد عدوانه.