18.64°القدس
18.44°رام الله
17.75°الخليل
24.42°غزة
18.64° القدس
رام الله18.44°
الخليل17.75°
غزة24.42°
الثلاثاء 08 أكتوبر 2024
4.95جنيه إسترليني
5.35دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.15يورو
3.79دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.95
دينار أردني5.35
جنيه مصري0.08
يورو4.15
دولار أمريكي3.79

البطاقات الزرقاء وسياسة العصا والجزرة

أيمن أبو ناهية
أيمن أبو ناهية
أيمن أبو ناهية

أعلن وزير داخلية الاحتلال الإسرائيلي قبل أيام أن السلطات الإسرائيلية ستمنح الفلسطينيين ألفي بطاقة هوية زرقاء مؤقتة، في إطار لم شمل عائلات، ودعا الحكومة إلى تجديد قانون منع لم الشمل، وهو القانون الذي يمدد العمل به سنويًّا في انتهاك صارخ لحقوق الإنسان وتمييز عنصري واضح ضد الفلسطينيين، الذين إن حصل بعضهم على لم شمل الزوجة أو الزوج، إذا كان من أبناء الضفة الغربية أو غزة أو الخارج، فذلك لا يمنحهم أية حقوق باستثناء الإقامة.

من الواضح أن الهدف الرئيس من هذا القانون هو تقليل عدد الفلسطينيين في القدس إلى أقل عدد ممكن، وإنه يمس بوضوح حق الفلسطيني في الزواج من أية منطقة، وإذا كان وزير الداخلية يعلن منح ٢٠٠٠ هوية "مؤقتة"؛ فإن عشرات آلاف طلبات لم الشمل مازالت دون حل لدى مختلف المؤسسات الإسرائيلية، وهو ما يعني معاناة متواصلة منذ سنوات طويلة لهذه العائلات، إن مراجعة بسيطة للسنوات الطويلة منذ سريان قانون منع الشمل وتجميد النظر بعشرات آلاف الطلبات تبين أن الاحتلال سحب من المقدسيين بطاقات هوية زرقاء _وهو ما يعني منعهم من الإقامة بالقدس_ أضعاف أضعاف عدد البطاقات التي يتحدث درعي عن السماح للفلسطينيين بالحصول عليها.

وينص تعديل قانون "المواطنة" لدى كيان الاحتلال من عام 2003م على منع لم الشمل بين المواطنين الفلسطينيين في أراضي الـ(48) والفلسطينيين سكان الضفة الغربية وقطاع غزة٬ وسكان الدول الأربع التي يعدها عدوًّا، وهي: (إيران٬ والعراق٬ وسوريا، ولبنان)٬ والسكان الذين يعيشون في مناطق تحدث فيها عمليات يرى الكيان أنها تشكل خطرًا على أمنه٬ وذلك وفق مذكرة موقف تصدر عن الجهات الأمنية لا (الكنيست) بهذا الصدد.

ويتذرع كيان الاحتلال كعادته بحجج عنصرية انفصالية تلمودية لا حقيقة لها٬ فيرى أن الأنظمة الخاصة بلم الشمل إجراء أمنيًّا٬ فتارة يرى أن إلغاء هذه الأنظمة سيزيد من العمليات العسكرية ضده، وتارة أخرى يمنع لم شمل العائلات الفلسطينية٬ لأن لم شملهم سيقود إلى العودة إلى العمليات الاستشهادية في أراضي الـ(48)، وقد استغل هذه المناسبة بطبيعة الحال كي يمنع أيضًا تصاريح إقامة العمل في أراضي الـ(48) لفلسطينيين من سكان قطاع غزة.

فدوافع القانون دوافع ديمغرافية ليست إلا بهدف إبعاد الآلاف الذين لم يحصلوا على تصريح إقامة عن أراضي الـ(48) وعن القدس٬ وليس له أي صلة بأي حال من الأحوال بالدوافع الأمنية كما تدعي حكومة الاحتلال٬ فالقانون ساري المفعول بغض النظر عن الحالة الأمنية أو غير الأمنية٬ بدليل أن القانون عدل وأضيف إليه بند ينص على إقامة لجنة حالات إنسانية استثنائية٬ لكن هذه اللجنة بقيت سرية لا يعرف أحد عنوانها وكيف يتوجه إليها٬ وهي لم تسعف أحدًا ممن يعانون من هذا القانون العنصري غير الإنساني الذي يمزق العائلات، ويفصل الزوج عن الزوج والأهل عن أبنائهم وبناتهم٬ ويمنعهم من ممارسة حقهم في بناء عائلة والحفاظ على الروابط الأسرية والاجتماعية والثقافية مع أبناء شعبهم.

هذا القانون ما هو إلا إجراء لاستكمال جدار الفصل العنصري الذي أنشأه الاحتلال، وكلاهما يندرجان تحت بند يهودية "الدولة" بهدف التطهير العرقي للفلسطينيين، وهو أيضًا خطوة جديدة بطريقة فنية لتضيق الخناق على فلسطينيي الـ(48) كي يسلموا بالأمر الواقع بتجريدهم من حقوقهم وممتلكاتهم وأراضيهم ومقدساتهم استعدادًا لتهجيرهم كما فعل في الماضي، كي يحل محلهم يهود ويبني مستوطنات إضافية لهم على حساب ممتلكات الفلسطينيين٬ بل هي خطوة سباقة يرمي من ورائها إلى حرمان الشعب الفلسطيني حقه في قيام دولته على أرضه.

إن ما يجب أن يقال هنا: إن قانون منع لم الشمل الإسرائيلي هذا يمثل سياسة العصا والجزرة التي يستخدمها الاحتلال، وهو عبارة عن حلقة في سلسلة طويلة من القوانين والمواقف والممارسات الإسرائيلية التي تستهدف الوجود الفلسطيني في القدس، وتنسجم مع استمرار الاحتلال في تنفيذ مخططات تهويد المدينة المقدسة، وفي مقدمة ذلك استمرار الاستيطان في مختلف أنحاء القدس العربية، والتضييق على المقدسيين بمنع حصولهم على رخص البناء وملاحقتهم بالضرائب الباهظة، والاستيلاء على المزيد من منازلهم وعقاراتهم أو هدم المنازل، فضلًا عما يقوم به المتطرفون تحت سمع وبصر وحماية الحكومة الإسرائيلية بالمساس بالمسجد الأقصى والأماكن المقدسة الإسلامية والمسيحية بالاقتحامات اليومية وتقييد حرية العبادة ... إلخ من الممارسات الإسرائيلية التي تنافي تمامًا المواثيق الدولية واتفاقيات جنيف وإعلان حقوق الإنسان.