19.44°القدس
19.21°رام الله
18.3°الخليل
24.81°غزة
19.44° القدس
رام الله19.21°
الخليل18.3°
غزة24.81°
الإثنين 07 أكتوبر 2024
5جنيه إسترليني
5.38دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.19يورو
3.81دولار أمريكي
جنيه إسترليني5
دينار أردني5.38
جنيه مصري0.08
يورو4.19
دولار أمريكي3.81

فلسطين والاشتباك الأوروبي الإيجابي

حازم عياد
حازم عياد
حازم عياد

في شهر حزيران من العام الماضي زار وزير الخارجية الالماني «شتاينمر» قطاع غزة مشيرا الى الوضع الكارثي الذي يعاني منه القطاع، محذرا من خطورة استمرار الاوضاع المعيشية المتدهورة، وفي شهر ايار الحالي زار وزير الخارجية البلجيكي «رينديرز» القطاع وعقد مؤتمر صحفي في حي الشجاعية عبر فيه عن «قناعته المطلقة بأن «اسرائيل» سبب الازمات في المنطقة»، داعيا الى اعمار غزة وبذل الجهود لاجل ذلك، معلنا عن النية بلاده الدعوة لعقد مؤتمر اقتصادي في بروكسل «لتفعيل التجارة والاستثمار في المنطقة، وليس لبحث المساعدات الإنسانية»، ليسير بالتوازي مع الجهود الفرنسية لعقد مؤتمر للسلام احياء لحل الدولتين.

زيارة المسؤول البلجيكي تبعها تصعيد اسرائيلي في القطاع تحت حجة مواجهة الانفاق فالوزير البلجيكي، دعا الى اعمار غزة وايصال المواد الاولية وعلى رأسها الاسمنت ومواد البناء الضرورية للاعمار؛ فالتصعيد الصهيوني كان بمثابة خطوة لتعطيل الجهود الاوروبية، وتأزيم الموقف وتهديد مباشر للسلم الدولي والجهود الاوروبية.

زيارة وزير الخارجية البلجيكي تبعتها زيارة لوزير الخارجية الفرنسي «ايروليت» استكمالا للجهود الفرنسية لعقد مؤتمر للسلام، زيارة تبعت الخطوة الفرنسية الداعمة القرار الصادر عن منظمة اليونسكو الذي اعتبر القدس جزءا من التراث الفلسطيني دون ي اشارة للهيكل الصهيوني المزعوم؛ ما استدعى من الخارجية الصهيونية ونتنياهو شخصيا مهاجمة الموقف الفرنسي الذي لم يتأخر ايروليت عن تبريره بالقول إن اصرار فرنسا على عقد مؤتمر للسلام وموقفها من مكانة القدس تتوافق مع الجهود الدولية لتحقيق الاستقرار الاقليمي، ومواجهة التهديدات التي تمثلها داعش، فالقدس تحتل مكانه مهمة بحسب هذا التصريح بالنسبة للمسلمين وعنصر توتر كبير وتهديد للا ستقرار الاقليمي.

فرنسا ترى ان «اسرائيل» تعطل الجهود الدولية بمواقفها وتحملها ضمنا المسؤولية عن اعاقة انعقاد المؤتمر، في حين تتحدث بلجيكا صراحة عن مسؤولية الكيان الاسرائيلي عن الازمات التي تعيشها المنطقة؛ فأوروبا تزداد انخراطا في الصراع العربي الصهيوني، إذ ترى فيه احد اهم المولدات للازمات والتطرف كما هو واضح في تصريحات ومبادرات المسؤولين الأوروبيين.

اشتباك اوروبي ايجابي مع سائر الملفات المرتبطة بالقضية الفلسطينية بدأ من المستوطنات مرورا بالحصار فالقدس وانتهاء بالدولة الفلسطينية، بل المصالحة الفلسطينية بإعلان السفير السويسري «غارنير» من غزة وفي اعقاب لقائه اسماعيل هنية في شهر ايار الحالي استعداد بلادة لاستضافة الفرقاء الفلسطينين فتح وحماس في جنيف لعقد مؤتمر يحقق المصالحة الفلسطينية، في اشتباك اعمق ومباغت عاكسا كثافة النشاط الاوروبي الايجابي الذي بات منخرطا في سائر الملفات الفلسطينية.

السفير السويسري عكس جدية كبيرة من خلال مرافقة مسؤولين من وكالة التنمية السويسرية للبحث في سبل حل اشكالية رواتب الموظفين في قطاع التي تعتبر احد العوائق المهمة امام تحقيق المصالحة، مسألة تثير ضيقا كبيرا لدى قادة الكيان الاسرائيلي الساعين للحفاظ على الوضع القائم، بل الاستعانة بأطراف اقليمية للاسف لإعاقة هذه الجهود، مسألة باتت مثار حرج سياسي في العالم العربي.

الجهود المبذولة في القارة الاوروبية تعكس حجم القلق والضيق من السياسة الاسرائيلية؛ اذ لم تقتصر على دولة بعينها، بل تمثل تحول في رؤية القارة ودولها المركزية للصراع العربي الصهيوني في ظل الازمات الاقليمية والامنية المتفاقمة، وفي ظل الفشل والانشغالات الامريكية.

فالقارة الاوروبية في تماس مباشر مع العالم العربي والاسلامي، ولا يفصلها الا البحر المتوسط الذي يزداد رخاوة نتيجة الازمات؛ فالقارة الاوروبية ترى في الصراع العربي الصهيوني مفتاحا رئيسيا للحد من التوترات، واحتواؤها يقع في لب امن القارة واستقرارها الاقتصادي والسياسي، مسألة عززتها التطورات الخطيرة في العالم العربي خلال الالفية الثالثة ودفعت القارة الاوروبية نحو اشتباك اكثر ايجابية ينزع نحو المبادرة والتفاعل العميق.

السياسة الاوروبية المبادرة تحتاج الى مزيد من التفهم والتفاعل الايجابي من الفلسطينيين، امر سيكون له مردود ايجابي على الفلسطينين، سواء في انتزاع مزيد من الحقوق القانونية والسياسية وتوسيع هامش العمل السياسي، ام من جانب فرض مزيد من الضغوط والعزلة على كيان بات التطرف السمة البارزة التي تحكم علاقته ليس مع الفلسطينين فقط، بل مع القارة الاوربية والمنظومة الدولية ايضا.

الانفتاح على القارة الاوروبية لا يقتصر تأثيره على اعادة صياغة العلاقة الفلسطينية الاوروبية، بل على مجمل العلاقة العربية الاوروبية؛ فالمواقف والسياسات الاوروبية قابلة للتطور لتصوغ مستقبل العلاقة مع المنطقة والعالم العربي على اسس اكثر متانة وواقعية من كل السياقات السابقة التي بدأت بمشاريع الشراكة في السبعينيات، مرورا بمؤتمر برشلونة وليس اخيرا الاتحاد المتوسطي؛ فالقضية الفلسطينية هي لب وروح كل المشاريع المستقبلية الجوهر الذي يحدد مسار تطور العلاقات العربية الاوروبية.