21.1°القدس
20.87°رام الله
19.97°الخليل
25.67°غزة
21.1° القدس
رام الله20.87°
الخليل19.97°
غزة25.67°
الإثنين 07 أكتوبر 2024
5جنيه إسترليني
5.38دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.19يورو
3.81دولار أمريكي
جنيه إسترليني5
دينار أردني5.38
جنيه مصري0.08
يورو4.19
دولار أمريكي3.81

عذر أقبح من ذنب

أيمن أبو ناهية
أيمن أبو ناهية
أيمن أبو ناهية

عذر أقبح من ذنب فقد رفضت سلطات الاحتلال الإسرائيلية طلبا تقدم به محامي عائلة الشهيد الطفل محمد أبو خضير من القدس، بهدم منازل المستوطنين الذين أدينوا بقتل الطفل محمد وإحراقه قبل عامين، وجاء ردها على الطلب بأن الهجمات التي ينفذها الفلسطينيون ضد الإسرائيليين كبيرة جدا، مقارنةً بتلك التي يرتكبها جيش الاحتلال والمستوطنون المتطرفين ضد الفلسطينيين، وبررت رفض هدم منازلهم بحجة أن هناك فرقا في الهجمات التي يرتكبها كل طرف.

إن دولة الاحتلال التي تسمي نفسها دولة القانون والحقيقة غير ذلك تماما، وقضاؤها تنازل عن قدسية رسالته، وقبل لنفسه أن يكون وكيلا عن جيش الاحتلال، وعاملا برغبات استخباراته، وهو الذي ارتضى أن يكون في أسفل درجات سلم العدالة، ووظيفته الحصرية تأمين الخروج الآمن للجناة، بقبول ما يدعون من بطلان.

أليس اختطاف الطفل محمد أبو خضير وحرقة وهو حي فجرا أثناء توجهه لأداء صلاة الفجر، بعد انتهائه من تناول سحوره، حيث خطفته مجموعة مستوطنين مجرمين عملا إرهابيًّا؟!

لكن كعادتها في تعاملها العنصري مع الفلسطينيين، تلكأت سلطات الاحتلال بالتعامل مع الجريمة منذ الدقائق الأولى لوقوعها، وبدأ التقاعس منذ تلك اللحظات لكنه لم ينتهِ حتى اليوم، حيث تلكأت سلطات الاحتلال بالبحث عن القتلة وعندما عثرت عليهم تلكأت في محاكمتهم ومعاقبتهم، فقد كان التأجيل والمواعيد المتباعدة لجلسات المحاكمة من أبرز سمات طرق تعامل سلطات الاحتلال مع هذه القضية.

لا شك أن هيئة تمثل الاحتلال لا يحق لها تمثيل العدالة وهل يحاكم المجرم نفسه؟، فالاحتلال بالأساس هو أمر ظالم ويتنافى مع الأعراف والقوانين الدولية، إلا أن واقع القوة يفرض الكثير من المتناقضات على الشعب الفلسطيني، وبالرغم من أن محاكم الاحتلال مشهود لها بعنصريتها، إلا أنها وفي هذه القضية لم تتمتع بالحد الأدنى من التصرفات التي تدعي فيها سلطات الاحتلال تمثيل العدالة التي كانت تمارس شيئاً منها لخداع الرأي العام العالمي، بل إن الأمر تجاوز ذلك ليتحول النائب العام للاحتلال إلى محامٍ للقتلة، يبحث عن ثغرات لتبرئة القتلة مستغلاً المواعيد المتباعدة لجلسات المحاكمة حتى يقتل أي تفاعل مع القضية. فتارة يدعي الاحتلال أن المجرمين تحت السن القانوني، وتارة أخرى أن المجرم الرئيس يعاني من اختلال عقلي، وغيرها من الطرق الملتوية التي اعتادت سلطات الاحتلال على اتباعها فقط عندما تكون الضحية فلسطينية والقاتل صهيونيا، فيظهر لدينا دليل آخر على عنصرية قوانين الاحتلال وازدواجيتها.

فجريمة قتل الطفل أبو خضير لم تكن أولى جرائم الاحتلال، وللأسف على ما يبدو أنها لن تكون الأخيرة فكما يقول المثل من أمن العقاب أساء الأدب، وفي حالة الاحتلال يمكن أن نقول من أمن العقاب أساء للإنسانية واغتال الطفولة، حيث ارتكب جريمة اغتيال الطفل محمد الدرة عام 2000م وهو في أحضان والده، والطفلة هدى غالية التي فقدت جميع أفراد عائلتها إثر استهدافهم أثناء تواجدهم على شاطئ البحر في غزة عام 2006م، وعائلة دوابشة التي أحرقت وهي نائمة في منزلها، وغيرها العديد من الجرائم التي ارتكبها المستوطنون وجنود الاحتلال بحق الأطفال الذين استشهدوا في الحروب المتتالية على قطاع غزة ولا يزالون لم يقصروا في قتل الأطفال في هذه الانتفاضة.

يا لها من جريمة مكتملة الأركان شارك بها القضاء إلى جانب الجناة، وما جرى يؤكد عدم أهلية وجدية محاكم الاحتلال في إنصاف قضية أبو خضير. إن جريمة القضاء الإسرائيلي ليست أقل من جرائم القتل التي يمارسها الاحتلال وغلاة متطرفيه، بل أشد خطورة، لكونها تقدم المشروعية لتلك الجرائم بإزالتها صفة التجريم عن أفعال جرمتها القوانين الوضعية سواء الوطنية أو الدولية، والسماوية، وبالتالي على الجهات الرسمية الفلسطينية العمل على نقل القضية إلى محكمة الجنايات الدولية.