23.57°القدس
23.28°رام الله
22.19°الخليل
26.47°غزة
23.57° القدس
رام الله23.28°
الخليل22.19°
غزة26.47°
الإثنين 07 أكتوبر 2024
5جنيه إسترليني
5.38دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.19يورو
3.81دولار أمريكي
جنيه إسترليني5
دينار أردني5.38
جنيه مصري0.08
يورو4.19
دولار أمريكي3.81

الشجارات الدموية الداخلية الفلسطينية

عبد الستار قاسم
عبد الستار قاسم
عبد الستار قاسم

تنتشر ظاهرة الشجارات العائلية في الداخل الفلسطيني بقوة وعلى اتساع كبير. كل يوم نسمع عن اقتتال داخلي بين عائلتين أو عائلات في هذه القرية أو تلك، وعن اقتتال بين مخيم ومدينة، وعن إحراق بيوت وتشريد عائلات. وفي كل شجار هناك خسائر في النفوس والممتلكات وهناك جرحى وإصابات خطيرة.

الفلسطيني يقتل الفلسطيني ويحرق بيته ويعتدي على أعراضه بدون رادع، وبدون أدنى شعور بالمسؤولية.

عائلات وتجمعات سكانية تقتتل لأتفه الأسباب، وتسيل الدماء وتتطور بعد ذلك الثارات ليبقى الناس يلاحق بعضهم البعض الآخر. ويمكن أن ينشب شجار بين طفلين فيسوقون كبار السن إلى فتح النار والقتل.

نحن في الأرض المحتلة67 لسنا آمنين من الاحتلال فقط، وإنما لسنا آمنين أيضا من أنفسنا، ونحن انحدرنا أخلاقيا ووطنيا بصورة خطيرة جدا وأصبحنا بحاجة إلى وصاية. نحن نشكل خطرا على أنفسنا وعلى قضيتنا وعلى تماسكنا الاجتماعي، وأصبحنا بحاجة لمن يردعنا وينظم لنا حياتنا ونشاطاتنا.

السلاح ينتشر في الضفة الغربية ولكنه ليس سلاح مقاومة وإنما سلاح زعرنة وبلطجة واعتداء على الناس وفوضى. في كل ركن وزاوية في الضفة الغربية تجد السلاح الجاهز للشجارات والاعتداء على الخصوم الفلسطينيين المسالمين الذين لا علاقة لهم بالمشاكل والصراعات الداخلية. الشبيحة في كل مكان، وأصبح الفلسطيني يخشى شباب فلسطين الذين يتشبه جزء كبير منهم بالزعران والأشقياء والبلطجية ليفرضوا على الآخرين ما يريدون. أنت لا تجرؤ الآن على التحدث مع شاب فلسطيني حول سلوك غير جيد قام به.

ببساطة سيعتدي عليك بالسباب والشتائم، ومن الممكن أن يتصل بزعران مثله لمساعدته فيتجمعون وهم يحملون الأسلحة. ومن الممكن أن يطلق أحدهم عليك النار ويصيبك بمقتل أو شلل. لا يعني أن كل شباب الضفة الغربية هكذا.

الشباب المحترمون موجودون لكنهم لا يملكون السلاح، وليسوا مستعدين لمواجهة الزعران والبلطجية.

من أين أتى السلاح لهؤلاء؟ ببساطة المخابرات الصهيونية سمحت بإدخال السلاح تحت معرفتها. فهي تعرف من يملك السلاح، وتعرف تماما فيما إذا كان حامله صاحب رؤية وطنية أو بلطجية. هي تعرف السلاح الموجه ضد (إسرائيل) والسلاح الموجه ضد الفلسطينيين. إنها لا تلاحق السلاح الموجه ضد الفلسطينيين، كما أن السلطة الفلسطينية لا تجتهد بملاحقة الذين يحملون السلاح ضد الفلسطينيين. وكيف تفعل إذا كان سلاحها هي مرخصا من قبل (إسرائيل).

وهنا أشير إلى مدينة نابلس التي احتلت موقع القيادة الشعبية على مدى عشرات السنين في فلسطين. نابلس كانت القيادة الوطنية الفلسطينية، والقيادة الثقافية والفكرية والعلمية في فلسطين، وهي كانت المركز المالي الأكبر في البلاد. الآن هي أكبر مركز لإطلاق النار. يخرج المسلحون جماعات يطلقون النار عشوائيا ويرهبون الناس، ولا يوجد من يردعهم. هناك محاولات متواضعة جدا لضبط الأمن الداخلي في نابلس، لكن محاولات الضبط حتى الآن غير جادة، إلى درجة أن السلطة لا تستطيع ملاحقة واعتقال بعض الأشخاص الذين أرسوا دعائم الفوضى في المدينة. حتى أن بعض القيادات السياسية في المدينة عملت بتجارة السلاح، وطالما استعانت بالزعران لقضاء حوائجها أو لتصفية حساباتها مع الخصوم.

الضفة الغربية تئن من تدهور الأوضاع الداخلية والناس غير آمنين، وهم يفتقدون العمل الجاد والصارم من أجل حمايتهم وتوفير الأمن لهم. وعلى الناس أن يهبوا لنجدة أنفسهم. نحن بحاجة إلى ترتيب أوضاعنا الداخلية، ووضع خطط شعبية ورسمية من أجل مواجهة ظاهرة الشجارات الدموية الداخلية. لا يكفي أن نلطم حظنا السيئ ولولا أننا تهاونا مع الفساد والزعرنة منذ البداية لما تدهورت الأمور إلى هذا المستوى الخطير. لا أمن لأحد في الضفة الغربية، ولا يوجد في الأفق آلية لحل الخلافات بين الناس أو وقف الصراعات. على المستوى الرسمي. الأمر كارثي، ولا يوجد اهتمام فاعل على الساحة الداخلية. فماذا نفعل؟

إذا لم يكن لدى المسؤولين قدرة على توفير الأمن للمواطنين فإننا سنضطر إلى تدويل المسألة عسى أن نجد من بين دول العالم أو الهيئات الدولية من يهب لنجدتنا من هذا الوباء القاتل. هناك استهتار متعمد بأمن الفلسطينيين، وهناك من هو مستفيد من هذه الفوضى سواء على مستوى الكيان الصهيوني أو على مستوى السلطة الفلسطينية. والأمر واضح في أن استشراء الفوضى يدفع بالفلسطينيين إلى الاستعانة بالصهاينة لضبط الأمن الداخلي الفلسطيني. الهدف واضح وهو تصفية القضية الفلسطينية نهائيا ودفع الناس للاستنجاد بالاحتلال.

أيها الفلسطينيون اتحدوا وتحركوا دفاعا عن أنفسكم وأطفالكم ونسائكم وممتلكاتكم، ولا تدعوا منفذا لتصفية قضيتنا الوطنية وحقوقنا الوطنية الثابتة. نحن لا ينفعنا إلا سواعدنا الطيبة الشجاعة المخلصة، وغيرنا لا يمكن إلا أن يتآمر علينا. فهل نكون عونا لأعدائنا على أنفسنا؟