خلال مسيرته المهنية، عمل المخترع الجزائري عبد الحليم سوكي على إيجاد حلول لمشاكل تقنية تواجهه في العمل، وكانت النتيجة ابتكارات عديدة أهمها جهاز لترشيد الطاقة وآخر لحماية العمال بمناطق الخطر.
رحلة عبد الحليم مع عالم الابتكارات بدأت عام 1993، حيث كان يعمل في شركة الكهرباء المحلية، وصنع قطعة غيار لمولد كهربائي ضخم أصابها عطل في مدينة عزابة بولاية سكيكدة (500 كلم شرق العاصمة).
وقد اخترع القطعة بعد أن تعذر جلبها من بلد التصنيع وهي يوغسلافيا التي كانت تعيش آنذاك حربا أهلية، لكن فرق الصيانة رفضت تركيبها بحجة أنها غير أصلية.
وما دام الوضع على حد قوله "لا يحتمل التأخير" لأن آلاف المنازل باتت من دون كهرباء، فقد قام بنفسه بتركيب القطعة المصنعة وتشغيل المحول، وتمت إعادة التيار الكهربائي.
ويقول للجزيرة نت إنه لم يتوقف منذ ذلك الحين عن التفكير في إيجاد حلول للمشاكل التقنية التي تواجهه في العمل أو في حياته اليومية.
منطقة العمل الذكية
ومن أهم اختراعاته "منطقة العمل الذكية"، وهي جهاز يقوم بحماية العمال في المناطق الخطرة، حيث يرسل أشعة غير مرئية تنبه العمال لأماكن الخطر ويمكن ربطه بالهواتف، وعرض هذا الاختراع مجانا على شركة محلية إلا أنها تجاهلته.
لكنه لم يستسلم إذ اخترع لاحقا "نظام اقتصاد الطاقة في الإنارة العمومية" تنفيذا لفكرة ركز عليها كل جهوده وأبحاثه خلال السنوات الأخيرة، بعد أن حصل على براءة اختراع من طرف المعهد الوطني الجزائري للملكية الصناعية تحت رقم 3289.
في عام 2013 أجرى تجربته الأولى على الجيل الأول من الجهاز ببلدية الحروش التي يقطن بها بولاية سكيكدة، وكانت النتيجة أن نسبة ترشيد الطاقة بلغت 66.2%، وحصل على شهادة مطابقة من قبل المؤسسة الوطنية للاعتماد والمراقبة التقنية بالجزائر.
بعد ذلك استدعي من طرف وزارة الطاقة، وتمت معاينة المشروع بحضور خبراء، وتوجت الجلسة بإصدار توصية لإدراج المشروع في البرنامج الوطني للتحكم في الطاقة، إلا أن ذلك لم يتحقق لحد الساعة.
وفي العام 2015 أجرى تجارب ثانية على الجيل الجديد من الجهاز بعد تطويره، وبلغت النسبة 90%، وحصل على شهادة مطابقة جديدة للجهاز من طرف المؤسسة السابقة.
التحكم في الطاقة
وعن طريقة عمل الجهاز، يقول إنه "يعمل وفق مبدأ ذكي، حيث يسمح بالتحكم في الأعمدة الكهربائية المخصصة للإنارة بالشوارع من خلال تركيبه في مركز تحويل الكهرباء، ومن خلاله يتم التحكم في الطاقة حسب المكان والتوقيت".
ويساعد هذا الجهاز في إمداد المصابيح الكهربائية بالطاقة اللازمة فقط، وفقا للتوقيت الزماني والمكاني، إذ تبدأ الإنارة بطاقة كبيرة مع بداية الليل وصولا إلى منتصفه، ثم تبدأ في الانخفاض آليا إلى غاية فترة الصباح.
وكشف أن إحدى الشركات الجزائرية الخاصة اتصلت به لتصنيع الجهاز وتسويقه داخل وخارج البلاد.
وحسب حديثه فإن تعميم هذا الابتكار سيسمح للجزائر بتوفير مبلغ إنجاز محطة ضخمة لإنتاج الطاقة بقدرة ألف ميغاواط، بالإضافة إلى لواحقها من خطوط كهرباء ومحطات تحويل بتكلفة تقارب مليار دولار.
وبسبب عدم قدرته على تسجيل حقوق الاختراع عالميا لتكاليفها الباهظة، فقد رفض التعاون مع شركة فرنسية متخصصة في صناعة أجهزة اقتصاد الطاقة للإنارة العمومية خوفا من سرقة فكرته.