26.19°القدس
25.99°رام الله
25.57°الخليل
27.15°غزة
26.19° القدس
رام الله25.99°
الخليل25.57°
غزة27.15°
الإثنين 07 أكتوبر 2024
5جنيه إسترليني
5.38دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.19يورو
3.81دولار أمريكي
جنيه إسترليني5
دينار أردني5.38
جنيه مصري0.08
يورو4.19
دولار أمريكي3.81

هل تحولت الصليب الأحمر إلى هيئة دفاع عن الاحتلال؟

أيمن أبو ناهية
أيمن أبو ناهية
أيمن أبو ناهية

أثار تقاعس العديد من المؤسسات الدولية عن نصرة الأسرى الفلسطينيين المضربين عن الطعام في سجون الاحتلال الإسرائيلي حالة من الاستياء الشديد لدى الأسرى وأهاليهم، الذين اتهموا تلك المؤسسات بالتواطؤ مع الاحتلال، فعلى صعيد الأسرى ترفض الحركة الأسيرة استقبال مفوضي الصليب الأحمر، وأما على المستوى المحلي فأدى ذلك إلى اقتحام مقر الصليب الأحمر بمدينة رام الله، وسبقه إغلاقهم لمقر الأمم المتحدة، ونقل أهالي الأسرى والأسرى المحررين خيمة اعتصامهم إلى منطقة الجندي المجهول وسط غزة، تنديدًا واحتجاجًا على تقليص عدد الزيارات للأسرى إلى مرة واحدة في الشهر، الأمر الذي يزيد من معاناتهم.

لا شك أن هذا الغضب من قبل الأسرى وذويهم خاصة والشعب الفلسطيني عامة لم يأت من فراغ؛ ففي الوقت الذي من المفترض أن تلعب فيه منظمة الصليب الأحمر دورًا إنسانيًّا في مساعدة الشعوب الواقعة تحت الاحتلال، والاهتمام بقضية الأسرى في أوقات الحرب، والعمل على توفير كل احتياجاتهم؛ تفاجأنا بقرار المنظمة الدولية تقليص عدد الزيارات لأهالي الأسرى، خاصة من قطاع غزة، قرار عنصري، يفتقد روح الإنسانية.

والغريب في الأمر أن الأعذار والمبررات ليست مقنعة، وأن قراراتها ليس فيها أي نوع من الشفقة، وكأن المنظمة الدولية التي من المفترض أن تلتزم الحيادية _ولا أقول إن واجبها الانساني يحتم عليها أن تنحاز للضحية لا الجلاد_ تحولت إلى هيئة دفاع عن الاحتلال، وتتكلم بلسانه بتطبيق قراراته حرفًا ونصًّا، فما فهمناه من بيان الأسرى الذي أصدروه الأحد الماضي أنه حين طرح الأسرى على المنظمة تحمل تكاليف الزيارة الثانية، على أن تنسق وترتب هي الزيارة لأهلهم، دون أن تخسر مليمًا واحدًا؛ جاء ردها بالرفض، وهذا دليل على أن لهذا القرار أسبابًا أخرى غير الأسباب المادية.

فالصليب الأحمر بصفتها منظمة دولية مستقلة ومحايدة إن التفويض الممنوح لها ينبع أساسًا من اتفاقيات جنيف لعام 1949م، وتعمل على الصعيد العالمي على تقديم المساعدة الإنسانية للأشخاص المتضررين من النـزاعات والعنف المسلح، وتعزيز القوانين التي توفر الحماية لضحايا الحرب، كما جاء في ميثاقها منذ إنشائها عام 1863م، وهو ما ينطبق تمامًا على حالة الأسرى الفلسطينيين، وليس تسييس الزيارات لخدمة الاحتلال للنيل من عزيمة وصبر وصمود الأسرى الأبطال وكسر إرادتهم الوطنية، لذا كان الأجدى بالصليب الأحمر الدولي كونها مؤسسة إنسانية أن تكون قراراتها إيجابية لمصلحة الأسرى وأهالي الأسرى، لا مخيبة للآمال ومعيبة بحق الأسرى وبحق الأهالي، وبحق هذه المؤسسة الإنسانية التي تصدر قرارات غير إنسانية، ضاربة عرض الحائط بمعاناة الأهالي ومشاعرهم الإنسانية تجاه ذويهم، لأن هذه القرارات بمنزلة عقاب للأسرى ولأهالي الأسرى، الذين من دون أية قرارات جديدة يعانون ويعيشون حالة من عدم الاستقرار، نتيجة الإجراءات التي يفرضها الاحتلال في أماكن إقامتهم وحواجزه الأمنية المنتشرة، ومنعهم من الزيارات.

فلطالما أشبعتنا الصليب الأحمر بالحديث عن القانون الدولي، وحفظه لحقوق الأسرى والإنسان، لكننا لم نر منها الدور المنوط بها، مع انتهاك الاحتلال لكل القوانين الدولية، فمطالب الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال مطالب إنسانية بحتة، متمثلة في الرعاية الطبية، ووقف كل أشكال الاعتداء الجسدي والنفسي والعزل الانفرادي، وإتاحة الزيارات الأسرية للأسرى.

لذا مطلوب من الصليب الأحمر الرجوع فورًا عن هذه القرارات، وتحسين أداءه تجاه الأسرى من ناحية تكثيف زياراته للأسرى والاطلاع على أحوالهم، والضغط على الاحتلال الإسرائيلي من أجل التخفيف من معاناة الأسرى والإفراج عنهم، فهناك أسرى قدامى وأسرى مرضى وأسرى كبار في السن وأسرى وأسيرات قصر يعيشون في أوضاع سيئة جدًّا بسجون الاحتلال، هم بحاجة ماسة إلى الرعاية، وعلى الأقل رؤية أهليهم وذويهم، وهذا هو عمل الصليب الأحمر ورسالته الإنسانية، وليس إصدار القرارات المجحفة بحق الأهالي والتحدث باسم الاحتلال.