الأول من أغسطس، يوم خلدت ذكراه مجلدات التاريخ الفلسطيني، حيث اختلطت به دموع الفرح بالحزن، وجبلت دماء فلسطينية بتراب مدينة رفح جنوب قطاع غزة.
في مثل هذا اليوم من العام 2014، تمكنت مجموعة من كتائب الشهيد عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة "حماس"، من تنفيذ عملية أسر الضابط في جيش الاحتلال "هدار جولدن" شرق مدينة رفح.
عناصر من كتائب القسام نصبوا كمينا لجيش الاحتلال الذي كان يحاول التوغل للمدينة، ليدبر عمل غدر قبيل إعلان الهدنة برعاية دولية إبان العدوان على قطاع غزة في العام 2014، إلا أن المقاومة تمكنت من خلال الكمين أن تباغتهم وتقتل منهم عددا وتأسر الضابط "هدار جولدن".
شنت قوات الاحتلال الإسرائيلي، حملة شعواء على مدينة رفح، وضربتها بالصواريخ والقذائف غير مفرقة بين مدني ومدني، ولا مستشفى ومبنى سكني، ومتجاوزة للهدنة الدولية التي كان من المفترض أن تبدأ الساعة 8 صباحا، ليرتقي 140 شهيدا، في مجزرة ما زال أهل قطاع غزة يرون آثارها حتى يومنا هذا.
تضاربت رواية الاحتلال مع بعضها البعض، عدا تعارضها مع رواية المقاومة، ففي الوقت الذي أعلن فيه الاحتلال قيامه بعملية أمنية، قالت مصادر بالجيش أن هناك عملا مقاوما ضد جنود الاحتلال تم بعد إعلان الهدنة.
وأكدت المقاومة الفلسطينية أن العمل كان ردا على توغل إسرائيلي شرق المدينة، وتم قبل إعلان الهدنة بساعات، وهو ما أثبتته الحقائق لاحقا.
وما أن نفضت رفح غبار العدوان عن نفسها، حتى استيقظت على كارثة، أكثر من مائة شهيد، وإصابات بالجملة، وحصار كبير، والمستشفيات لم تعد طاقتها تحتمل استيعاب الجرحى والشهداء.
ومع توقف العدوان مؤقتا، ظهرت رواية القسام الذي أعلن تنفيذ عملية ضد الاحتلال وأسر فيه الضابط "هدار جولدن"، فيما نفى الاحتلال أوليا نبأ أسر الضابط.
وتتالت الروايات الإسرائيلية المتضاربة، فمنها من قال إنه مات، ومنها من قال إنه مفقود، ومنها من قال إنه قتل في النفق الذي كان القسام يحاول أسره من خلاله.
وذكرت الكتائب أن الجيش الإسرائيلي ظن أن مقاتلها "وليد مسعود"، (استشهد في مكان الاشتباك وكان يرتدي زيا عسكريا مماثلا للباس الجنود الإسرائيليين)، هو جنديه المفقود "هدار جولدن"، مشيرةً أن الجيش الإسرائيلي اكتشف فقدان الجندي بعد ساعتين من أسره، وعليه بدأ بشن هجوم عنيف ومكثف على مدينة رفح، كما نفت كتائب القسام، أن يكون جنود الجيش الإسرائيلي دخلوا النفق الذي استخدمته لتنفيذ عملية أسر الجندي في رفح.
ولم يصدر الجيش الإسرائيلي أي تعقيب حول ما نشرته "القسام" التي بدأت مؤخرا في نشر مقاطع لاقتحام مواقع عسكرية إسرائيلية خلال العدوان الأخير.
ولا زالت "إسرائيل" تتهم حركة "حماس" باحتجاز جثة "جولدن"، الذي تقول إنه قُتل خلال الاشتباك المسلح مع كتائب القسام شرقي رفح، وهو ما لم تؤكده الحركة أو تنفيه.
ونشرت الصحف العبرية تقارير حول إمكانية وجود أسرى "أحياء" لدى حركة حماس، التي تلتزم "الصمت".
وكلّف رئيس الوزراء الإسرائيلي "بنيامين نتنياهو"، ضابط الاحتياط في الجيش "ليؤور لوتين"، بإدارة ملف الجنود الإسرائيليين المفقودين في قطاع غزة، بحسب ما ذكرته الإذاعة الإسرائيلية العامة، نهاية يوليو/ تموز الماضي.