26.19°القدس
25.99°رام الله
25.57°الخليل
27.15°غزة
26.19° القدس
رام الله25.99°
الخليل25.57°
غزة27.15°
الإثنين 07 أكتوبر 2024
5جنيه إسترليني
5.38دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.19يورو
3.81دولار أمريكي
جنيه إسترليني5
دينار أردني5.38
جنيه مصري0.08
يورو4.19
دولار أمريكي3.81

فرنسا تغلق المساجد؟!

يوسف رزقة
يوسف رزقة
يوسف رزقة

"أغلقت فرنسا (٢٠) مسجدًا، وطردت (٨٠) إمامًا من مناصبهم؟! هذا ما قاله وزير الداخلية برنارد كازنوف، وبرر ذلك بالخطاب الديني المتطرف الصادر عنهم حسب تعبيره. هذا كلام واضح (إغلاق) و(طرد). ولم يعقب على هذا أحد في العالم العربي والإسلامي والدولي أو يستنكره؟! فماذا يكون الأمر لو أغلقت مصر مثلًا أو غيرها من البلاد العربية عشرين كنيسة، وطردت عشرين أسقفًا بسبب التحريض على العنف؟! الجواب الطبيعي المعتاد: لقامت الدنيا ولم تقعد، استنكارًا لغلق الكنائس، وطرد الأساقفة.

ليس للمساجد أب يحمي ظهرها ويستنكر العدوان عليها، بينما للكنائس آباء كثيرون في العالم يستنكرون إغلاقها؟! فرنسا التي تدعى أنها أم الديمقراطية والمساواة تتعامل مع الجالية الإسلامية في فرنسا بعنصرية، ومن خلال أجهزة الأمن، تمامًا كما تعاملت معهم واشنطن قبل ذلك في أحداث سبتمبر ٢٠٠١م، وكما تتعامل إسرائيل مع المسجد الأقصى والمساجد الأخرى والفلسطينيين الآن.

كان خبر وزير الداخلية الفرنسي بالعدوان على المساجد مثيرًا للأعصاب، والأهم من ذلك أنه غريب على الفهم، فالمشكلة في فرنسا ليست مشكلة مساجد ومبانٍ وخطباء، إنها مشكلة سياسية وتاريخية، تنتمي إلى سياسة فرنسا العدوانية في العالم العربي والإسلامي: في العراق وأفغانستان، ومالي، وليبيا وغيرها من الدول الإسلامية الأخرى.

نعم ما وقع قبل أسابيع وأيام خلت في فرنسا قتل وتفجيرات، مثلت عنفًا وتطرفًا، ولكنه عنف لا ينتمي إلى الإسلام الوسطي الذي يحرض المسلمين على التعامل مع الآخر بالحسنى، ولكنه كان عنفًا سببه سياسة فرنسا الاستعمارية الخارجية في البلاد الإسلامية، ولو أرادت القيادة الفرنسية إصلاح الأوضاع الفرنسية حقًا وصدقًا لبادرت بمراجعة سياستها الخارجية في أكثر من بلد عربي وإسلامي.

ومن الجدير بالقيادة الفرنسية مراجعة تاريخ فرنسا وماضيها في التعامل مع المسلمين ولا سيما في الجزائر، ففي كل يوم تقريبًا نشاهد على الفيس بوك ووسائل الإعلام الجديد صورًا قاسية من جرائم فرنسا في التعامل مع الجزائريين وغيرهم.

أنا في مقالي هذا لا أدافع عن العنف والتطرف، لا في فرنسا ولا في غيرها، ولكن أدافع عن مساجد الله في فرنسا، لأنه لا يجوز في نظري لفرنسا ولا لغيرها إغلاق بيوت الله أمام المصلين وأنشطتهم ولو ليوم واحد، لأن المشكلة ليست في المسجد، وإنما المشكلة في الفكر، وعلى فرنسا وغيرها معالجة مشكلة الفكر، والاعتذار للمسلمين عن تاريخ فرنسا في الجزائر وغيرها.

ليس لدي مشكلة في تدريب أئمة المساجد على الخطب والتسامح ووسطية الإسلام، ولكن التطرف والعنف ليس مرتبطًا دائمًا بالإسلام، وكثيرًا ما كان مرتبطًا بالرجل الغربي، والدولة الغربية الاستعمارية، وبالضابط والجندي الغربي، تمامًا كما هو مرتبط في بلادنا فلسطين المحتلة بالجيش الإسرائيلي، وأجهزة الأمن الإسرائيلية، والاغتيالات بطائرات بدون طيار، وبالإعدامات الميدانية للشباب والصبايا في الضفة بدون مبرر كافٍ، وفي هدم المساكن التي لم يعد يستنكرها العالم الغربي؟!