طال غياب فلسطين عن حضن المسلمين، إذ ظلت تعاني من حكم الباطل ورجسه مدة طويلة، بلغت 1560سنة ميلادية، من سنة 923ق. م، وهو زمن وفاة النبي المسلم سليمان عليه السلام، وانتهاء دولته المسلمة، إلى سنة 637ق.م وهو زمن خلافة الفاروق عمر بن الخطاب- رضي الله عنه-، وقد تعاقب عليها خلال هذه المدة الطويلة، دولٌ للباطل على اختلاف أجناسهم، فقد حكم المرتدون عن الإسلام من بني إسرائيل شمال فلسطين، وأطلقوا على دولتهم اسم "إسرائيل"، واستمر حكمهم عليها حتى سنة 721ق.م، حيث سلط الله عليهم العراقي الآشوري سرجون الثاني، فغزاهم، وهزمهم، ودمر دولتهم الكافرة التي وصل انحرافها إلى درجة عبادة الأصنام، وحكم جنوب فلسطين المرتدون من بني إسرائيل عن دين سليمان "الإسلام"، من سنة 923ق.م- 586ق.م، حيث سلط الله عليهم بسبب كفرهم وضلالهم العراقي البابلي نبوخذ نصر فغزاهم وسحقهم ودمر المسجد الأقصى الذي رفع قواعده وبناه سليمان عليه السلام، وأخذ كثيراً منهم أسرى، ليعملوا عبيداً عند العراقيين في مدينة بابل، ثم خضعت بيت المقدس سنة 539ق.م لحكم الفرس الذين هزموا بقيادة قورش الثاني الدولة البابلية، ونقلوا إليها عدداً من اليهود، ليعملوا عبيدا فيها للفرس، ثم خضعت بيت المقدس لحكم اليونان سنة 332 ق.م، ثم خضعت سنة 64ق.م لحكم الرومان، واستمرت في أيديهم 701سنة حتى حررها المسلمون سنة 637م.
لقد طال احتلال الباطل لفلسطين، واستمر 1560 سنة؛ لأنه لم تتوفر شروط تحريرها، وهي الإيمان، والالتزام، والجهاد، إذ لم يؤمن بنو إسرائيل، ولم يلتزموا بدين أنبيائهم الإسلام، ولم يجاهدوا في سبيل الله.
وتوفرت شروط تحرير القدس في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، الذين رباهم فأحسن تربيتهم، إذ آمنوا إيماناً قوياً حقيقياً، والتزموا التزاماً تاماً، وجاهدوا في سبيل الله حق الجهاد، فانتصروا على أكبر امبراطورية للباطل في زمانهم، وحرروا بيت المقدس والشام بعد 701 سنة من احتلال الرومان، وبعد 1560 سنة من وقوعها تحت حكم دول الباطل.
