23.3°القدس
23.01°رام الله
22.66°الخليل
26.54°غزة
23.3° القدس
رام الله23.01°
الخليل22.66°
غزة26.54°
الإثنين 07 أكتوبر 2024
5جنيه إسترليني
5.38دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.19يورو
3.81دولار أمريكي
جنيه إسترليني5
دينار أردني5.38
جنيه مصري0.08
يورو4.19
دولار أمريكي3.81

العرب وتبييض الاحتلال الصهيوني

صالح النعامي
صالح النعامي
صالح النعامي

من أسف، قطع الصهاينة شوطاً طويلاً في استخفافهم بنظم الحكم العربية، ولا سيما التي تسميها بـ «الاعتدال»، وباتت حكام تل أبيب يوظفون هذه النظم ليس فقط في تحقيق مصالح الكيان الصهيوني الاستراتيجية، بل إن ترف التوظيف وصل إلى حد استخدام العواصم العربية في لعبة السياسة الداخلية الصهيونية.

إن أحد الأمثلة الواضحة التي تعكس وتدلل على هذا التوظيف هو عودة رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو للتنظير لفكرة «التسوية الإقليمية» للصراع مع الشعب الفلسطيني، والزعم بأن البيئة السياسية في العالم العربي تسمح بتطبيق هذه الفكرة.

وفي الواقع، فإن نتنياهو يدير مع العالم العربي، من خلال الترويج لـ «التسوية الإقليمية» لعبة علاقات عامة تهدف إلى تضليل العالم وللتغطية على تطرف حكومته، إلى جانب توفير مظلة إقليمية لتكريس الاحتلال الصهيوني للأراضي الفلسطينية المحتلة. ومما يثير الاستهجان أن الحكومات في الدول العربية، وعلى وجه الخصوص التي ترتبط بعلاقات دبلوماسية مع تل أبيب وتبدي اهتماماً بالشأن الفلسطيني، لم يصدر عنها أي رد حول فكرة «التسوية الإقليمية» التي يبشر به نتنياهو ووزير حربه أفيغدور ليبرمان، على الرغم من أنهما يعلنان بشكل لا لبس فيه أن «التسوية الإقليمية» تقوم على عدم التنازل عن أي شبر من الأراضي الفلسطينيية التي احتلت عام 1967.

ولا تقف الأمور عند هذا الحد، بل إن حكام تل أبيب الذين يستدعون الحديث عن التسوية الإقليمية، يشيرون في الوقت ذاته إلى أن تحقيق مثل هذه «التسوية» سيسمح بإبراز التعاون الأمني والاستخباري بين تل أبيب والعديد من العواصم العربية، ناهيك عن أنه سيعزز الشراكة في الحرب «على الإسلام السني المتطرف»!!!

وفي الواقع، فإن «إسرائيل» تهدف من خلال الحديث عن التسوية الإقلييمية لتحقيق هدفين أساسيين، وهما: تبييض الاحتلال وإضفاء شرعية عربية على تواصله، وفي الوقت ذاته بلورة فضاء سياسي عربي يسمح بتعزيز الشراكات الاستراتيجية بين الصهاينة ونظم الحكم العربية، على حساب قضايا العرب وأمتهم.

وقد تبدو مفارقة، إلا أن الاستخفاف الصهيوني الرسمي بنظم الحكم العربية «المعتدلة» الذي لم يثرها لدرجة أن يستدعي منها ردة فعل واحدة، أثار العديد من النخب الصهيونية. ويرى البرفسور إيلي فودا، أبرز المستشرقين الصهاينة أن نتنياهو وليبرمان يحاولان توظيف المصالح المشتركة بين «إسرائيل» والأنظمة العربية «السنية المعتدلة»، ولا سيما في مجال التعاون في مواجهة «الإسلام السني المتطرف»، للفت الأنظار عن القضية الفلسطينية ولنفي الحاجة إلى حل الصراع مع الفلسطينيين.

من هنا، فإن الكثير من النخب الصهيوني تبدو غير مستوعبة أن يطرح عبد الفتاح السيسي فكرة حل القضية الفلسطينية من خلال المبادرة التي أطلق عليها «المبادرة المصرية»، والتي تضمنها خطابه في أسيوك في 17 مايو. ويسخر أوري سافير، وكيل وزارة الخارجية ال»إسرائيل»ي الأسبق من المبادرة، حيث يقول إنه بخلاف ما يعتقد السيسي فإن كل ما لدى نتنياهو «هو مجرد هذر»، حيث يستهجن أن السيسي لا ينتبه إلى حقيقة أن نتنياهو لا ينوي المضي قدماً في أية تسوية سياسية للصراع مع الفلسطينيين.

لم يعد يتردد الكيان الصهيوني في المجاهرة بحدود المناورة السياسية لديه، حيث إن الاستراتيجية الدعائية التي أعدتها «إسرائيل» وأعلنتها وزارة التهديدات الاستراتيجية بشكل واضح وعلني تقوم على مطالبة العالم بالاعتراف بحقها في مواصلة احتلال الأراضي الفلسطينية، التي سيطرت عليها عام 1967. وقد كانت نائبة وزير الخارجية تسيفي حوطبيلي واضحة عندما عبرت عن منطلقات الحكومة الصهيونية وموقفها من مصير الأراضي الفلسطينية، عندما قالت/ «هذه الأرض منحها الرب لشعب «إسرائيل» منذ أكثر ألفي عام، وهذا مصدر شرعيتنا الأبرز عليها». ولم تكت حوطبيلي بذلك، بل إنها طالبت سفراء تل أبيب في جميع أرجاء العالم بألا يشغلوا أنفسهم بالحديث عن القانون الدولي، وشددت على ضرورة التركيز على «الحق الإلهي».

إزاء ما تقدم، فإن هناك حاجة ماسة وملحة إلى أن يصدر عن الحكومات العربية، سيما التي تسمها «إسرائيل» بـ «الاعتدال» موقف واضح وجلي من مسألة «التسوية الإقليمية»، وعليها أن تدرك بأنها تساهم في الواقع في «تبييض» الاحتلال وإضفاء شرعية له.

للأسف، فإن السلوك العربي الرسمي يسهم بشكل في إضفاء شرعية على منطلقات اليمين الصهيوني، والتدليل على أنه الأجدر بتمثيل الكيان الصهيوني.