لليوم الرابع على التوالي يواصل الشبان الستة المختطفين لدى الأجهزة الأمنية في الضفة الغربية المحتلّة إضرابهم عن الطعام احتجاجًا على جريمة اعتقالهم منذ شهر نيسان/أبريل الماضي دون توجيه تهم واضحة لهم، أو تحديد مدّة محكوميتهم.
البداية تعود إلى يوم الـ30 من مارس الماضي، حين أُعلن عن فقدان آثار ثلاثة شبان هم باسل الأعرج، محمد حرب، هيثم السياج، ليُعلن في وقت لاحق، وتحديدًا في الـ9 من أبريل أن الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة اعتقلتهم في قرية عارورة برام الله، بعدما اعتقلت كلًا من محمد السلامين، علي دار الشيخ، سيف الإدريسي، خلال فترة اختفاء الأعرج وحرب والسيّاج، بحجّة التحقيق معهم.
ومنذ اعتقالهم، تعرّض الشبان الستة لشتى أنواع التعذيب من قبل عناصر جهاز المخابرات الذين تناوبوا على التنكيل بهم وتعذيبهم خلال فترات التحقيق.
ظروف اعتقال قاسية
والدة المعتقل هيثم السياج قالت في حديث خاص بـ"فلسطين الآن" صباح الخميس، إن الشبان الستة يعانون ظروفًا اعتقالية قاسية جدًا، وأوضاعًا صحية سيئة.
ونقلت أم هيثم عن محامي مؤسسة "الضمير" لحقوق الإنسان الذي زار الشبان بالأمس، أن أمن السلطة عزل المختطفين عن بعضهم البعض في زنازين انفرادية، عقب إعلانهم الإضراب عن الطعام الأحد الماضي.
وأوضحت أن مساحة الزنزانة لا تتجاوز الـ1.5 متر فقط، وفيها رائحة كريهة جدًا ناجمة عن "المرحاض" العربي الموجود فيها.
وبيّنت أنه قد تمّ حرمانهم من الزيارة لمدة 21 يومًا، ومنعهم من المكالمات الهاتفية مع أبنائهم، بعد قرار الشبان الستة خوض الإضراب عن الطعام.
وفي ذات السياق، أفاد سعيد الأعرج، والد المعتقل باسل، في حديث خاص بـ"فلسطين الآن"، أن الإضراب يؤثر بشكل كبير على صحة نجله.
وأوضح أن أمن السلطة صادر "النظارة الطبية" الخاصة بنجله الذي يعاني من قصر حاد في النظر ولا يقوى على الرؤية.
وأضاف "باسل مريض بالسكري وعنده الحصوة، إضافة لضعف النظر الحاد، كل هذه الأمراض تفاقمت عليه وزادت مع الإضراب وقد تسبب له مشاكل قاسية، كذلك فإن سيف الإدريسي مريض بالقلب ويعاني من تسارع التنفس ولا يأخذ العلاج الخاص به، الأمر الذي يشكل خطرًا على حياته".
"طَلْعُوهم"
ووجه والد باسل دعوة للأجهزة الأمنية للإفراج عن الشبان الستة، قائلًا "نحن نريد تخفيف هذا العبء الأمني عنكم، أخرجوهم وليلقوا مصيرهم"، وذلك ردًّا على تصريحات للأجهزة الأمنية ادّعت فيها أن اعتقال الشبان جاء "لحمايتهم من جنود الاحتلال".
وأوضح أن هذا الاعتقال "سياسي بامتياز"، ولا علاقة له بالأمن العام أو حمايتهم من جنود الاحتلال.
وندّد والد باسل بتجاهل وسائل الإعلام المحلّية لقضية الشبان الستة، وعدم التطرق إليها، والتركيز على قضايا أقل أهمّية منها، خشية من إغضاب السلطة أو ملاحقة الأجهزة الأمنية.
تمديد الاعتقال
وخلال شهور الاعتقال تنقّل المختطفون الستة، بين سجون السلطة المختلفة، بدءًا بسجن أريحا سيء السمعة، ومرورًا بفرع سجن المخابرات في البالوع بالبيرة، وصولًا إلى سجن بيتونيا الجنائي، المخصص للقتلة والمجرمين وتجار المخدرات.
وبحسب بيان سابق لمؤسسة "الضمير" لحقوق الإنسان، فقد جرى توثيق تعرض الشبان الستّة لتعذيبٍ قاسٍ في الأيام الأولى للاعتقال منها: الشبح، ومنع النوم والتحقيق المتواصل وضرب على كافة أنحاء الجسد وشتائم ومنع الاستحمام؛ وذلك لانتزاع اعترافات منهم بالقوة.
وخلال شهر أغسطس الماضي مدّدت المحكمة برام الله اعتقال الشبان لمدة 45 يومًا في سجن بيتونيا، رغم عدم انقضاء مهلة الاعتقال الأولى والتي يحددها القانون الفلسطيني بـ180 يومًا، وهو ما يجعل من قرار المحكمة إجراء غير قانوني.
ونقل سعيد الأعرج، والد المختطف باسل الأعرج، عن نجله أن القاضي حينما طلب منهم التحدث في المحكمة، خاطبه باسل قائلًا "نريد أن تفرجوا عنّا"، فناداه القاضي وسأله "لماذا أنتم معتقلون؟"، ما يعني أن القاضي أصدر قرار التمديد بتعليمات عليا فقط دون معرفة بالقضية.
المختطفون في سطور
هيثم سياج (19 عاماً) من الخليل، وهو أسير محرر قضى عام ثلاثة شهور في سجن "مجدو"، لم يمضى على الإفراج عنه من سجون الاحتلال سوى (8) أشهر، يتدرب على السواقة ويمارس بعض الأعمال الحرة.
محمد عبد الله حرب (23 عاماً) من جنين، مهندس كهربائي خريج جامعة النجاح، إنسان مبادر، مهتم بالتاريخ والفكر والفلسفة، كان يتدرب في مكتب هندسة في رام الله، وهذه أول تجربة له في الاعتقال السياسي.
باسل الأعرج (33 عاماً) من بيت لحم، حامل لشهادة الصيدلة من جمهورية مصر العربيّة، يعمل كباحث في التاريخ الفلسطيني الشفوي، مهتم بالتاريخ والفلسفة وكان يعقد ندوات ثقافية مناقشة أبحاث وكتب.
سيف الإدريسي (26 عاماً) من طولكرم، اعتقل من منزله، يحمل درجة البكالوريوس في التسويق وكان يعمل في إحدى الشركات، وقد تعرض سابقاً للاستدعاء والتحقيق والاعتقال لدى السلطة عدة مرات، والده سامر الإدريسي، أعلن إضرابه عن الطعام اعتبارًا من يوم الثلاثاء تضامنًا مع نجله وزملائه.
محمد السلامين (19 عاماً) من البيرة، طالب سنة أولى بجامعة بيرزيت، اعتقل بعد استدعائه للتحقيق وهذه أول تجربة اعتقال له.
علي دار الشيخ (21 عاماً) من قرية بدّو وتعيش عائلته في بيرنبالا، يعمل في محل للأحذية ويسكن مدينة رام الله، لم يتعرض للاعتقال سابقاً.