20.18°القدس
19.86°رام الله
19.66°الخليل
25.32°غزة
20.18° القدس
رام الله19.86°
الخليل19.66°
غزة25.32°
الإثنين 07 أكتوبر 2024
5جنيه إسترليني
5.38دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.19يورو
3.81دولار أمريكي
جنيه إسترليني5
دينار أردني5.38
جنيه مصري0.08
يورو4.19
دولار أمريكي3.81

من الديمقراطية ذنبها!

ديمة طهبوب
ديمة طهبوب
ديمة طهبوب

ستتعب يدك واصبعك وأنت تنزل بفأرة الكمبيوتر لتستعرض لائحة طويلة من الاحزاب الاوروبية المصنفة كأحزاب مسيحية ديمقراطية وهي امتداد لحركة الديمقراطية المسيحية التي بدأت في القرن التاسع عشر في أوروبا واجزاء من امريكا اللاتينية كردة فعل على العلمانية وتتبنى في أساسيات نظمها تطبيق الشريعة المسيحية في السياسة العامة وتتبنى خطا محافظا في القضايا الاجتماعية والسياسية والاقتصادية ولهذه الاحزاب والحركات وجود ونواب وممثلون في كافة المستويات السياسية ولها برامج وطروحات تتنافس مع الاحزاب الأخرى دون تضييق او ملاحقة!

نتطلع دائما الى الديمقراطية الغربية ونراها مدرسة ونظل نقارن أنفسنا بها، ولكنها مقارنات سطحية تعمد الى التقليد وسياسة الكوبي بيست دون نظر في ملاءمة التجربة بلادنا من عدمها، ففي الوقت الذي ينادي فيه البعض بدولة مدنية، ويقدم نفسه كدونكيشوت في مقارعة طواحين هواء من اختراعه يتناسى عن قصد وعمد لتضليل الجمهور ان الصراع الديني المدني الذي عانت منه اوروبا فنادت بشنق اخر ملك بأمعاء آخر قسيس لم تعاني منه ثقافتنا العربية بهذه الحدة والتطرف، وإنما وقفت المؤسسة الدينية في كل كثير من الاحيان مع الشعب ضد السلطة الحاكمة وكان علماء الدين شوكة في حلوق بعض الحكام الذين رسخوا للملك العضود والتسلطي وما رأينا انفصاما وتغيرا في دور المؤسسة الدينية الا عندما نسيت رسالتها وجلست في احضان السلطة تسول لها مزيدا من الاستبداد والبطش وجُهّال الدين خطرهم كخطر من ينادون بعزله في زاوية لا يراه ولا يسمعه الا دراويش أصحاب طقوس لا قادة تغيير!

ان دولة الاسلام لم تكن في يوم دولة دينية بالمعنى الثيوقراطي، اي دولة رجال دين وكهان، وإنما هي دولة مدينة ومدنية، والناظر في وثيقة المدنية يجدها تتفوق على كافة العقود الاجتماعية التي عرفها الغرب بعد قرون من الحروب والنزاعات والخسائر البشرية كالماجنا كارتا ووثيقة الاستقلال وغيرها.

تعود اوروبا بعد عقود من العلمنة والمدنية والحداثة ترافقت مع حصاد مر في الاخلاق الاجتماعية لتؤسس احزابا وحركات وجامعات قائمة على الدين والتبشير به، والعمل على استعادة فعاليته في كل الميادين بما فيها السياسة، وفي جانب آخر يظهر في فلتات لسان كثير من السياسيين الذين يدعون الدبلوماسية وجود عقيدة دينية تحركهم، ومشروع كبير يحاولون تطبيقه من خلال السياسة!

في اوروبا الديمقراطية لا تفرض العلمنة فرضا على الناس ولا تلبس لباس التنوير والتحضر ولا يشيطن الآخر الذي يريد ان يحافظ على دينه، ولكن يفتح الميدان للتنافس ولتقول الاغلبية كلمتها بينما يراد لنا في بلدنا الاردني الهاشمي ان نرضى قسرا بالتيار العلماني وبكل الاجراءات التي تلازم توطينه في بيئاتنا الاجتماعية، وكأنهم يريدون لنا ان نقبله رغما عن أنوفنا!

في الوقت الذي ينزع اقرب واخطر كيان يهددنا الى مزيد من الادلجة وتبني الاجندة الدينية التوراتية فيما يخص صراعنا الوجودي معهم يراد لنا ان نتخلى طواعية او غصبا عن كل منظومتنا الدينية والثقافية والاخلاقية التي ستجعلنا نصمد في وجه مخططاتهم المعلنة زمنيا في عام ٢٠٢٠ لإكمال التهويد ويهودية الدولة وتصفية حقوق اللاجئين والعودة على حساب الأردن والمنطقة!

فهل من ينادون بالعلمنة يريدون مصلحة الاردن بلدا وشعبا او يعملون ضده؟

يريدون من الديمقراطية فصل الدين عن الدولة فماذا عن الاهم من تحصيل وتحصين الحقوق والحريات وارساء مبادئ العدالة وسلطة القانون وايقاف الفساد الخ من مظاهر التقدم؟!؟!

من ينسى الأهم ويغفل الاولويات لا يكون صاحب مصداقية وانما فزعة هوجاء مشكوكة في منطلقاتها ومآلاتها!

من يأخذ من الديمقراطية ذنبها صعب جدا ان يصل ويوصل الناس الى رأسها!