18.29°القدس
18.16°رام الله
18.01°الخليل
24.74°غزة
18.29° القدس
رام الله18.16°
الخليل18.01°
غزة24.74°
الإثنين 07 أكتوبر 2024
5جنيه إسترليني
5.38دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.19يورو
3.81دولار أمريكي
جنيه إسترليني5
دينار أردني5.38
جنيه مصري0.08
يورو4.19
دولار أمريكي3.81

عباس ونتنياهو وبوتين بينهما

صالح النعامي
صالح النعامي
صالح النعامي

تجري محاولات كبيرة وعنيدة لعقد لقاء يجمع كلاً من رئيس السلطة محمود عباس ورئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو في موسكو، برعاية الرئيس الروسي فلادمير بوتين، بدعوى بحث فرص حل الصراع. وقد تبين أن زعيم الانقلاب في مصر عبد الفتاح السيسي يلعب دورا مركزيا في الضغط على عباس للموافقة على الاجتماع بنتنياهو وفق الشرط الإسرائيلي بألا يشترط عباس عقد الاجتماع بأي التزام إسرائيلي مسبق. فنتنياهو أعلن بوضوح أنه مستعد للمشاركة فقط في حال لم يشترط عباس وقف الاستيطان والتهويد وغيرها من مواقف.

وسبق للسيسي أن حاول مساعدة إسرائيل بتجاوز المبادرة التي اقترحتها فرنسا لبدء مفاوضات بين تل أبيب والسلطة عبر ترتيب لقاء بين نتنياهو وعباس في القاهرة أو «شرم الشيخ»، وفق ما أطلق عليه في حينه بـ «المبادرة المصرية» التي أعلن عنها السيسي في أسيوط في 17 مايو. لكن في ظل المواقف الصهيونية الموغلة في تطرفها، فلم يكن بالإمكان أن يوافق عباس على عقد هذا اللقاء.

وقد كان من الواضح أن محاولة السيسي في حينه ترتيب هذا اللقاء اندرجت في إطار علاقات المجاملة بينه وبين نتنياهو، وفق معادلة باتت واضحة قوامها: عمل نتنياهو على توفير شرعية دولية لنظام السيسي من خلال تجنيد حلفاء إسرائيل في واشنطن، مقابل تعاون نظام السيسي أمنيا وسياسيا وإستراتيجيا مع الكيان الصهيوني.

لكن ما فشل السيسي في تحقيقه يحاول بوتين الان انجازه، على اعتبار أن الرئيس الروسي معني بمساعدة الكيان الصهيوني على تجاوز المبادرة الفرنسية التي تخشى تل أبيب أن يقود رفضها لها إلى صدور قرار من مجلس الأمن يعترف بدولة فلسطينية.

وليس سرا أن تحرك بوتين يأتي ضمن الشراكة الإستراتيجية التي تتعاظم مع الأيام بين تل أبيب وموسكو. لكن بوتين ليس لديه الوقت والوسائل لإقناع قيادة السلطة بقبول ما رفضته في السابق، فتجند السيسي مجددا لإقناع عباس بقبول فكرة لقاء موسكو، على الرغم من إدراكه أنه لم يحدث أي تغيير على موقف نتنياهو.

المفارقة أن تحرك بوتين الذي يلعب السيسي فيه دور السمسار، يأتي في الوقت الذي لم يعد كبار المسؤولين الصهاينة يكتفون بمسوغات دينية وأمنية وإستراتيجية لتبرير مواصلة السيطرة على الأراضي الفلسطينية التي احتلت عام 1967، بل باتوا يجاهرون بحماسهم لمواصلة احتلالها لدواع اقتصادية أيضا.

فقد تحولت أراضي الضفة الغربية في نظر القيادة الصهيونية إلى مجرد احتياطي لحل مشكلة السكن في الكيان الصهيوني. فنظرا للضائقة التي يعانيها سوق السكن الصهيوني، ولا سيما في منطقة الوسط، بسبب قلة مساحة الأراضي المتاحة للبناء وازدياد الطلب، وبالتالي ارتفاع الأسعار بشكل كبير، فإن حكومة تل أبيب شرعت بالفعل في استغلال الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية المحتلة لحل هذه الضائقة.

وتعكف حكومة تل أبيب حاليا على خطة لتدشين مستوطنات جديدة وتوسيع القائم منها بهدف استيعاب الأزواج اليهودية الشابة التي تعجز عن شراء شقق سكنية داخل الكيان الصهيوني. وبالطبع فإن بوتين والسيسي يصمان آذانهما عن مجاهرة وزراء في حكومة نتنياهو بعزمهم على توسيع خطة «القدس الكبرى» التي تهدف إلى تسويع حدود بلدية الاحتلال في القدس شرقا وجنوبا وشمالا، بحيث تشكل 10% من مساحة الضفة الغربية.

ولا يلق السيسي وبوتين بالا لقرار الحكومة الصهيونية الأخير بالبناء في قلب مدينة الخليل، وذلك لأول مرة منذ عقدين من الزمان، على الرغم من أن حكومات تل أبيب المتعاقبة توقفت عن البناء في المدينة، وذلك بسبب دلالات هذه الخطوة، ولا سيما أن بضع مئات من غلاة المتطرفين من اليهود يعيشون وسط 120 ألف فلسطيني داخل هذه المدينة.

وبإمكان السفيرين المصري والروسي أن يبلغا السيسي وبوتين بأن وزراء نتنياهو باتوا يوظفون مشاريع التهويد والاستيطان في إطار سعيهم لتحقيق مكاسب سياسية داخلية. فكل وزير يحاول توظيف ثقله الحكومي في الدفع عن بناء مزيد من المستوطنات أو تنفيذ مشاريع بنى تحتية تساعد على تجذير المشروع الاستيطاني.

وإن كان هذا لا يكفي، فإن المشكلة الكبرى تكمن في حقيقة أن بوتين والسيسي يعكفان على تهيئة الظروف أمام انعقاد لقاء موسكو، في الوقت الذي أعلن وزير الحرب الصهيوني أفيغدور ليبرمان أنه شرع فعلا في الدفع نحو تشكيل قيادة بديلة عن قيادة السلطة الفلسطينية. أي أنه يريد استنساخ فكرة «روابط القرى» التي شكلها رئيس الوزراء الأسبق أرئيل شارون عندما كان وزيرا للحرب عام 1981.

قصارى القول.. في حال تمكن بوتين بمساعدة السيسي في تنظيم لقاء يجمع عباس ونتنياهو في موسكو، فإن هذا لا يعني فقط مساعدة إسرائيل على قبر المبادرة الفرنسية التي تخشى تل أبيب أن تفضي إلى عزلتها دوليا، بل إنها تعني أيضا أن السلطة الفلسطينية تضفي شرعية على مشاريع التهويد والاستيطان التي تعكف تل أبيب عليها حاليا.