20.18°القدس
19.86°رام الله
19.66°الخليل
25.32°غزة
20.18° القدس
رام الله19.86°
الخليل19.66°
غزة25.32°
الإثنين 07 أكتوبر 2024
5جنيه إسترليني
5.38دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.19يورو
3.81دولار أمريكي
جنيه إسترليني5
دينار أردني5.38
جنيه مصري0.08
يورو4.19
دولار أمريكي3.81

الكتلة الإسلامية، إصرار يواجه الإقصاء

لمى خاطر
لمى خاطر
لمى خاطر

يحدث أن تجري عملية استنفار كاملة لأجهزة السلطة الأمنية في الضفة يخال معها المتابع أن ثمة قضية بالغة الخطورة تتم متابعتها ميدانياً، ثم لا يلبث أن يكتشف أن الهدف مداهمة مكتبة أو مركز للخدمات الجامعية أو مطبعة لمصادرة كتب ولوازم تعليمية جهزتها الكتلة الإسلامية بهدف توزيعها على طلاب الجامعة كجزء من نشاط نقابي تنفّذه الكتلة في سياق حملاتها الخدماتية أو الثقافية داخل الجامعات.

يحدث هذا وأكثر منه داخل جامعات الضفة الغربية، غير أن هذا فقط مثال يمكن من خلاله استنباط المدى الذي وصلته حدّة الملاحقة التي تطال النشاط النقابي داخل الجامعات، وكيف أن فتح توظّف كل إمكاناتها الأمنية للتغلب على القطاع الطلابي لحماس بقهر السلاح والعربدة وتجاوز أدنى المعايير القانونية أو الأخلاقية في الخصومة السياسية.

وقد بات من نافل القول الإشارة إلى الوجه الثاني لهذه الملاحقة الحادة، وهو الذي تتولاه مخابرات الاحتلال وينفذه جيشها، حيث لم يعد الأمر مقتصراً على اعتقال وترهيب الطلبة الناشطين بل امتد إلى حملات المداهمة الواسعة ومصادرة كل متعلّقات الكتلة الإسلامية وتصنيفها كموادّ محظورة حتى لو كانت شارات بسيطة تحمل شعاراتها.

لا حاجة هنا لاستحضار الدور التاريخي المتميز الذي لعبته الكتلة الإسلامية في الجامعات الفلسطينية على مدى العقود الماضية وخصوصاً على الصعيدين الوطني والنقابي، فلديها رصيد ضخم في هذا الجانب يتجاوز حدود المقال، ولا حاجة كذلك للتدليل على أن هذا الرصيد الكبير والمؤثر كان من أهم دوافع استهداف الاحتلال والسلطة لها على حد سواء، ولغاية تحجيم تأثير الكتلة في البيئة الجامعية وعزلها عن قطاع الطلبة، أي قطاع الشباب ، وهو القطاع الأهم فلسطينياً وخصوصاً على صعيد صنع التغيير وحمل أعباء الانتفاضات ومقاومة الاحتلال.

لكنه يبدو مهماً وسط هذا المشهد الإشارة إلى أن النشاط الطلابي الجامعي ما يزال القطاع الوحيد الذي يستعصي على محاولات الشطب والإلغاء، في وقت باتت فيه كل أشكال العمل المنظم الأخرى في الضفة معطلة وغير قادرة على النهوض والتجدد، بينما الكتلة الإسلامية داخل الجامعات تبدو كجدار أخير يقاوم التصدع والانهيار، لأن تلك الثلة التي تحمل مشعلها في جامعات الضفة قد حسمت أمرها منذ سنوات بالثبات على خيار التقدم والصمود ومواجهة التحديات وليس الاستسلام والانكفاء أمامها، وهي بذلك تجترح صورة مشرقة للإصرار، وتقدّم دروساً عملية حول أصول المواجهة في ظلّ العواصف وعدم التسليم بمعطيات الواقع الرديء بل السعي لتغييرها أو مجابهتها.

الهجمة التي تطال نشطاء الكتلة الإسلامية في جامعات الضفة كبيرة ودائمة، لكنها تُقابَل بتحدٍّ وثبات دائمين أيضا، رغم أن السطوة الأمنية داخل الجامعات تجاوزت المعقول، حتى صارت الإدارة في بعضها موظفة لصالح الأجهزة الأمنية بهدف تعطيل أنشطة الكتلة أو جمع معلومات عن أفرادها، أو استحداث قوانين جائرة لمحاصرة تأثيرها، أو التمييز لصالح شبيبة فتح، وغير ذلك. ورغم أنها أمور قد سمّمت أجواء العمل الطلابي الجامعي وحوّلت بعض الجامعات إلى ثكنات أمنية إلا أنها لم تفلح في كسر شوكة الكتلة الإسلامية فيها أو تهميشها، بل عززت حضورها وزادت من ممانعتها، لأن أفرادها في مرحلتهم العمرية تلك يكونون في ذروة عطائهم واستعدادهم لبذل التضحيات، ولأن أقصى ما تفعله تلك التحديات التي تواجههم هو تكثيف عوامل صياغة شخصياتهم القيادية وصقلها وتمتين عودها، وإعدادها لأدوار لاحقة ومواقع لا يحسن أن يشغلها من لم يعارك المصاعب ويُختبر في ظلّها.