17.86°القدس
17.56°رام الله
17.21°الخليل
24.84°غزة
17.86° القدس
رام الله17.56°
الخليل17.21°
غزة24.84°
الإثنين 07 أكتوبر 2024
5جنيه إسترليني
5.38دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.19يورو
3.81دولار أمريكي
جنيه إسترليني5
دينار أردني5.38
جنيه مصري0.08
يورو4.19
دولار أمريكي3.81

هل ناصر القدوة قادر على خلافة عباس؟

صالح النعامي
صالح النعامي
صالح النعامي

يبدي المعسكر الذي يضم أنظمة الحكم العربية التي تمثل الثورات المضادة وتلك الداعمة لها تصميما لافتا على ترتيب أمر خلافة رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس قبل وفاته ورحيله عن هذه الدنيا، خشية أن يتبلور واقع سياسي فلسطيني داخلي لا يخدم مصالح هذه الأنظمة ويقلص من قدرتها على المناورة في الساحة الإقليمية ويمس بفرص تطوير علاقاتها مع الولايات المتحدة وإسرائيل.

فبعد أن رفض عباس محاولة تلك الأنظمة إملاء محمد دحلان كخليفة له، وبعدما اقتنع بعض هذه الأنظمة بأن مستوى الاعتراض على دحلان داخل «فتح» سيما في الضفة الغربية كبير جدا، وأن الأمر ليس متعلق فقط بالموقف الشخصي لعباس منه، عمدت هذه الأنظمة إلى البحث عن أسماء أخرى تحقق الغرض؛ وعلى ما يبدو أنه قد وقع الاختيار على ممثل فلسطين السابق في الأمم المتحدة ناصر القدوة.

حتى الآن من غير المعلوم، موقف عباس من هذه الخطوة، سيما أن هناك تسريبات قد تحدثت عن قيام أنظمة الحكم المذكورة بطمأنة عباس على مصير أولاده بعد تركه منصبه. وهناك حاجة لمعرفة موقف المعسكرات المختلفة داخل حركة «فتح»، حيث إنه من المعروف أن القدوة على علاقة وثيقة بدحلان.

لكن السؤال الذي يتوجب طرحه: كيف سيتم ضمان تعيين القدوة، حيث إن النظام السياسي للسلطة الفلسطينية ينص بشكل واضح على اختيار «الرئيس» عبر انتخابات تجرى في الضفة الغربية وقطاع غزة؟ وهل يمكن أن يفوز القدوة، وهو شخصية غير معروفة لكثير من الفلسطينيين، ويحظى بثقة الفلسطينيين لمجرد أن دولا عربية معنية بخلافته لخوفها من تداعيات غياب عباس وإمكانية استفادة جهاتها تناصبها العداء من الواقع الجديد، سيما حركة «حماس».

فحتى لو افترضنا أنه قد حدث توافق بين عباس والأنظمة العربية ذاتها على ناصر القدوة، فإن هذا التوافق لا يلزم غيره بعدم الترشح والتنافس أمامه على رئاسة السلطة، مع العلم أنه في حال أجريت انتخابات نزيهة، فإنه لا يوجد ما يضمن نجاح القدوة، وإن كانت الأنظمة العربية ستحرص على أن يتم تصميم الانتخابات بحيث يصل القدوة للرئاسة.

ولو افترضنا أن القدوة قد أصبح «رئيسا» للسلطة، فإن مجرد التوافق العربي عليه لن يضمن نجاحه في أداء عمله، حيث إنه سيكون مطالبا بالتعامل مع جنون التطرف الذي تتسم به حكومة اليمين الصهيونية بقيادة بنيامين نتنياهو التي ستضمن سياساتها إحراج القدوة والمس بمصداقيته.

فالقدوة سيكون مطالبا بفعل بكل ما يفعله حاليا محمود عباس من توفير بيئة تساعد إسرائيل على مواصلة مشروعها الاستيطاني عبر تواصل التعاون الأمني مع الاحتلال في الوقت الذي يواصل فيه الصهاينة الاستيطان والتهويد.

لكن لو قبل القدوة هذا السقف من السلوك، فإنه سيكون من الصعب عليه ممارسة ما يقدر عباس على فعله حاليا من منح مظلة لأجهزة السلطة الأمنية بقمع أبناء شعبه وإطلاق يدها لتعتقل لمجرد أن هذا يخدم المصلحة الصهيونية. فظروف تولي القدوة مقاليد الأمور في السلطة، في حال تم الأمر له، تختلف تماما عن الظروف والتحولات التي وقعت في عهد عباس والتي مكنته من تسويغ القمع. فخلال عهد عباس حدث الانقسام الداخلي الذي أوجد سياقات وطنية فلسطينية غير صحية تماما مكنت من توفير رواية تسوغ القمع، وفق منطقه.

ويبقى السؤال: ما هو موقف إسرائيل من إمكانية تولي القدوة مقاليد الأمور؟

إن الإجابة عن هذا السؤال لا تشكل تحديا كبيرا، حيث إن إسرائيل لا يعنيها الأشخاص بقدر ما يعنيها مدى تحقق الشروط الواجب توفرها في خليفة عباس، وهما شرطان رئيسان:

1- تواصل التعاون الأمني وقمع المقاومة.

2- عدم التشويش على مخططات إسرائيل من ناحية تواصل الاستيطان والتهويد، وذلك عبر عدم إقدام السلطة تحت القيادة الجديدة على أي تحدي جدي في المحافل الدولية ضد إسرائيل، مثل رفع قضايا أمام محكمة الجنايات الدولية، تماما كما تفعل السلطة حالا تحت حكم عباس، التي تحدث جلبة كبيرة دون أن تقدم على تحرك عملي جاد.

لكن لو التزم القدوة بهذين الشرطين، فإن هذا لن يضمن ألا تحرجه حكومة نتنياهو بفائض جنونها وترف تطرفها ولو من باب ما تتطلبه المزايدة الداخلية، تماما كما يفعلون مع عباس الذين يتهمونه بأنه يمارس «إرهابا سياسيا» رغم كل ما فعله ويفعله.