وُضعت مواقع التواصل الاجتماعي التي تعد نافذة رحبة وفعالة لتمكين الصحفيين وعموم المواطنين من التعبير عن آرائهم بحرية، تحت المراقبة خلال السنوات الماضية بصورة منهجية من سلطات الاحتلال الإسرائيلي وجهات رسمية وغير رسمية فلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة.
هذه خلاصة ما توصل إليه التقرير الذي أعده المركز الفلسطيني للتنمية والحريات الاعلامية "مدى"، وكشف فيه عن عمليات ملاحقة تستهدف الصحفيين الفلسطينيين ارتباطا بما ينشروه على تلك المواقع.
ويؤكد التقرير أن القمع ضد مستخدمي هذه المنصات قفزت بصورة مقلقة جداً خلال العامين الماضيين، ووصلت مستويات جعلتها ميداناً مفتوحا للملاحقة والقمع ارتباطا بآرائه، ما أفضى إلى توقيف واعتقال واستجواب عشرات الصحفيين الفلسطينيين، ومئات المواطنين والنشطاء، فضلا عن ممارسة "إسرائيل" ضغوطا على عملاق التواصل الاجتماعي "فيسبوك" وعقد تفاهمات مع الشركة لحذف تعليقات وصور ولإغلاق صفحات شخصية وأخرى اخبارية بحجة التحريض.
عشرات الانتهاكات
مدير عام مركز مدى موسى الريماوي أوضح أن التقرير رصد منذ مطلع عام 2014 وحتى نهاية أيار من العام الجاري، ما مجموعه 70 انتهاكا طالت صحفيين واعلاميين ارتباطا بما ينشروه على مواقع التواصل الاجتماعي، تتوزع على 61 انتهاكا ارتكبتها جهات فلسطينية و9 ارتكبتها سلطات الاحتلال، مشيرا إلى أن "هذه الأرقام لا تشمل عشرات المواطنين والنشطاء (من غير الصحفيين) الذين اعتقلهم جيش وشرطة الاحتلال على خلفية كتاباتهم على مواقع التواصل الاجتماعي.
وعزا ارتفاع عدد الانتهاكات الفلسطينية المرتبطة بما ينشر على مواقع التواصل الاجتماعي مقارنة بالانتهاكات الاسرائيلية إلى اختلاف في توزيع خارطة الانتهاكات الإسرائيلية والفلسطينية، مشيرا إلى أن "معظم الانتهاكات الإسرائيلية ضد الحريات الاعلامية وحرية التعبير تفوق في عددها الاجمالي الانتهاكات الفلسطينية بكثير، وتتركز من حيث النوع ضمن الانتهاكات الجسدية الخطيرة".
وقال الريماوي "تدريجيا اتسعت دائرة الملاحقة التي تشنها سلطات الاحتلال لكبح ما ينشره الفلسطينيون عبر مواقع التواصل الاجتماعي عبر ضغوط وتفاهمات مع شركة "فيسبوك، وكنتيجة لذلك فقد اقدمت الشركة خلال أيلول 2016 على وقف ما لا يقل عن 20 صفحة شخصية (خاصة بأفراد) وأخرى تتبع مواقع اخبارية فلسطينية، وذلك استجابة كما يبدو لمطالب إسرائيل التي تعمل على منع نشر أخبار أو معلومات أو صور تتعلق بممارسات الاحتلال".
وأكد أن الخطورة الشديدة في ذلك تكمن في قيام الدول الاخرى بإتباع "النموذج الإسرائيلي"، ما سيشكل تهديدا خطيرا لحرية التعبير على الصعيد العالمي، الأمر الذي يتطلب تضافر جهود كل المؤسسات المعنية بحرية التعبير لوقف هذا التوجه.
ضغوط عنيفة
وأشار إلى أن بعض عمليات الملاحقة الفلسطينية المتصلة بما ينشر على مواقع التواصل الاجتماعي تترافق مع ممارسة ضغوط عنيفة تصل إلى حد تعذيب بعض الصحفيين أحيانا، ناهيك عن ارتكاب انتهاكات أخرى مثل الدخول إلى الصفحات الخاصة بالصحفيين والكشف عن كلمات المرور وتفتيش أجهزتهم الشخصية.
وقال "لا تكاد تخلو عملية استدعاء واستجواب أي صحفي او ناشط من التعرض لموضوع مواقع التواصل الاجتماعي، وما يكتب عليها، أو محاولة الدخول للحسابات الشخصية، أو التحذير مما ينشره الأشخاص الذين يخضعون للملاحقة والاستجواب".
