19.44°القدس
19.28°رام الله
18.3°الخليل
24.47°غزة
19.44° القدس
رام الله19.28°
الخليل18.3°
غزة24.47°
الإثنين 07 أكتوبر 2024
5جنيه إسترليني
5.38دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.19يورو
3.81دولار أمريكي
جنيه إسترليني5
دينار أردني5.38
جنيه مصري0.08
يورو4.19
دولار أمريكي3.81

الصراع على «أهل السنة والجماعة» ما زال قائما

بسام ناصر
بسام ناصر
بسام ناصر

عُقد في الكويت السبت الماضي، مؤتمر بعنوان «المفهوم الصحيح لأهل السنة والجماعة وأثره في الوقاية من التطرف والغلو» حضره علماء من 25 دولة عربية وإسلامية، أكدوا فيه على وحدة أهل السنة والجماعة.

وعَرف العلماء في البيان الختامي للمؤتمر أهل السنة بأنهم «هم المتبعون للكتاب والسنة، وأن رؤوسهم هم الصحابة ثم التابعون، ثم تابعو التابعين، ومن جاء بعدهم وسار على منهجهم.. وأكدوا أن منهج أهل السنة والجماعة واحد لا تعدد فيه، وأنه حق لا يشوبه باطل، ووسط لا غلو فيه ولا جفاء».

من الواضح أن المؤتمر جاء ردا على مؤتمر الشيشان الذي انعقد في العاصمة الشيشانية غروزني، أواخر آب الماضي، الذي أخرج السلفيين والوهابية من دائرة أهل السنة والجماعة، وقصرها على الأشاعرة والماتريدية.

الصراع على مسمى «أهل السنة والجماعة» بين الأشاعرة والماتريدية من جهة، وأهل الحديث (كمذهب عقائدي) من جهة ثانية، صراع قديم جديد، وليس بالأمر الجديد، لكنه يخبو أحيانا ويشتد في أحايين أخرى، وأشد ما يكون حينما تغذيه الأجندات السياسية، التي تسعى لتوظيف المذاهب الدينية لخدمة مصالحها السياسية.

من الملاحظ أن كلا الطرفين (الأشاعرة والسلفية.. الاتجاهات الرئيسة منهما) لديهما القابلية للتوظيف السياسي، ولا يخفى عليهما أنهما يقعان في براثن التوظيف السياسي، الذي يستغل تلك المذاهب ويوظفها لتحقيق أجنداته السياسية، فما على الأنظمة السياسية المتصارعة إلا الاضطلاع بأعباء التمويل، لتجد مشايخ ورموز تلك المذاهب على أهبة الاستعداد للاجتماع والحشد والاستنفار.

لكن الأمر الملفت للنظر في كلا المؤتمرين، المنعقدين في غروزني والكويت، أنهما يركزان في بحوثهما العلمية، وجهودهما الإعلامية، على احتكار مسمى أهل السنة والجماعة، وقصف الجبهة الأخرى، وإخراجها منه، في الوقت الذي يلتقي فيه الطرفان على الخضوع التام للأنظمة السياسية المنظمة والداعمة والممولة، فكلا الطرفين متحاربان دينيا وعقائديا، ومتوافقان تماما في مواقفهما من الأنظمة السياسية، مع غيابهما التام عن اتخاذ مواقف متعاطفة مع مآسي ومصائب الشعوب العربية والإسلامية في البؤر المتفجرة والساخنة، كسوريا والعراق واليمن وليبيا.

 

لماذا تحضر الصراعات العقائدية المذهبية بين الأشاعرة والسلفيين، وتشتد تلك الصراعات، في الوقت الذي يتصالح فيه الطرفان مع الأنظمة السياسية التي لا تطبق الشريعة من جهة، ويغيب العدل عن ممارساتها السياسية؟ كيف يمكن فهم ذلك السلوك الغريب، الذي يشن الحملات العقائدية الشرسة على مخالفيه، ويلتزم الصمت المطبق تجاه منكرات السياسات السلطانية؟

ثم أين أولئك المؤتمرون من كلا الجانبين، عن مآسي المسلمين في سوريا والعراق واليمن وليبيا وغيرها من دول العالم، حيث تنعقد مؤتمراتهم الباذخة وتنفض، من غير أن يكلفوا أنفسهم عناء إدانة الممارسات الوحشية التي تمارسها أنظمة القتل والإجرام، أو إبداء التعاطف مع أهلها، والدعوة إلى مؤازرتهم والوقوف بجانبهم.

هل بات من مواصفات أهل السنة والجماعة، أن يكونوا خداما لأنظمة الاستبداد والظلم؟ فكلا الطرفين هذا شأنهم، ذئاب مستأسدة ومفترسة في مواجهة كل طرف للآخر، وخاضعون خانعون أمام الأنظمة السياسية الداعمة والممولة، هل بات هذا هو العنوان الأبرز لأهل السنة والجماعة في زماننا؟ اشتداد المواجهة الشرسة بين الطرفين واشتعالها، مع توافقهما التام على إضفاء الشرعية الدينية على الأنظمة القائمة؟.

ماذا يجني كلا الطرفين من الصراع على مسمى أهل السنة والجماعة، حينما تغيب عنهما تلك المهام العظيمة من بعث الدين من جديد في حياة المسلمين العامة، والمطالبة الملحة في تطبيق أحكامه وشريعته في السياسية والاقتصاد وسائر شؤون الحياة المختلفة؟ هل مما يخدم أهل السنة والجماعة أن تبقى صراعاتهم مشتعلة ومحتدمة مع طواحين الهواء؟.

يا لبؤس أهل السنة والجماعة في زماننا حينما تنحصر مهمات علمائهم في زجر الشعوب عن المطالبة بحقوقها، ومطالبتها بالخنوع التام أمام ظالميها، وتحريم أي لون من ألوان رفض الظلم والتجبر بالخلق.

سلام على أهل السنة والجماعة حينما يقدمون قرابين الطاعة لمن يضحكون على ذقونهم، ويوظفونهم كأدوات رخيصة في خدمة أجنداتهم السياسية، وهم يتبخترون في فنادق الخمسة نجوم أمام الكاميرات لشن حروبهم العقائدية المقدسة.