21.35°القدس
21.07°رام الله
19.97°الخليل
25.17°غزة
21.35° القدس
رام الله21.07°
الخليل19.97°
غزة25.17°
الأحد 06 أكتوبر 2024
5جنيه إسترليني
5.38دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.19يورو
3.81دولار أمريكي
جنيه إسترليني5
دينار أردني5.38
جنيه مصري0.08
يورو4.19
دولار أمريكي3.81

هل تفاقم القدس أزمة النفوذ الأمريكي المتآكل؟

حازم عياد
حازم عياد
حازم عياد

لم تنقل السفارة الامريكية الى القدس بعد وما زال هناك فسحة من الوقت لوقف الجهود التي يبذلها اليمين الامريكي والكيان الاسرائيلي لتنفيذ هذه الخطوة المتطرفة والمستهترة؛ اذ انها خطوة تكتكية خالية من الرؤية الاستراتيجية، ومؤشر على ازمة امريكا بتأثير من العامل الانتخابي، فالخطوة بما لها من دلالات تكتيكية امتداد للحملات الانتخابية وتكتيكاتها الضحلة كتكتيك قانون جاستا والاتفاق النووي والموقف من تركيا بشكل اربك الاستراتيجية الامريكية الدولية.

خطوة صغيرة للوليات المتحدة، إلا أن تأثيرها سيكون عظيما في العالم الاسلامي والعربي وعلاقته بالادارة الامريكية اليمينة، والمترافق مع تراجع مضطرد وواضح في نفوذها لصالح قوى دولية صاعدة كالصين او طامحة كروسيا.

نقل السفارة الى القدس سيرفع بشكل مؤكد مستوى التوتر في المنطقة مفاقما ازمة الخطاب السياسي الرسمي في العالم العربي والاسلامي، مغذيا العداوة للغرب بشكل يفوق زلالزال الاتفاق النووي المترنح، وقانون جاستا والمحاولة الانقلابية الفاشلة في تركيا، ذلك ان الخطوة لا تمس السياسة العربية الرسمية بل قناعات الشعوب العربية والاسلامية تجاه الغرب وسياساته المتبعة في الاقليم بشكل يفاقم ازمة النفوذ الامريكي المتاكل والمترنح.

نقل السفارة الى القدس اختبار للنفوذ الامريكي يفوق في اهميته تداعيات المحاولة الانقلابية الفاشلة في تركيا، وخطوات التقارب الامريكي الايراني بعيد الاتفاق النووي الامريكي، فالسياسة الامريكية اصبحت تأخذ طابعا تكتيكيا استفزازيا ضحلا وحالما يجافي الوقائع والحقائق القائمة على الارض، حقائق مثلت معيقات للنفوذ الامريكي خلال عقود طويلة لتتحول في هذه الحقبة الحرجة الى اسباب مباشرة لتصفية نفوذ واشنطن وتقهقره في المنطقة.

الخطوة التي يتم التحضير لها من قبل مستشاري ترمب ضعيفي الخبرة، وبمباركته تأتي في ظرف اقليمي ودولي مضطرب يراه البعض الانسب لتمرير القرار، خصوصا داخل الدوائر الصهيونية، ويقدر كثيرون انه تتويج لسياسة ونهج اتبعه اليمين الامريكي والكيان الاسرائيلي منذ سنوات، وكأن الخطوة تعد فتحا كبيرا ونصرا مؤزرا، غير ان الحقائق تشير الى ان هذا النصر ما هو الا خطوة جديدة لتقويض النفوذ والاستراتيجية الامريكية التي تعاني من تراكم الاخطاء، ونقص في عناصر النفوذ والتأثير، فأمريكا لم تخسر نفوذها في سوريا والعراق الا نتيجة لهذه السياسات الاستعراضية والتكتيكات الانتخابية الخرقاء، عاكسة الانقسام الحاصل في الساحة الامريكية.

ليس من المستغرب ان يحتفي اليمين الامريكي والكيان الاسرائيلي في الخطوة، الا ان الاحتفال لن يطول؛ اذ سيمر كلمح البصر لتصطدم الادارة الامريكية والكيان الصهيوني بالحقائق القائمة على الارض في فلسطين والعالم العربي والاسلامي، فعلى الرغم من التطور الحاصل في علاقات الكيان مع بعض الدول العربية، تطور وتقدم يبشر ويحتفي به نتنياهو بين الحين والآخر، سيتحول الى كابوس يقض مضاجع الاقليم بأكمله؛ بسبب الارتدادات السلبية لهذه الخطوة، بدءا من الاراضي الفلسطينية، وليس انتهاء في العالم العربي والاسلامي.

مزيد من الشروخ والتشققات تضيفها الولايات المتحدة الامريكية لعلاقتها بالعالم العربي والاسلامي، ستجد من يملؤها حتى لو رغبت القيادات العربية في تجاهل تداعياتها مرحليا، وستفرض نفسها شيئا فشيئا محولة نصر اليمين والكيان الاسرائيلي الى انتكاسه جديدة تشبه الانتكاسات التي تلقتها امريكا في سوريا بعيد التقارب التركي الروسي.

القدس تفوق في اهميتها قانون جاستا، او الاتفاق النووي الامريكي، او السياسة الامريكية المتبعة في العراق والموصل، او الحرب على الارهاب على مدى العشرين عاما الماضية التي اعاقت تطور الاقليم، وتسببت في تدهور أمنه واستقراره، فالصدام والتوتر الذي ستخلقه في الشارع العربي والاسلامي سيمثل قوة ضاغطة اضافية تدفع الدول العربية الى البحث عن توازنات جديدة تبرر لها سياساتها المستقبلية التي لم تعد تجد في السياسة الامريكية ما يكفيها، او يسعفها لتفسير تحالفها معها والتصاقها باستراتيجيتها المضطربة والغامضة، فالقدس نقطة حرجة، وازمة عالقة ستضع النفوذ الامريكي على المحك، وهو اختبار لن تنجح فيه امريكا على الارجح مهما بلغت ثقتها بقوتها ونفوذها المتآكل.