لم تحتضن الخليل البطولة والمقاومة فقط، بل كان هناك متسع للفن والألوان أيضاً، وبين جنباتها نبتت زهرة فلسطينية تحمل في أناملها قدرة فنية هي الأولى من نوعها في الخليل بل وفي فلسطين، استطاعت أن تصنع من مشاهد الجراح والألم لوحة فنية.
وفي مقابلة خاصة لـ"فلسطين الآن"، وفي غرفتها الأنيقة زاهية الألوان، بدأت رغد ياسر القواسمة تحضر عدتها، حضرت الألوان والمكياج النسائي، والفرشاة وأدوات أخرى واستطردت تسرد تفاصيل اكتشافها لموهبتها الفريدة، فالصدفة لم تكن وحدها قادرة على ري زهرة إبداعها، فبحثها في الفضاء العنكبوتي دعّم موهبتها، كما كان لاهتمام والدتها بها البصمة الواضحة في صقل موهبة "رغد".
ففي ليلة سمر مع فتيات من أقاربها، وخلال جولة في "اليوتيوب" تعرفت لأول مرة رغد على الفن السينمائي، وبشغفها للتجربة كانت محتويات الثلاجة من" كاتشاب وصويا صوص وباربكيو صوص "لتشكل درجات اللون الأحمر الممثل للون الدم، إضافة للقليل من العجين، وكان الإصبع البشري المقطوع أولى خطواتها لهذا الفن.
وتتابع رغد حديثها: "اكتشفت نفسي وقتها، وبدأت البحث أكثر في العالم الافتراضي عن طرق صنع المواد التي تستخدم في هذا النوع من الفنون يدويا، نظراً لعدم توفر هذه المواد هنا في فلسطين، ولما لم أجد كل ما أريد في الانترنت، توجهت لمحلات العطارة، وبدأت تجاربي باستخدام المواد الطبيعية، حتى نجحت مرة تلو المرة بتحقيق النتائج التي أصبو إليها، وكان دعم والدي الكبير في شراء الأدوات عن طريق مواقع الانترنت له أثر كبير في تطوير أعمالي".
موهبة من الصغر
والدتها المهندسة والمحاضرة الجامعية صفاء أبو خرشيق، و في حديثها لـ"فلسطين الآن" قالت إن بوادر موهبة رغد الفنية ظهرت منذ الصغر، وما قبل مرحلة المدرسة، فكانت تجيد استخدام الألوان بشكل منتظم، وبتناسق عجيب لافت. فوجهتها لاستخدام "اليوتيوب" لتعلم فن الرسم أكثر، فتابعت الحاسوب لساعات دون ملل، وتعلمت الكثير حتى بدأت بتطوير نفسها ذاتياً.
وتضيف أبو خرشيق أن تفتخر بابنتها، فهي متفوقة في دراستها، وتهوى مطالعة الكتب، وولديها موهبة في الكتابة الأدبية وتحديداً السيناريوهات، ولم يمنعها امتحان الثانوية العاملة الذي تعد له رغد لهذا العام من الاستمرار في حفظ القرآن الكريم أيضاً.
لم يكن الفن السينيمائي والكتابة موهبة رغد الوحيدة، فهي تتقن الرسم العادي بالألوان مختلفة الأنواع، وكانت أولى مشاركتها في المعارض الفنية وهي بعمر 15 عاماً، وكان لفنها حضور في معرض أقامته جامعة بوليتكنك فلسطين، وآخر في أطول سلسلة فنية في الخليل، وثالث في مدينة رام الله، إضافة لبراعتها في صناعة الإكسسوارات النسائية اليدوية والخياطة.
رغد الفتاة الفلسطينية التي استطاعت أن تصنع من الجراح فناً، تسعى للوصول للاحترافية العالمية، وتتمنى أن يتاح لها فرصة لمتابعة مسيرتها الفنية.