25.55°القدس
25.08°رام الله
24.42°الخليل
26.8°غزة
25.55° القدس
رام الله25.08°
الخليل24.42°
غزة26.8°
الأحد 06 أكتوبر 2024
5جنيه إسترليني
5.38دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.19يورو
3.81دولار أمريكي
جنيه إسترليني5
دينار أردني5.38
جنيه مصري0.08
يورو4.19
دولار أمريكي3.81

حتى لا تتحول الأخطاء الى خطايا

إبراهيم حمامي
إبراهيم حمامي
إبراهيم حمامي

كما سبق ووعدتكم بوقفة وقراءة لما بعد المؤتمر الشعبي لفلسطيني الخارج أكتب اليوم في نقاط سريعة، عن تفاصيل البيان النهائي للمؤتمر الذي يعتبر الخلاصة لما اتفق عليه - او لم يتفق عليه - داخل أيضاً.

شكلت منظمة التحرير الفلسطينية التحدي الأكبر داخل المؤتمر ورغم ان غالبية المشاركين في الاجتماع التأسيسي مساء يوم الجمعة 24/02 ذكروا بأنهم ضد عبارة أن منظمة التحرير الفلسطينية ممثل شرعي ووحيد، وعلى اقل تقدير بشكلها الحالي، وفي ظل قيادتها المتنفذة، لكن إصرار البعض الذي لا يزيد عن أصابع اليد بفرض رأيه وتضمين البيان النهائي عبارة الممثل الشرعي والحديث عن المنظمة كان غريبا من نوعه.

رفض هذا البعض كل المحاولات الوسط وكل التسويات للخروج من هذا المأزق في ظل معارضة ليست بالبسيطة من قبل المشاركين في المؤتمر سواء في الهيئة التأسيسية او في الاجتماع العام، على سبيل المثال عدم ذكر المنظمة لا سلبا ولا إيجاباً لا بصفة تمثيلية ولا بطرح المؤتمرين أنفسهم كبديل عنها، لا خيرا ولا شراً بل تجاهلها بشكل تام، حيث ان هذا المؤتمر مؤتمرا شعبيا لا علاقة له بالحسابات السياسية للفصائل.

حسب البيان: فإن تطوير الدور الوطني يجب أن يستند إلى "على" إعادة هيكلة م.ت.ف وهو غلق للخيارات وتضيق للأفق. خاصة أن العديد من شرائح الشعب الفلسطيني ترفض المنظمة وما آلت اليه ونستفزهم عندما نقول إن الوطنية تمر عبر المنظمة! كان من الأولى، وإن كان ولابد من ذكر المنظمة فليقتصر ذلك على الدعوة التقليدية لإصلاحها، وإن كان ذلك مستفزا بما فيه الكفاية.

كان من المفترض أن يقال العكس: ان اصلاح المنظمة يجب أن يستند على القيم الوطنية وهو شرط لتستعيد مكانتها في تمثيل الشعب الفلسطيني.

البيان لم يوضح ان كانت القيادة المتنفذة لا زالت تحظى بصفتها الشرعية التمثيلية ام ان المؤتمر نزعها منها!

وضع المؤتمرون أنفسهم في مشكلة قانونية كبرى حيث أنهم لم يتنصلوا من القيادة المتنفذة الحالية للمنظمة وفي ذات الوقت صبغوا عليها الصفة الرسمية باعتبارها ممثلا شرعيا، أي ان هذه القيادة المتنفذة ما زالت تستطيع أن تأمرهم أو تفرض عليهم ما تشاء لأنها ممثل شرعي لهذا الشعب.

لم ينص البيان على نزع الشرعية عن قيادة المنظمة وهو ما يعني ضمناً قبول تمثيلها وبقائها على حالها الى ان تمنّ على الشعب بالتغيير المفترض غير المرتبط بسقف زمني!

المشكلة الحقيقية هو التمسك بمنظمة التحرير الفلسطينية باعتبار ما يسميه البعض الإنجازات والمكتسبات التي حققتها علماً بأنه بمجرد قبول فلسطين كدولة غير عضو في الأمم المتحدة انتفت أي صفة رسمية للمنظمة، حيث أن ميثاق الأمم المتحدة ينص على أنه لا يجوز لشعب واحد أن يمثل بكيانين سياسيين مختلفين، وبالتالي لا صفة تمثيلية للمنظمة ولا صفة تشريعية للمنظمة وفقدت دورها بالكامل ولم يعد لها أي قيمة أو مكتسب على الاطلاق.

ثبّت القائمون على المؤتمر أنفسهم في مناصب داخل هذا المؤتمر وفي هيكلياته المقترحة واستثنوا الشباب بشكل كامل حيث أن أصغر القيادات الجديدة لهذه الهيكليات الجديدة يبلغ من العمر 78 سنة مع احترامنا للجميع ولتاريخه ولسنه.

يبرر البعض ذلك بالقول أن كبر السن يأتي معه الحكمة والعقل وكأن الامر يتناسب طردياً بين الاثنين، ولو كان الامر كذلك لكان محمود عباس هو الأولى بالقيادة باعتباره هو الأكبر سنا.

لم يتم انتخاب أي عضو على الاطلاق من المشاركين في أي من هذه اللجان وغاب الانتخاب تماما عن أي من المؤسسات والهيكليات الجديدة.

وسط اعتراض البعض على تغييب دور الشباب تم اقتراح تعيين نواب للرؤساء الجدد لكن هذا لم يحل الإشكالية حيث تم تعيين اخرين ليسوا بالشباب.

تحدث البيان الختامي عن كل شيء إلا عن الهيكلية الجديدة وهي أهم نتائج المؤتمر على الاطلاق لكنها غابت عن البيان النهائي بشكل تام، وهو أمر يثير الدهشة حيث أن من المفترض أن مخرجات المؤتمر يتم النص عليها في البيان الختامي، وهو ما لا يمكن تفسيره.

البيان كان مطولا بشكل كبير جدا (4 صفحات) وبتفاصيل تاريخية كثيرة جدا بعبارات وشعارات وكلمات تتكرر منذ عقود.

لكنه في ذات الوقت وفي فقرة منه نأي بنفسه عن الشعوب العربية بالحديث عن عدم تدخله في المحاور الإقليمية.

 هذا النأي جاء لاسترضاء مجموعة من داعمي الطغاة في المنطقة ممن حضروا المؤتمر، وهو أمر معيب بحق الشعوب العربية التي تناضل أيضاً لنيل حريتها وما زالت تدفع أثماناً باهظة فاقت في بعضها ما قدمه الشعب الفلسطيني ضد الاحتلال.

إن كان ولابد فقد كان من الأفضل النأي عن النفس في هذا الموضوع وعدم الحديث عنه، أو النص على وقوفنا مع الشعوب وتطلعها للتحرر.

النأي بالنفس عن المحاور كما ورد لا يمنع من ذكر أي إشارة تدلل على اننا مع خيارات الشعوب وحقها في نيل حريتها واعتبار ذلك شرطاً ضرورياً لانخراطها فعلاً في العمل من اجل تحرير فلسطين، اذ يمكن الجمع بين (الحيادية) والتأكيد على الحرية.

الشعب الفلسطيني لطالما صرخ على مدار مائة عام مطالبا بدعم الشعوب العربية، وفي أول فرصة لفلسطيني الخارج اللاجئين الذين يحاولون رسم مستقبلهم، يتم التخلي عن هذه الشعوب بالحديث عن المحاور والنأي بالنفس عنها.

ما حدث هو تكرار لإخطاء الماضي من تفرد واجترار وتكرار والحديث عن التاريخ النضالي وتشكيل لجان وهيئات تمارس تماما ما مارسته اللجان المركزية للمنظمة والحركات والفصائل الفلسطينية ويتم التعيين بالتوافق وبـ "شيلني لأشيلك" وبالتالي لم نتجاوز هذه العقليات على الاطلاق في هذا المؤتمر.

البيان الختامي كان سقفه أقل بكثير من سقف المشاركين والمتحدثين وكل من شارك وساهم وتحدث في ذلك المؤتمر وهو ما ضيع فرصة تاريخية كبيرة لرفع سقف هذا المؤتمر بشكل يعبر عما تداعى له الالاف من المشاركين.

كان بالإمكان ان يكون الامر أقوى من ذلك بكثير لو أحسن استغلال الموقف، ولكن كما قلت في مقالي الثاني حول الموضوع ان كلاً من ذوي العلاقة سيحكم على المؤتمر من زاويته لا من زاوية ما كان مأمولا من معظم المشاركين!

التعلم من أخطاء الماضي وعدم تكرارها هو منتهى الحكمة، والإصرار على المواقف وعدم الاستماع للآخرين سيدخلنا في متاهات نحن في غنى عنها وسيخلق كيانا جديدا لا يختلف في الشكل والمضمون عن منظمة التحرير الفلسطينية أو باقي الفصائل الفلسطينية.

لا نتحدث عن ثورة لكن تغيير، التغيير الذي يشمل الأسلوب والآليات وكذلك العقليات، وهو ما لم نلمسه لا في البيان الختامي ولا بطريقة التعيين.

الاختبار الحقيقي هو في اجراء انتخابات حرة نزيهة شفافة تخرج قيادات حقيقية من داخل الجماهير ومن قلب الشعب دون فرض الإرادة عليها، وهذا هو المعيار الحقيقي لأي تمثيل حقيقي.

لا تمثيل ولا شرعية لأحد كائن من كان دون انتخابات ودون ديموقراطية.

النقد البناء مطلوب وبشدة لأنه أساس تصويب المسار، ولأنه عمود التقييم الذي يؤدي الى نجاح أي مؤسسة او أي عمل عام، بدون نقد وتقييم لن نتقدم...

لا يمكن انكار الجهود الجبارة المبذولة والتي قد بذلت لإنجاح هذا المؤتمر...

ولا يمكن لجاحد ان ينكر التضحيات والموارد والعرق والإخلاص الواضح جدا لإنجاح هذا العمل...

وقد كان الامل في ان يخرج المؤتمر بأفضل النتائج...

ما يهم هو ما يتبع هذا المؤتمر من عمل وما ينتج عنه كمؤسسة قوية فاعلة مؤثرة..

هذا ما يثير انتباه العالم وعلى كل المستويات إقليميا ودوليا...

والمنتظر أن يتحول إلى واقع على الأرض يجذب الناس إليه جذبا...

نعلم أن ضغوطاً مورست وأن محاولات الافشال كانت وما زالت مستمرة...

لذلك نقول إن المؤتمر كان إنجازا وطنيا مفصليا ندعمه ونسانده رغم ما في القلب من غصة...

وانه كان نتاج جهد خارق غير مسبوق...

ونقول أننا جميعا معنيون بنجاح هذه التجربة...

من لا يعمل لا يخطئ..

لهذا نكتب ونراقب وننتقد..

ليس من باب التثبيط لكن من باب الحرص على النجاح وبأفضل الصور...

لنعمل جميعا حتى تبقى بوصلتنا صحيحة دون شوائب...

دون تفرد أو تكرار لمآسي الماضي...

حتى يكون التغيير حقيقياً ومعبراً عن نبض الشعب...

وحتى لا تتحول الأخطاء الى خطايا لا سمح الله.