25.55°القدس
25.08°رام الله
24.42°الخليل
26.8°غزة
25.55° القدس
رام الله25.08°
الخليل24.42°
غزة26.8°
الأحد 06 أكتوبر 2024
5جنيه إسترليني
5.38دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.19يورو
3.81دولار أمريكي
جنيه إسترليني5
دينار أردني5.38
جنيه مصري0.08
يورو4.19
دولار أمريكي3.81

مشروع «E1» ولقاء العقبة

صالح النعامي
صالح النعامي
صالح النعامي

قد لا يكون من سبيل المصادفة أن يتزامن الكشف عن لقاء «العقبة» السري الذي تم في مارس 2016، وإعلان الحكومة الصهيونية وبلدية الاحتلال في القدس عن انطلاق مشروع «E1»، الذي يربط مدينة القدس بمستوطنة «معاليه أدوميم»، التي تقع شمال شرق المدينة المقدسة. فمشروع «E1» يصفي فكرة الدولة الفلسطيية، لأن الشارع الذي يربط شمال الضفة الغربية بجنوبها يمر في المنطقة الفاصلة بين هذه المستوطنة والقدس، الأمر الذي يعني أن تدشين المشروع يسدل الستار على أية إمكانية لإقامة «دولة متصلة الإقليم».

والتعنت الذي أبدته «إسرائيل» في لقاء العقبة، كما كشفت ذلك صحيفة «هارتس» وأقره الجانبان المصري والإسرائيلي يكمل الصورة ويحمل نفس الدلالة، على اعتبار أن رفض نتنياهو المبادرة «المغرية» التي طرحها كيري باسم العالم العربي في لقاء العقبة تشي بتوجهات الكيان الصهيوني ومراميه الحقيقية من محاولة تسويق «التسوية الإقليمية» كخيار مفضل لتسوية الصراع مع الفلسطينيين.

فعلى الرغم من أن مبادرة كيري استندت نظريا، إلى «حل الدولتين» على أساس حدود 1967، فأنها من ناحية عملية تتعايش بشكل كبير مع طروحات اليمين الإسرائيلي!!!. إن أخطر ما طرحه كيري في لقاء العقبة يتمثل في قبول تلبية «الاحتياجات الأمنية لإسرائيل وضمان تمكينها من الدفاع عن نفسها». فعند ترجمة هذا البند استنادا إلى المعايير الإسرائيلية، فأنه يفترض ضمنا استعداد فلسطيني للتنازل عن مساحات من الأرض في الضفة الغربية ترى تل أبيب أن الاحتفاظ بها يعد من الاحتياجات الأمنية لها.

 ووفق المنطق الصهيوني، فأنه يستحيل الانسحاب من منطقة «غور الأردن»، التي تشكل حوالي 28% من الضفة الغربية، بحجة أن الاحتفاظ بهذه المنطقة يعد «متطلبا أمنيا أساسيا» لأنه يقلص قدرة أي طرف على مباغتة «إسرائيل» بشن هجوم من الشرق. وبالمناسبة فإن المطالبة بالاحتفاظ بمنطقة «غور الأردن» ليست حكرا على اليمين، بل إن أول من دعا للاحتفاظ بها في أية تسوية سياسية للصراع كان وزير الخارجية الأسبق الجنرال يغآل ألون، أحد قادة حزب العمل التاريخيين.

في الوقت ذاته، فإن الموافقة على «ترتيبات أمنية» تحسن من قدرة «إسرائيل» على الدفاع عن نفسها يعني نسف مقومات السيادة في الدولة الفلسطينية العتيدة على حدودها. فوفق المنطق الصهيوني، فإن ضمان حق «إسرائيل» في الدفاع عن نفسها يتطلب السيطرة على الحدود مع الأردن.

وإذا أخذنا بعين الاعتبار أن مبادرة كيري تقر باحتفاظ «إسرائيل» بالتجمعات الاستيطانية الكبرى التي تمتد على 12% من مساحة الضفة الغربية، فإن هذا يعني أن المبادرة تعني عمليا تنازل فلسطيني مسبق عن 40% من مساحة الضفة الغربية.

إن أخطر ما طرحه كيري في لقاء العقبة حقيقة تبنيه موقف «إسرائيل» المطالب بالاعتراف بيهودية وضمان الحفاظ على طابعها اليهودي. ولا حاجة للقول إن الاعتراف بيهودية «إسرائيل» يمثل تنازلا ضمنيا ومسبقا عن حق اللاجئين الفلسطينيين. ونظرا لأن الحفاظ على الطابع اليهودي للدولة يتطلب أولا ضامن التفوق الديموغرافي اليهودي، فإن الاعتراف بيهودية «إسرائيل» يعني تنازل عن حق العودة للاجئين، على اعتبار أن ممارسة هذا الحق سيهدد هذا التفوق.

وقد لا يبدو رفض نتنياهو مستهجنا لطرح كيري، حيث إن وزراءه يطالبون صباحا مساء بالشروع فورا في استغلال صعود ترامب للحكم وضم الضفة الغربية ل»إسرائيل» مرة وللأبد.

إن السؤال الذي يطرح نفسه هنا: إن كان نتنياهو يرفض عرض كيري السخي، الذي يعد صورة من صور الحلول الإقليمية، على اعتبار أن دولتين عربيتين تقيمان علاقات دبلوماسية مع «إسرائيل» شاركتا في لقاء العقبة، فلماذا يواصل التنظير لفكرة الحل الإقليمي؟ وما هي حدود الحل الإقليمي الذي يمكن أن ترضيه وترضي حكومته.

من الواضح أن الحل الإقليمي الذي يروج له نتنياهو يعني أن يتحمل العرب تبعات حل الصراع من خلال التنازل عن أرض لكي تقام عليها الدولة الفلسطينية من أجل تمكين الصهاينة من مواصلة الانفراد بالضفة الغربية. إن ما يضفي صدقية على هذا الاستنتاج هي الخطة التي يروج لها الوزير الإسرائيلي المكلف بالتعاون الإقليمي الدرزي أيوب قرا والتي تقوم على إقامة دولة فلسطينية في سيناء وغزة.

يجدر بالحكومات العربية أن تبدي أقصى درجات الحذر في التعاطي مع التوجهات الصهيونية للتسويات الإقليمية، فما يريدوه الصهاينة من هذه الحلول أن يتم إسدال الستار على الصراع دون الانسحاب من سم واحد من الأراضي المحتلة.